الرئيسية / مقالات رأي / مفتاح نيلسون مانديلا

مفتاح نيلسون مانديلا

بقلم: حسن مدن – صحيفة “الخليج”

الشرق اليوم – المفتاح موضوع الحديث ليس مفتاح المنزل الذي عاش فيه الزعيم الجنوب إفريقي نيلسون مانديلا، قبل سجنه أو بعد خروجه من السجن، ولا مفتاح خزانة عائدة له أو حقيبة، وإنما تحديداً مفتاح زنزانة قضى فيها ثمانية عشر عاماً متواصلة، من مجموع سبعة وعشرين عاماً أفناها من حياته سجيناً، ضريبة قيادته لنضال شعبه ضد نظام الفصل العنصري، وهو النضال الذي تُوّج، بعد تضحيات جسام، بالنصر المبين.

مفتاح مثل هذا له أهمية رمزية في سيرة مانديلا وفي المسيرة الكفاحية لشعبه، وإذا كان من مكان يجب أن يحفظ فيه، فلن يكون أفضل من متحف وطني في جنوب إفريقيا نفسها، وفاء لذكرى الرجل وتقديراً لتضحياته، وتذكاراً للأجيال القادمة بمرحلة مؤلمة من تاريخ البلد، يجب ألا تنسى لا من باب الذكرى وحدها، وإنما أساساً من باب العظة والدرس.

لكن هذا المفتاح لم يعد في جنوب إفريقيا. لا أحد يعرف كيف أصبح في عهدة دار مزادات عالمية، كانت بصدد تنظيم مزاد لبيعه، ما أثار احتجاج السلطات والناس في جنوب إفريقيا، وجاء في احتجاج حكومة جنوب إفريقيا على تنظيم المزاد أن الجهة المنظمة له لم تحصل على التراخيص اللازمة لبيع المفتاح، مما حمل هذه الجهة على إرجاء، وليس إلغاء المزاد، الذي كان مقرراً أن يقام قبل يومين.

جزيرة روبن الواقعة قبالة كيب تاون، والتي تقع فيها الزنزانة التي كان مقرراً بيع مفتاحها، تعتبر اليوم موقعاً تراثياً بعد إدراجها على قائمة التراث العالمي، كرمز مهم لمحاربة القمع في عصر الفصل العنصري، ولم يكن مفتاح زنزانة مانديلا في سجن الجزيرة التي قضى فيها ثمانية عشر عاماً، هو وحده ما كان سيعرض في المزاد الذي كانت دار المزادات الأمريكية تنوي إقامته، فبالإضافة إليه، كان سيعرض قميص اشتُهر مانديلا بارتدائه ونظارات شمسية وأقلام استخدمها في التواقيع الرسمية.

وزير الثقافة في جنوب إفريقيا طالب بكشف الملابسات التي أدت إلى وصول مفتاح زنزانة مانديلا إلى دار المزادات الأمريكية، التي تزعم أنها حصلت عليه عن طريق حارس سابق لمانديلا، وقال الوزير إن بلاده ستقاتل من أجل استعادة المفتاح، الذي ربما لا يكون سوى نسخة من المفتاح الأصلي، الذي يعتقد أنه لا يزال موجوداً في جنوب إفريقيا.

أطلق سراح مانديلا في 11  فبراير/شباط 1990، وفي أول انتخابات أجريت بعد القضاء على نظام الفصل العنصري اختير رئيساً للبلاد، ومع أنه ما كان بوسع أحد أن ينازعه في «الشرعية التاريخية» لو اختار أن يبقى رئيساً حتى وفاته، فإنه آثر ألا يترشح ثانية، معطياً درساً بليغاً يضاف إلى رصيده كإنسان وكزعيم.

شاهد أيضاً

إسرائيل تختار الصفقة بدلاً من الرد الاستعراضي

بقلم: علي حمادة – صحيفة النهار العربي الشرق اليوم– تجنبت ايران رداً إسرائيلياً استعراضياً يفرغ …