الرئيسية / مقالات رأي / «قانون الخدمات الرقمية»… خطوة أوروبية قوية

«قانون الخدمات الرقمية»… خطوة أوروبية قوية

بقلم: بيري شتاين – كوينتين أرييس – كات زاكريفسكي – صحيفة “الاتحاد”

الشرق اليوم – خلال الآونة الأخيرة قطع الاتحاد الأوروبي خطوة مهمة نحو إقرار تشريع قد يغيّر طريقة عمل شركات التكنولوجيا الكبيرة، ويلزمها بمراقبة المحتوى على منصاتها بفعالية أكبر، ويفرض قيوداً جديدة على الإعلانات، وغيرها من الاشتراطات. ومنحت الذراع التشريعية للتكتل المؤلف من 27 دولة موافقتها المبدئية بأغلبية ساحقة على التشريعات الكثيرة الواردة في «قانون الخدمات الرقمية» التاريخي. 

والتشريع هو أجرأ محاولة حتى الآن لتنظيم شركات التكنولوجيا الكبيرة مع تعرض الصناعة لتمحيص دولي أشد.

وقد يقدم نموذجاً للمشرعين في الولايات المتحدة الذين يعبرون أيضاً عن رغبتهم في كبح جماح الممارسات الرقمية للشركات. ويتوقع أن يناقش البرلمان الأوروبي، ومجلس الاتحاد الأوروبي- الهيئات التشريعية للتكتل – محتويات التشريع على مدار شهور قبل إقرار النسخة النهائية. والنسخة التي تمت الموافقة عليها يوم الخميس، 20 يناير الماضي، قد تجبر الشركات على إزالة محتوى يعتبر غير مشروع في البلد الذي يتم عرضه فيها، وقد يكون هذا المحتوى إنكار الهولوكوست في ألمانيا، أو تدوينات عنصرية في فرنسا.

وتوضح هذه النسخة إلى حد كبير كيفية تعامل الشركات مع المستخدمين، مما يسمح للأوروبيين بإلغاء الاشتراك في الإعلانات الموجهة بسهولة أكبر ويمنع الشركات من استهداف الإعلانات للأطفال.

وصرح كريستال شالديموس، النائب عن «يسار الوسط» من الدنمارك الذي قاد مفاوضات مشروع القانون أنه من خلال «قانون الخدمات الرقمية سنتخذ موقفاً ضد حالة انعدام القانون السائدة في العالم الرقمي، ونضع قواعد لصالح المستهلكين والمستخدمين، وليس فقط لشركات التكنولوجيا الكبيرة، وأخيراً نجعل ما هو غير مشروع خارج الإنترنت غير مشروع أيضاً على الإنترنت». وتَوجت عملية التصويت شهوراً من النقاش في البرلمان الذي يضم نحو 700 عضو منتخب. وبحث الأعضاء تضمين بند يحظر تماماً الإعلانات الاستهدافية، أي استخدام المعلومات التي يتم جمعها من سجل تصفح المستخدمين لاستهدافهم بإعلانات معينة.

ورأوا أنه يتعين منح المستخدمين إمكانية عدم اختيار أنواع معينة من التتبع عن طريق تغيير بند معين في الإعدادات في برامج التصفح. وحالياً، تسأل مواقع الإنترنت الأوروبية المستخدمين عن أنواع التتبع التي يرغبون في تعطيلها في كل مرة يزورون هذه المواقع. والتشريع قد يمنع الشركات من استخدام الحيل الخداعية لجذب المستخدمين للتسجيل، أو الدفع مقابل الخدمات والمنتجات. ويسمح للمستخدمين بسؤال الشركات عن الخصائص الشخصية، مثل العمر أو المعلومات الديموغرافية الأخرى، التي أدت إلى استهدافهم بإعلانات معينة.

وصرح كارل رايان، المتحدث باسم جوجل، أن الشركة ستدرس التشريع لفهم تأثيره. ومضى يقول إن الشركة تتفق مع البرلمان في «هدف مواصلة جعل الإنترنت أكثر أمناً للجميع، والتصويت على قانون الخدمات الرقمية يمهّد الطريق لاتفاق نهائي لاحقاً هذا العام، وهو أمر ندعمه». ولم يتسن على الفور الحصول على تعليق من فيسبوك.

ويرى جيانكلوديو مالجيري، أستاذ التكنولوجيا والقانون المساعد في معهد «EDHEC» للأعمال في فرنسا والمدير المشارك لـ «مركز الخصوصية في بروكسل» أن المستخدمين يركزون بشكل أكبر على ممارسات التكنولوجيا، وأن سمعة بعض الشركات الكبيرة قد تعرضت للضرر. ويؤكد مالجيري أن شركات مثل فيسبوك وجوجل بدأت تحسّن بعض ممارساتها المتعلقة بالإعلان والخصوصية، لكنه يرى أن التشريع الأوروبي سيجعلها أكثر عرضة للمساءلة لأنه «للمرة الأولى، لن يعتمد الأمر على ما تقرره شركات التكنولوجيا الكبرى، بل على ما هو في النصوص» أيضا. وتحلى صانعو السياسة الأوروبيون بجرأة أكبر بكثير من نظرائهم الأميركيين في التصدي لمسائل النفوذ والخصوصية لعمالقة التكنولوجيا.

وتعد «اللائحة العامة لحماية البيانات» في التكتل التي دخلت حيز التنفيذ عام 2018 واحدة من أقوى قوانين الخصوصية في العالم. فقد أثرت «اللائحة» على ممارسات شركات التكنولوجيا في جمع المعلومات حول العالم. ويتزايد تركيز الكونجرس الأميركي على فحص ممارسات عمالقة التكنولوجيا عبر جلسات استماع ومقترحات لمعالجة السلامة على الإنترنت والمنافسة في هذه الصناعة. لكن حتى الآن، لم يجر إقرار تشريع شامل خاص بالتكنولوجيا.

وسعى الديمقراطيون والجمهوريون إلى معالجة مسألة مراقبة المحتوى بإدخال تغييرات على الفصل 230 وهو درع عمره عقود يحمي الشركات من الدعاوى القضائية ضد محتوى من إبداع مستخدميها. لكن المشرعين وصلوا الآن إلى طريق مسدود. ويرى جمهوريون أن الشركات بالغت في إزالة المحتوى، ويتهمون البعض بفرض رقابة على الخطاب السياسي على الإنترنت. بينما يرى ديمقراطيون أن الشركات تتقاعس عما يجب عليها القيام به. وقد يؤثر «قانون الخدمات الرقمية» على الجهود المبذولة في الكونجرس لزيادة الشفافية في عمليات الشبكات الاجتماعية. والعام الماضي، قدمت مجموعة من أعضاء مجلس الشيوخ من الحزبين «قانون برنامج المساءلة والشفافية» يلزم الشركات بتقديم بيانات أساسية لباحثين معتمدين رسمياً.

شاهد أيضاً

بأية حال تعود الانتخابات في أمريكا!

بقلم: سمير التقي – النهار العربي الشرق اليوم- كل ثلاثة او أربعة عقود، وفي سياق …