الرئيسية / مقالات رأي / استراتيجية عالمية للمواجهة

استراتيجية عالمية للمواجهة

الشرق اليوم- رغم البيانات والتصريحات المتفائلة التي تقول إن جائحة “كورونا” اقتربت من نهايتها، وإن متحور “أوميكرون” أقل خطراً رغم انتشاره السريع، إلا أن الواقع ربما لا يؤكد ذلك. فالإصابات إلى ارتفاع يومي، وبشكل جنوني، وقد وصلت حتى الآن إلى 334 مليون إصابة، وأكثر من 5.55 مليون وفاة، وأن هناك دولاً عادت إلى فرض القيود المشددة على السفر والتنقل، وأن مدناً بأكملها يتم إغلاقها من أجل احتواء انتشار الوباء.

 المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، أدهانوم جيبريسيوس، دقّ جرس الخطر مجدداً، مشيراً إلى أن “أوميكرون يواصل اكتساح العالم.. لا تخطئوا، يتسبب (أوميكرون) بدخول المستشفيات ويوقع وفيات، وحتى الحالات الأقل خطورة تُثقل كاهل مؤسسات الرعاية الصحية”.

 ليس هذا وحسب، بل إنه يؤكد أن “هذا الوباء لم ينته بعد، ونظراً إلى التفشي السريع والكبير ل(إوميكرون) حول العالم فمن المحتمل ظهور متحوّرات جديدة”، أي من المفترض الاستعداد لما هو أسوأ، وليس التراخي أو الاستسهال واعتبار أن “أوميكرون” مجرد متحوّر عادي أقل خطراً من سابقيه من المتحوّرات مثل “ألفا” و”دلتا”.

 وكالة الأدوية الأوروبية أعلنت من جهتها، أنه على الرغم من أن المرض لا يزال في مرحلة الوباء، فإن انتشار المتحوّر “أوميكرون” سيحوّل “كورونا” إلى مرض مستوطن يمكن للبشرية أن تتعلم التكيف معه.

 قد يكون “أوميكرون” أقل خطراً، لكن القول إنه فيروس بسيط فيه تضليل، ولا يستقيم مع حقيقة انتشاره، وما يسببه من مخاطر، وزيادة في الوفيات، ويضر بالإجراءات التي تتخذ لمحاصرته، والاستجابة المجتمعية لاتخاذ الاحتياطات اللازمة، من تطعيم وارتداء الكمامات والتباعد الاجتماعي.

 وقد تلقي تصريحات المدير العام لمنظمة الصحة العالمية ظلالاً من التشاؤم على واقع هذا الوباء، لكن المكاشفة والمصارحة ضروريتان من أجل المصلحة العامة، طالما أن هذا الفيروس يتمدد، ويتسع، ويوقع ضحايا يومية بالملايين، وذلك يستوجب المزيد من الحذر واليقظة والاستعداد، وتوسيع إطار التطعيم ليشمل مختلف دول العالم من دون تمييز، خصوصاً أن هناك دولاً لم تتمكن حتى الآن من تطعيم كل مواطنيها، وهو أمر ضروري لزيادة المناعة العالمية، إذ لا جدوى من أن تتمكن بعض الدول من تطعيم مواطنيها في إطار ما يعرف ب”مناعة القطيع”، بينما هناك العديد من الدول لم تتمكن، حتى الآن، من الحصول على ما يكفي سكانها من اللقاحات، خصوصاً في عالم مفتوح الحدود والأجواء، ويمكن للفيروس أن ينتقل بسهولة من مكان إلى آخر.

 أمام هذا الخطر الوجودي الذي يهدد البشرية حيث يفترض وضع استراتيجية عالمية لمواجهته، فإن الدول الكبرى تتصارع على المصالح والنفوذ، وتحشد، وتتوعد، وتهدد بحروب، من دون الأخذ في الاعتبار أنها بذلك تشارك في محنة العالم، وتقضي على كل أمل بإنقاذ كوكبنا من الفناء، والذي يواجه العديد من المخاطر البيئية والصحية.

المصدر: صحيفة الخليج

شاهد أيضاً

سوريا وروسيا.. الفرص الناشئة

بقلم: عبدالحميد توفيق- العينالشرق اليوم– تدرك موسكو أن سوريا تشكل أحد التحديات الاستراتيجية المهمة التي …