الرئيسية / مقالات رأي / أسباب تراجع شعبية بايدن

أسباب تراجع شعبية بايدن

بقلم: سوزان ميليجان – صحيفة “البيان”

الشرق اليوم – بدأ الأمر بإعلان تلفزيوني قصير يُعلق عليه نجم السينما الأمريكي الأشهر، توم هانكس، الحائز على جائزة «أوسكار» لأحسن ممثل.

بدت نغمات صوت هانكس أثناء التعليق هادئة، مُطمئنة وإلى حدٍ ما سلطوية. جرى بث الإعلان ضمن عرض للصوت والضوء والرسوم التوضيحية أقامته «اللجنة الوطنية بالحزب الديمقراطي» خارج مقر «البيت الأبيض» في إحدى ليالي شهر يناير الجاري لاستعراض إنجازات الرئيس الأمريكي الحالي جو بايدن على مدار عام كامل، هو عمر ما مضى حتى الآن من مُدته الرئاسية، منذ أن تسلّم السلطة في يناير الماضي.

إذا كان ثمّة شعار مناسب من الممكن ظهوره كخلفية للإعلان مع صوت هانكس، فأعتقد أنه سيتكون من صورة لبايدن وهو في حالة حيرة ويصرخ مُتسائلاً: «ما خطبكم يا شعب الولايات المتحدة الأمريكية؟ لماذا لا تحبونني؟».

على الورق، لا يمكن إنكار حقيقة أن إدارة بايدن استطاعت أن تحقق بعض الإنجازات المُبهرة، ومنها على سبيل المثال خلق 6 ملايين وظيفة جديدة، وهو رقم قياسي في تاريخ الولايات المتحدة، كونه تحقق في غضون عام واحد فقط. وثمّة رقم قياسي آخر يتعلق بالتوظيف، وهو خفض معدل البطالة من 6.2% إلى 3.9% في غضون عام واحد فقط أيضاً. نتحدث أيضاً عن انخفاض معدلات الفقر والجوع بين الأطفال. وعلاوة على ذلك، يقود بايدن أول إدارة في تاريخ البلاد غالبية عناصرها من أصحاب البشرة الملونة، وهي أيضاً الإدارة الأكثر في التنوع العرقي على مدار التاريخ الأمريكي. والأهم من كل ما سبق، نجح بايدن في أن يُمرر من الكونغرس مشروع قانون بحزمة محفزات هائلة لدعم الاقتصاد الأمريكي في مواجهة التداعيات الناجمة عن تفشي جائحة «كوفيد 19»، وأيضاً خطة بميزانية عملاقة لتطوير البنية التحتية في البلاد، وهو إنجاز لطالما أخفق رؤساء أمريكيون عديدون في تحقيقه.

ولكن على الجانب الآخر، وبالرغم من كل هذه الإنجازات، تُظهر استطلاعات الرأي دوماً منذ أن دخل بايدن البيت الأبيض أن الأمريكيين لا يحبونه، أو على أدنى تقدير، لا يعتقدون أنه يؤدي عملاً جيداً. وليس أدل على ذلك من متوسط نتائج أحدث استطلاع للرأي، الذي أفاد بأن نسبة 41.7% فقط من الأمريكيين راضون عن أداء بايدن، فيما لا يشعر 53.4% منهم بالرضا عن أدائه. وعلاوة على ذلك، أفادت نتائج استبيان أجري في وقتٍ سابق من الشهر الجاري بمناسبة إتمام العام الأول لبايدن في «البيت الأبيض» أن 74% من الأمريكيين، أي ثلاثة أرباعهم تقريباً، يعتقدون أن بلادهم تُدار على نحوٍ خاطئ.

وبينما أثار الارتفاع الشديد في معدل التضخم الذي يعاني منه الأمريكيون حالياً خوف كافة المراقبين السياسيين قبل الاقتصاديين، إلا أنه من اللافت في هذا الشأن أن التراجع الحاد في شعبية بايدن من واقع استطلاعات الرأي قد بدأ منذ نهاية شهر أغسطس الماضي، قبل أن تبدأ أسعار السلع في الارتفاع.

وفي كل استطلاعات الرأي التي أظهرت ضعف شعبية بايدن، أفاد المشاركون الذين أعربوا عن سُخطهم على أداء الرئيس الأمريكي الحالي، بأن السبب الرئيس لعدم رضاهم عنه يكمن في أن سلبياته أعلى من إيجابياته، حتى فيما يتعلق بأدائه في التعامل مع «كوفيد 19»، وهو الأمر الذي لطالما اعتبره المراقبون نقطة قوة رئيسية لدى بايدن، بل يرى العديد منهم أن السبب الرئيس لنجاحه في الانتخابات الرئاسية في عام 2020 هو اقتناع الأمريكيين بأن نهجه في التعامل مع الجائحة سيكون أفضل من نهج سلفه، دونالد ترامب.

ويُعلق جويل باين، عضو «الحزب الديمقراطي»، على هذه المُفارقة قائلاً: «لقد أسقطت «كوفيد 19» فترة رئاسية، ومن الممكن أن تُسقط فترة أخرى».

ويعزو الخبراء تراجع شعبية بايدن إلى عاملين رئيسيين، يتمثل الأول في شعور الشعب الأمريكي بالإنهاك من طول أزمة «كوفيد 19» وتداعياتها من وفيات، وإغلاق، وأخيراً تضخم. ويكمن الثاني في الحقيقة التي تزداد رسوخاً على نحو تدريجي في المشهد السياسي الأمريكي، وهو الالتزام الحزبي المُفرط، فلن ينجح أي رئيس أمريكي حالي بأي حال من الأحوال في استقطاب دعم يفوق 10 – 20 % على أدنى تقدير من أعضاء الحزب المُعارض لحزبه. وتُعد هذه الحقيقة بمثابة الجوهر الحقيقي لضعف شعبية بايدن، خاصة أن الانتماء الحزبي يؤثر أيضاً في نظرة المُصوت الأمريكي لاقتصاد بلاده، وبالتالي فإن المُصوتين المنتمين إلى «الحزب الجمهوري» عندما يشاركون في استطلاعات الرأي يرون بالضرورة أن أداء الاقتصاد الأمريكي في عهد بايدن سيئ، حتى وإن لم يكن كذلك بالفعل.

شاهد أيضاً

تركيز أميركي على إبعاد الصين وروسيا عن أفغانستان!

بقلم: هدى الحسيني- الشرق الأوسطالشرق اليوم– لا شك في أن كل الأنظار تتجه إلى التطورات …