الرئيسية / مقالات رأي / The Diplomat: الحكومات المحلية في كوريا الجنوبية تتفوق على المركزية!

The Diplomat: الحكومات المحلية في كوريا الجنوبية تتفوق على المركزية!

الشرق اليوم- أدى ترشّح لي جاي ميونغ للانتخابات الرئاسية في كوريا الجنوبية في عام 2022 إلى تركيز وسائل الإعلام الدولية على سجله الذي ترافق مع تقديم دخل أساسي للشباب حين كان حاكم مقاطعة “كيونغ كي”، يتساءل المراقبون السياسيون الآن عن استعداده لتبنّي سياسة شاملة وأكثر توسّعاً للدخل الأساسي إذا فاز بالرئاسة الكورية في شهر مارس المقبل.

لكن يغفل المراقبون على ما يبدو عن الدور الرائد الذي تؤديه الحكومات المحلية في كوريا الجنوبية للتوصل إلى حلول مبتكرة ومعالجة التحديات الاجتماعية.

تترسخ هذه النزعة بكل وضوح بسبب العوائق التي يواجهها القطاع التكنولوجي والحكومة المركزية، ويسمح تراجع المتطلبات التي تُسهّل تطبيق الحلول الرقمية للحكومات المحلية باستعمال الوسائل اللازمة لتوسيع نفوذها ومعالجة مجموعة متزايدة من المشاكل، وفي غضون ذلك تواجه الحكومة المركزية العقبات في معظم الأوقات نتيجة الأهداف المتضاربة التي تحول دون تطبيق تدابير غير تقليدية، مما يؤدي إلى ظهور فراغ تستطيع الحكومات المحلية سدّه.

في مقاطعة “تشونغتشينغ” الجنوبية مثلاً، تختبر الحكومة روبوتات عاملة بالذكاء الاصطناعي لمساعدة السكان المحليين على العيش وحدهم والتعامل مع مشاكلهم النفسية. تهدف هذه الخطوة إلى معالجة مشكلة تنامي عدد المصابين باضطرابات نفسية وكبح معدلات الانتحار في كوريا الجنوبية، علماً أنها الأعلى مقارنةً بالدول الأعضاء في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، فثمة حاجة كبرى إلى خدمات الصحة النفسية في مقاطعة “تشونغتشينغ” الجنوبية تحديداً لأن هذه المنطقة تسجّل أعلى معدل انتحار في البلد (أكثر من المعدل الوطني بـ8%).

في الوقت نفسه، بدأت الحكومة المركزية تستثمر بعض الموارد لمعالجة هذه المشكلة عبر الأدوات الرقمية، لكن قد تكون حكومات المقاطعات مخوّلة أكثر منها لتنفيذ برنامج تجريبي مستهدف نظراً إلى اطلاعها على تفاصيل المجتمعات المحلية، علماً أنها تتمتع أصلاً بدعم إضافي وتشمل منشآت للرعاية بالفئات الأكثر ضعفاً مثل كبار السن.

هذه النماذج التي تثبت نجاح الحكومات المحلية في تطبيق سياسات غير تقليدية لمعالجة التحديات الوطنية تمنح الحكومة المركزية فرصاً قيّمة لانتقاء أكثر السياسات العامة فاعلية وتطبيقها على المستوى الوطني.

لكن تبقى هذه الجهود المحلية محدودة على بعض المستويات، فلا يمكن معالجة المسائل التي تتجاوز صلاحيات البلديات والمقاطعات على المستوى المحلي، مهما كانت السياسات المعمول بها مبتكرة وناجحة، إذ تتعدد الأمثلة التي تدخل في هذه الخانة، منها التغير المناخي والعنف على أساس الجنس.

على صعيد آخر، قد يعجز صانعو السياسة عن استكشاف حلول جذرية أخرى نتيجة انشغالهم بتطبيق سياسات بالكاد تعالج أعراض المشاكل العميقة على المستوى الوطني. قد يؤدي برنامج الدروس الخاصة عبر الإنترنت للأولاد المنتمين إلى عائلات منخفضة الدخل مثلاً إلى تقليص الفجوة القائمة في مجال التحصيل العلمي بدرجة بسيطة، لكنّ هذه الخطوة لن تعالج المشكلة الأصلية التي تتعلق بتوسّع الفوارق الاجتماعية والاقتصادية.

تبرز في هذا المجال نقاط تشابه معينة مع التطورات الحاصلة في الولايات المتحدة، فقد شكّلت الحكومات المحلية الأمريكية بدورها ساحة لتجربة مجموعة من السياسات العامة الجذرية وغير التقليدية في السنوات الأخيرة، بدءاً من فرض حدّ أدنى للأجور يتجاوز المعيار الفدرالي بأشواط في سياتل، وصولاً إلى قرار ولاية أريزونا بفرض ضريبة محلية على أصحاب المداخيل العالية لتعزيز قطاع التعليم. تقدّم هذه البلديات وحكومات الولايات نماذج واقعية لإصلاح السياسات العامة، لكنها تحتاج إلى الدعم والتعديل كي تتبناها الحكومة الفدرالية تمهيداً لمعالجة المشاكل الاجتماعية الراسخة بطريقة جذرية، لا سيما قمع العمال المنهجي وعدم المساواة الضريبية.

في هذه الظروف، قد يصبح تطبيق التجارب المحلية في كوريا الجنوبية على المستوى الوطني نموذجاً محتملاً للأمريكيين الذين يطمحون إلى تحويل النجاحات المحلية إلى حلول وطنية شاملة.

شاهد أيضاً

إسرائيل لم تُغلق ملف الهجوم الإيراني بل افتتحت “المقايضة”!

بقلم: فارس خشان – النهار العربي الشرق اليوم- يبدو جليًّا أنّ البيت الأبيض وعد إسرائيل …