الرئيسية / مقالات رأي / تداعيات على بوابة السنة الجديدة

تداعيات على بوابة السنة الجديدة

بقلم: مالك عثامنة – موقع الحرة

الشرق اليوم- (لكنها تدور).. عبارة تم نسبتها إلى غاليليو غالي، العالم الإيطالي الذي أكد “علميا” دوران الأرض حول الشمس، مخالفا السائد في زمانه بأن الأرض هي مركز الكون!
العبارة قالها الرجل بعد محاكمته وإدانته وإجباره على سحب قناعاته العلمية فتمتم بعد ذلك بتلك العبارة التي يؤكد فيها أن الأرض تدور حول الشمس.

هذا الدوران هو الذي نسميه مع كل اكتمال له برأس السنة، لنودع سنة ونستقبل عاما جديدا في تقويمنا الميلادي.

الدوران تحصيل حاصل في سياق حركة كونية أكبر بكثير من مجموعتنا الشمسية كلها، لكننا بشر في النهاية، ونتميز عن باقي المخلوقات “التي نعرفها” بأننا محملون بالأمنيات، ومحكومون دوما بالأمل.

ولعل أكثر أمنية رومانسية متكررة كل عام عند بني البشر، هو أن يعم السلام في عالمنا!! لكننا كبشر أيضا ننسى أن الدوران المستمر للأرض حول الشمس وكل تلك الحركة الكونية ليس لها أي علاقة بسلامنا “العالمي” فنحن – كبشر- من نصنع أزماتنا وحروبنا وكوارثنا.

من وجهة نظر الطبيعة، فلا فرق بين كوكبنا الساخن بأحداثنا وكوكب غير مأهول وبارد مثل المشتري، ورأس السنة الميلادية تقويم زمني وضعناه ضمن عدة فهارس تقويمية للقياس حسب معاييرنا نحن لا معايير الكون.

في السياسة، يتمنى الجميع – حتى بعض السياسيين- عاما مليئا بالحلول الجديدة ليعم ذلك السلام الذي نبحث عنه منذ أول حرب في التاريخ! 

في بقعة تم تسميتها بالشرق الأوسط، وهو شرق أخذ موقعه الأوسط على كوكب كروي حسب رؤية بشرية في المقاييس، وفي تلك البقعة هناك إعادة نظر جديدة بمقاييس بشرية أيضا بأن التسمية يجب أن تتغير إلى “شرق المتوسط”، نسبة إلى بحر تم تسميته بلون أبيض وتوسيطه بين بحار الكوكب الكروي ذاته.

في تلك البقعة “شرق المتوسط” أو أوسط الشرق، تتوالد الأزمات منذ بداية التاريخ البشري المعروف، كما توالدت الآلهة التي يفترض أنها خلقت الكون الأكبر كله، والمفارقة انها آلهة متنازع عليها، وتتنازع فيما بينها لإثبات حضورها السيادي وأيضا ضمن مقاييس بشرية بحتة.

لقد تم ابتكار “المقدس” أول مرة في تلك البقعة.

واليوم، مع رحيل عام ٢٠٢١، ودخولنا بالتقويم الذي ابتكرناه بمقاييسنا إلى عام ٢٠٢٢، لا نزال نحمل تلك الأرقام المفهرسة والمجدولة بنظام حسابي مدهش أمنياتنا بسلام يعم المنطقة.

عام ٢٠٢٢ افتراض مجدول لتنظيم الزمن، ولا يملك حاسة السمع ولا الإدراك، لكن الجيد أن أمنياتنا تحمل إرادة ما “بالحد الأدنى” بالتغيير، وهي إرادة متكررة مع كل دورة شمسية في نظام كوني لا يتدخل بكل حماقاتنا الإنسانية.

في شرق المتوسط – قيد التشكيل- انتهت البشرية من استخدام النفط، ودخلت عصر ثورة تكنولوجيا المعلومات، واكتشفت أنها قادرة على تطويع الغاز كطاقة بديلة عن النفط، غير أنواع ومصادر أخرى لطاقة متجددة من بينها الشمس، التي ندور حولها بانتظام.

في شرق المتوسط، ومع بداية دورة شمسية جديدة، تعيد العلاقات الدولية إعادة تموضعها من جديد حسب معطيات الغاز والثورة المعلوماتية، مما يعني إعادة رؤية للأزمات من زوايا جديدة مختلفة عن كل ما سبق فيما كنا نعرفه بالشرق الأوسط.

حسنا، فلنضع الأمنيات على جدول أعمال حقيقي وعملي وواقعي، ولا بأس أن نستخدم مقاييس دوران الأرض حول الشمس كنقطة بداية جديدة لرؤى جديدة ونبحث عن حلول لعلنا نجد بعضا من السلام الذي لم نجده يوما في كوكبنا عموما وفي ذلك الشرق البائس حيث توالدت الآلهة وتناسلت المقدسات.

نحن أمام استحقاقات متراكمة من الحلول التي وضعناها ولم تعش طويلا. هل يعقل ألا نجد حلا نهائيا على الأقل في ذلك المشرق البائس وقد دخلنا عصرا خرافي التصديق في تكنولوجيا المعلومات.

لقد تلقت البشرية في ذروة تقدمها العلمي والمعرفي الأخيرة صفعة مؤلمة عبر فيروس متناهي الصغر يتماهى مع عصر النانو الذي نعيشه، وقمنا بتسميته عدة تسميات : كورونا، كوفيد، دلتا، أوميكرون إلخ.

وهي تسميات لا يكترث لها الفيروس نفسه، لكنه موجود ويهدد كل البشرية التي تقاومه بالمعرفة والعلم.

أليس من العبث أن نستمر في تكرار التمنيات لعالم يعمه السلام ونطلق الألعاب النارية في خلفية المشهد ثم نعود بعد الاحتفال “بدوران الأرض حول الشمس” إلى ارتكاب كل حماقاتنا ونخلق لها المبررات “المقدسة” و “الوطنية”.

ببساطة..ورغم كل شيء: فهي لا تزال تدور.

شاهد أيضاً

جامعات أميركا… حقائق وأبعاد

بقلم: إياد أبو شقرا- الشرق الأوسطالشرق اليوم– «الانتفاضة» التي شهدها ويشهدها عدد من الحُرم الجامعية …