الرئيسية / مقالات رأي / ما الذي يحدث في كازاخستان؟

ما الذي يحدث في كازاخستان؟

بقلم: د. عبدالله بن عبدالمحسن الفرج – صحيفة “الرياض”

الشرق اليوم – تحول كازاخستان البلد الهادئ المستقر فجأة إلى بلد تعمه الإضرابات، حيث تبسط أجهزة الإعلام ما حدث بارتفاع أسعار الوقود، ولكن ما ذلك، إلا قمة جبل الجليد الطافية، في حين أن الأسباب التي أدت إلى ذلك هي أعمق وأبعد من ذلك بكثير. ولذلك، دعونا في هذه السطور القليلة نناقش الموضوع.

وبادئ ذي بدء تجدر الإشارة إلى أن الاحتجاجات تحركها دوافع سياسية أكثر من كونها اقتصادية، وإلا لعاد الهدوء بعد القرار الذي اتخذه الرئيس بالتخلي عن رفع الأسعار الذي أقرته الحكومة. فنحن أمام مشهد يعيد بالذاكرة إلى الثورات الملونة التي حدثت في الفضاء السوفيتي كجورجيا وأوكرانيا، بل إنه أقرب لما حدث في تشيكوسلوفاكيا عام 1968، الذي على أثره تدخلت قوات حلف وارسو، وفرضت النظام من جديد. ولذلك، فإن قوات تحالف «منظمة معاهدة الأمن الجماعي»، التي تضم بالإضافة إلى كازاخستان كل من روسيا وروسيا البيضاء وأرمينيا وقرغيزيا وطاجاكستان، توجهت، بطلب من كازاخستان، للمساعدة في فرض النظام في هذا البلد.

إن كازاخستان من البلدان المهمة في الفضاء السوفيتي. فهو أكبر هذه البلدان مساحة بعد روسيا 2,717,300 كم مربع، وأكثرها غنى بالموارد الطبيعية. فاحتياطات النفط فيه وصلت عام 2019 إلى 30 مليار برميل، والغاز إلى 2.7 ترليون متر مكعب. ولذلك، فإن كازاخستان، أحد أعضاء تجمع أوبك+، تلعب دوراً لا يستهان به في استقرار أسعار النفط.

طبعاً المشكلات التي يعاني منها هذا البلد ليست قليلة، ولكن في هذا الوقت العصيب لبلد صديق لبلدنا، لن أركز على النقاط الحساسة، وأكتفي بالإشارة إلى التركيبة السكانية الشابة لكازاخستان. فهذه واحدة من المشكلات التي أدت لما نراه الآن. ففي هذا البلد تبلغ نسبة الفئات العمرية من 15 عاماً إلى 64 عاماً نحو 66 % من السكان. فهذه النسبة المرتفعة تعمل أحياناً بمثابة القنبلة الموقوتة، لأن هذه هي الفئة القادرة على العمل، تحتاج إلى اقتصاد معدلات نموه مرتفعة حتى يتسنى لها التوظيف وعدم الوقوع في البطالة.

ولذلك، فإن الظروف في كازاخستان مهيأة، في ظل ارتفاع الفارق بين مداخيل الفئات الغنية والفئات قليلة الدخل إلى أكثر من أربع مرات، إلى الاستغلال والتدخل من قبل القوى الخارجية التي يزعجها النهج المستقل لهذا البلد، الذي يحاول أن يوازن بين مصالح الدول العظمى وعلى رأسها جارتيه روسيا والصين. ولكن هذا، ربما يكون، هو بالضبط ما لا يعجب الفضاءات الاقتصادية والسياسية المنافسة، التي ترغب في أن تحصل على وزن أكثر من غيرها في هذا البلد الغني بالثروات.

شاهد أيضاً

الأمل المستحيل لإسرائيل

بقلم: عاطف الغمري – صحيفة الخليج الشرق اليوم- عندما يطرح مركز بحوث أمريكي مؤيد دائماً …