الرئيسية / مقالات رأي / في الذكرى الأولى للهجوم على “الكابيتول”

في الذكرى الأولى للهجوم على “الكابيتول”

بقلم: جيفري كمب – صحيفة الاتحاد

الشرق اليوم- في 6 يناير شهدت الولايات المتحدة الذكرى السنوية الأولى للهجوم على مقر الكونجرس (الكابيتول) من قبل أنصار الرئيس السابق دونالد ترامب، وما عرفه ذلك اليوم من فوضى وعنف شكّلا إساءة بالغةً للديمقراطية الأمريكية. كان ذلك أسوأ هجوم على مبنى الكابيتول منذ حرب 1812-1814 عندما دمّر جنود بريطانيون المبنى في 24 أغسطس 1814.

خلال الأيام الأولى التي أعقبت هجوم 6 يناير 2021 بدا أن هناك رفضاً واستهجاناً لما جرى من كلا الحزبين، وشمل ذلك كلمات تنديد قوية صدرت عن قادة “جمهوريين” في الكونجرس، مثل كيفن ماكارثي في مجلس النواب، وكذلك ميتش ماكونيل الزعيم الجمهوري في مجلس الشيوخ، إذ حمّل كلا الرجلين ترامب مسؤوليةَ التحريض على التمرد والامتناع عن فعل ما في وسعه لوقف العنف. وكان من المؤمّل أن تساعد صدمة ذاك الهجوم غير المسبوق في التخفيف من حالة التعصب الحزبي الحادة والمريرة التي تستشري في البلد، والتي كانت قد بلغت أوجّها مع هزيمة دونالد ترامب في صناديق الاقتراع في انتخابات نوفمبر 2020 الرئاسية.

مقاطع الفيديو المنشورة لأعمال العنف التي وقعت ذاك اليوم، أظهرت بشكل مفصل جداً حجم الأضرار التي لحقت بمبنى الكابيتول التاريخي، بما في ذلك مكاتب أعضاء الكونجرس ودعوات المهاجمين إلى “شنق مايك بانس”، نائب الرئيس ترامب، الذي كان يترأس الإعلان عن النتيجة الرسمية للانتخابات وتسمية بايدن رئيساً جديداً للبلاد في جلسة مشتركة لمجلسي الكونجرس في ذاك اليوم.

غير أنه خلال الأيام التي أعقبت التمرد والتنصيب الرسمي لبايدن في 20 يناير 2021 أصبح واضحاً أن ترامب وعدداً متزايداً من أوفى أنصاره يلحون على أن التمرد كان سلمياً وأنه لا يوجد ما يدعو للاعتذار. وبدلاً من ذلك، صبّوا جام غضبهم على أولئك الأعضاء في حزبهم الذين تجرأوا على التنديد بترامب وما فتئوا يؤكدون الآن على أن الانتخابات سُرقت. وشملت قائمة أهدافهم قياديين جمهوريين. وفي ظرف أيام قليلة، ندم كيفن مكارثي على موقفه السابق وقام بزيارة ترامب في منتجع “مار آ لاجو” بولاية فلوريدا للإشارة إلى أنه ما زال يدعم الرئيس السابق. غير أن هذا لا ينطبق على ليز تشيني، القيادية الجمهورية الثالثة من حيث الأهمية في مجلس النواب وابنة وزير الدفاع السابق ونائب الرئيس ديك تشيني. فعلى مدى أشهر، تصاعد الغضب تجاه تشيني قبل تنحيتها من مركزها في نهاية المطاف وإعفائها من مهامها كثالث أسمى قيادية جمهورية في مجلس النواب. ومما زاد الطين بلةً بالنسبة للقاعدة الجمهورية أنها وافقت وزميلاً آخر لها، هو آدم كينزينجر، على عضوية لجنة من كلا الحزبين تتألف من الديمقراطيين بشكل رئيسي لإجراء تحقيق شامل في الأحداث التي أفضت إلى التمرد.

بعد عام على ذلك، يبدو البلد منقسماً بشكل لا رجعة فيه بشأن التحقيق وحالة البلاد، إذ يشير عدد من استطلاعات الرأي الموثوقة إلى أن أغلبية من الجمهوريين باتت تقر الآن بادعاء ترامب بأن الانتخابات “سُرقت وكانت مزورة”. وفي هذا الإطار، أظهر استطلاع رأي أجرته قناة “سي إن إن” أن 36% من الأمريكيين لا يصدقون أن بايدن فاز في الانتخابات. وبين الجمهوريين يرتفع هذا العدد إلى 78%. وكان استطلاع رأي لمؤسسة “بي بي إس” الإعلامية وكلية “ماريست” قد خلص في أكتوبر الماضي إلى أن 34% فقط من الجمهوريين يعتقدون أن الانتخابات كانت نزيهة وأن 75% يعتقدون أن الحالات الحقيقية للتزوير هي التي أدت إلى فوز بايدن. هذا في حين يعتقد 2% فقط من الديمقراطيين هذا الأمر.

الاعتقاد القوي بأن الانتخابات سُرقت أدى إلى إدخال عشرات القوانين الانتخابية الجديدة من قبل الجمهوريين في الولايات المتأرجحة، وهي قوانين تقوّي مسؤولي الأحزاب وتمنحهم السلطة، بدلاً من منحها لموظفي انتخابات مدرَّبين، للإشراف على عملية الفرز والإحصاء والإعلان عن نتائج الانتخابات المقبلة. ولعل الأكثر إخافةً هو استطلاع رأي حديث لـ”معهد المشروع الأمريكي” في واشنطن يشير إلى أن 39% من الجمهوريين متفقون على أنه إذا رفض المسؤولون الانتخابيون حماية أمريكا، فإن الشعب ينبغي أن يقوم بذلك بنفسه، حتى إذا تطلب ذلك عملاً عنيفاً. وبالتالي، فلا غرو أن الكثير من الأمريكيين يرون الآن أن مستقبل الديمقراطية الأميركية بات مهدَّداً، وهو شعور غير مسبوق حتى خلال رئاستي جورج دبليو بوش وباراك أوباما المضطربتين!

شاهد أيضاً

إنصاف «الأونروا»

بقلم: وليد عثمان – صحيفة الخليج الشرق اليوم- لم تكن براءة وكالة الأمم المتحدة لغوث …