الرئيسية / مقالات رأي / البنك الدولي والجائحة والشرق الأوسط

البنك الدولي والجائحة والشرق الأوسط

بقلم: سمير مرقص – المصري اليوم

الشرق اليوم – «أثر الجائحة الفيروسية على مواطني المنطقة».
حول آثار جائحة كورونا على توزيع الدخل في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا؛ أصدر البنك الدولي تقريرًا يستعرض فيه هذه الآثار، التي طالت المواطنين في دول هذه المنطقة الممتدة: الشرق الأوسط/ شمال إفريقيا على مدى سنتي 2020 و2021. انطلق التقرير من سؤالين محوريين هما: الأول: كيف أثرت جائحة كورونا على رفاهية الأفراد والأسر في تلك المنطقة كذلك على مستوى الفقر وعدم المساواة؟ والثاني: ما القضايا الرئيسية التي ينبغي لواضعي السياسات التركيز عليها لتحقيق تعافٍ اقتصادي سريع ومستدام؟
خلص التقرير، في ضوء سؤالي البحث الأساسيين، إلى ثلاث نتائج مهمة نذكرها كما يلي: أولًا: حدوث زيادة كبيرة في معدلات الفقر. ثانيًا: اتساع رقعة عدم المساواة. ثالثًا: حدوث تغيرات في سوق العمل.. وما فاقم من تداعيات الجائحة الفيروسية وأثرها على المواطنين أنها تُعد- حسب التقرير- رابع أزمة تصيب منطقة الشرق الأوسط/ شمال إفريقيا بعد ثلاث أزمات كبيرة أصابتها على مدى العقد الثاني من الألفية الثالثة، وهي كما يلي: الانتفاضات الشعبية في مطلع العقد، وانخفاضات أسعار النفط في منتصف العقد بين سنتي 2014 و2016، وثالثًا انتفاضات نهاية العقد.. ثم حلت الكورونا كأزمة رابعة.


«من عقد الأزمات الثلاث إلى الأزمة الرابعة: العقد الفيروسي»
جاءت الكورونا، كأزمة رابعة، مع مطلع العقد الثالث من الألفية الثالثة، ولم تزل حاضرة من خلال متحوراتها المتعاقبة للسنة الثالثة من هذا العقد، الأمر الذي دفعني في كتاباتي إلى أن أصف هذا العقد بـ«العقد الفيروسي».. نعم كانت المنطقة، حسب التقرير، قبل تفشى الجائحة الفيروسية، تعاني عددًا من التحديات الاقتصادية والاجتماعية الخطيرة مثل: ارتفاع معدلات البطالة، وارتفاع معدلات العمل في السوق غير الرسمية، وتدني المعدلات السنوية للنمو الاقتصادي، وانخفاض مشاركة النساء في القوى العاملة، وصعوبة بيئة الأعمال، وقلة الوظائف الجيدة، وانعدام الأمن الغذائي.. إلخ، إلا أن أزمة جائحة كورونا تختلف عن الأزمات الأخرى التي سبقتها- حسب التقرير- وذلك «لاتساع نطاق تأثيرها وتداعياتها على توزيع الدخول التي تفاوتت فيما بين البلدان، وهو ما يرجع إلى تنوع التركيبة الاقتصادية في المنطقة ما بين بلدان واقتصادات مرتفعة الدخل، ومتوسطة الدخل، ومنخفضة الدخل، وبلدان تعتمد اعتمادًا كبيرًا على الصادرات النفطية، وأخرى تعاني مواطن ضعف مرتبطة بأوضاع الهشاشة والصراع والعنف.

«الفقراء الجدد»
لعل من أهم ما يرصده التقرير بروز ما سماه «الفقراء الجدد»؛ أو أولئك الذين لم يكونوا فقراء في الربع الأول من عام 2020، لكنهم أصبحوا فقراء منذ ذلك الحين، وفي هذا يسجل التقرير أربع رسائل رئيسية لمَن يهمه الأمر، هي بالترتيب أولًا: خلّفت جائحة كورونا آثارًا متفاوتة، إذ أثرت في الغالب على الفئات الفقيرة والأكثر احتياجًا على نحوٍ غير متناسب. وتشير النتائج التي تمخض عنها التقرير إلى: حدوث زيادة كبيرة في معدلات الفقر، واتساع التفاوتات، وظهور مجموعة من «الفقراء الجدد»، وتغيرات في سوق العمل على أساس الهامش المكثف (أو مدى الكفاءة التي يعمل بها الناس) والهامش الموسع (عدد مَن يعملون).
ثانيًا: تضاعف الأزمة نظرًا لمعاناة بعض دول المنطقة، إضافة إلى الكورونا، من التضخم، وأزمات الاقتصاد الكلي.. إلخ. ثالثًا: من المحتمل أن يؤدي التعافي إلى زيادة التفاوتات نظرًا لأن الاقتصاد غير الرسمي، حيث يعمل كثير من الأشخاص الأقل دخلًا، عادة ما يتعافى ببطء أكبر. رابعًا: سيحدث مزيد من الجوائح، إلى جانب صدمات أكبر وأكثر تواترًا تتعلق بتغير المناخ.

«نحو سياسات جديدة»
سيتعين أمام المنطقة أن تعيد تصميم سياساتها وفقًا لظروف كل بلد للحد من تصاعد مستويات الفقر وتوفير الدخل والدعم الاجتماعي لأشد الناس تضررًا. وتتركز أبرز خيارات السياسة على توسيع نطاق برامج التطعيم، وإنعاش النشاط الاقتصادي، وإعادة التفكير في نهج التعامل مع الاقتصاد غير الرسمي، وتعزيز القدرة على الصمود في وجه الصدمات في المستقبل، وتحسين جودة البيانات وشفافيتها. وإلى حد ما، تتيح هذه الأزمة للمنطقة فرصة نادرة لتصحيح الاختلالات الهيكلية، وفي الوقت ذاته مكافحة الجائحة. وتوفير حماية أفضل للمواطنين.

شاهد أيضاً

جامعات أميركا… حقائق وأبعاد

بقلم: إياد أبو شقرا- الشرق الأوسطالشرق اليوم– «الانتفاضة» التي شهدها ويشهدها عدد من الحُرم الجامعية …