الرئيسية / مقالات رأي / بين الحسكة وديالى… “داعش” لم يعد خلايا نائمة

بين الحسكة وديالى… “داعش” لم يعد خلايا نائمة

بقلم: سميح صعب – النهار العربي 

الشرق اليوم – الهجوم الواسع الذي شنه تنظيم “داعش” على سجن غويران في مدينة الحسكة السورية الواقعة فعلياً تحت سيطرة “قوات سوريا الديموقرطية” (قسد)، التي يشكل المقاتلون الأكراد عمودها الفقري، يثبت بما لا يدع مجالاً للشك، أن التنظيم الجهادي أعاد في الأعوام الثلاثة التي تلت إعلان زوال دولة “الخلافة” التي أسسها عام 2014، تنظيم نفسه وبات أكثر قدرة على شن هجمات من النوع الذي حصل في شمال شرقي سوريا.   

هجوم الحسكة ليس الوحيد الذي يشنه التنظيم في الأشهر الأخيرة. فانطلاقاً من عمق البادية السورية، يشن “داعش” هجمات متكررة على الجيش السوري، ثم يتوارى في الصحراء الممتدة حتى الحدود العراقية. وبين الحين والآخر، يشن سلاح الجو الروسي انطلاقاً من قاعدة حميميم في اللاذقية غارات على معاقل الجهاديين التي ينطلقون منها.  

أما في مناطق سيطرة “قسد”، فإن الوضع ليس على ما يرام. إذ هناك عشرات الآلاف من المعتقلين الجهاديين في سجون عدة في شمال شرقي سوريا، أبرزها مخيم الهول الذي يؤوي أكثر من 60 ألف شخص، بينهم جهاديون أجانب، فضلاً عن زوجات مقاتلين أجانب قتلوا خلال الحرب وأولادهم، ولا تزال دولهم ترفض استردادهم. 

يعاني مخيم الهول فوضى عارمة ونقصاً في الحراسة. وتحصل عمليات اغتيال داخله يشتبه في أن عناصر التنظيم ينفذونها، وتجري عمليات فرار متكررة. وتعترف “قسد” بعدم قدرتها على السيطرة على المخيم الذي هو عملياً عبارة عن معتقل كبير. وأصدرت الأمم المتحدة أكثر من تحذير حول الوضع الأمني داخله.  

وسجن غويران ليس معداً في الأصل كي يكون سجناً. إنه عبارة عن مدرسة حوّلتها “قسد” سجناً يضم آلاف المعتقلين من “داعش”. وكذا هي أحوال بقية السجون التي تشرف عليها الإدارة الذاتية الكردية المدعومة من قوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة، في حين أن وجود الجيش السوري في المدينة يعتبر رمزياً، وكثيراً ما تحصل إشكالات بينه وبين المقاتلين الأكراد.  

إن الهجوم على سجن الحسكة يثبت بالدليل القاطع أن “داعش” عاد ليطل برأسه من جديد، وأن الكلام عن زوال التنظيم، كان سابقاً لأوانه. وفي الوقت نفسه، تبدو “قسد” غير قادرة وحدها على التعاطي مع الوضع المستجد. هذا مع العلم أن “قسد” ونحو 900 جندي أميركي يتمركزون تمركزاً رئيسياً في الحقول النفطية السورية، التي تخشى واشنطن أن يسيطر عليها الجيش السوري.  

واللافت، أنه في اليوم نفسه الذي اقتحم “داعش” سجن غويران، كان جهاديون آخرون يشنون هجوماً على موقع شديد التحصين للجيش العراقي في محافظة ديالى شرق البلاد ويقتلون 11 جندياً.   

وكما في سوريا، كذلك في العراق، ازدادت هجمات “داعش” في الأنبار وفي شمال العراق. يجري هذا بينما القوى السياسية العراقية تخوض مشاحنات في ما بينها على شكل الحكومة المقبلة: ذات “غالبية وطنية” مثلما يريد زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر الذي تصدّر انتخابات تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، أو “توافقية” مثلما يريد “الإطار التنسيقي” الذي يضم الأذرع السياسية للحشد الشعبي، ولم يحقق نتائج مرضية في الانتخابات.  

وحكماً، يتيح التناحر السياسي وتأخير ولادة الحكومة الجديدة لـ”داعش” إعادة تنظيم نفسه، بعد ثلاثة أعوام من الهزيمة. وفضلاً عن ذلك، لم تفعل الحكومة العراقية الكثير لإعادة إعمار المناطق التي دمّرتها الحرب، وفي مقدمها الموصل. وهذا ما يولّد إحباطاً لدى الناس الذين يرون بأم أعينهم المحاصصة والفساد وتوزيع المغانم على النافذين، بينما غالبية الناس تمر بمعاناة يومية وتفتقد الحد الأدنى من الخدمات اليومية والضرورية. ويؤدي هذا الأمر بطبيعة الحال إلى استياء واضح لدى المواطنين العراقيين.

بين الحسكة وديالى، مشهدان بمثابة تحذير من أن “داعش” قد يعود ليشكل خطراً حقيقياً على سوريا والعراق، وأنه لم يعد مجرد خلايا نائمة.

شاهد أيضاً

الأمل المستحيل لإسرائيل

بقلم: عاطف الغمري – صحيفة الخليج الشرق اليوم- عندما يطرح مركز بحوث أمريكي مؤيد دائماً …