الرئيسية / مقالات رأي / 2022.. وجيوبولتيك العالم المتغيّر

2022.. وجيوبولتيك العالم المتغيّر

بقلم: إميل أمين – صحيفة “الاتحاد”

الشرق اليوم – مع ظهور هذه الكلمات للنور يكون العالم في ساعاته الأولى من عام جديد، ندعو الله أن يكون عامَ خير وسلام على جميع المسكونة وساكنيها أول الأمر.

وفي البداية تكثر التساؤلات عن مسارات ومساقات هذا العام، والذي ورث تحركاً جيوبوليتيكاً كبيراً من العام الماضي، وكيف للجغرافيا السياسية أن تشكل ملامح ومعالم البشرية، وبخاصة في ظل الملفات المفتوحة وما يعتريها من قلق واضح.

لعل أول وأهم ملف يواجه القوى الكبرى، هو ملف العلاقات بين «الناتو» من جهة، ودول آسيا الشرقية من جهة ثانية. ويبدو الملف الأوكراني واجهة للصراع القائم والقادم معاً.

ليس سراً أن حلف شمال الأطلسي تبدو شهيته مفتوحة للتمدد شرقاً، وهو الأمر الذي لم ينكره أمين عام الحلف «أندرس فوغ راسموسن». وقبل نحو شهرين، خُيّل للعالم أن الصراع الجيوبولتيكي، يكاد ينفلت من عقاله، وبدا وكأن الحشود على حدود روسيا مع أوكرانيا تنذر بصراع إقليمي كبير، لن ينفك أن يضحى مواجهة عالمية.

ولعل الذين تابعوا المؤتمر الصحفي الأخير للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، يوقنون أن سيد الكرملين لا مجال لاختباره، فهو حازم وحاسم مرة واحدة، وفي مواجهة أي تحركات عسكرية للناتو بالقرب من حدود بلاده، في محاولة لتغيير وجه بولتيك المنطقة والعالم، سيكون مهيئاً للقيام بردات فعل عنيفة، ما يعني أن سلام العالم مُعرّض لمواجهة كونية شاملة.

في الصورة الدولية تغيران مثيران، الأول خاص بالموقف الأميركي، والذي يبدو أنه اضطر بشكل أو بآخر إلى تغيير استراتيجيته، في ظل الموقف الروسي، حتى وإنْ كان تغيراً مؤقتاً لحين تدبر أمره، وتفضيل الحوار مع موسكو حول شروطها الأمنية، الأمر الذي يؤكد صحة مقولة رئيس وزراء بريطانيا العتيد ونستون تشرشل:«أنت لا يمكنك أن تفاوض إلى مدى أبعد مما تصل إليه نيران مدافعك».

والثاني خاص بتعزيز التعاون الروسي – الصيني، كمسار لمواجهة الضغوط الأميركية المتزايدة، وقطع الطريق على واشنطن التي تحاول تكرار سيناريو وضع العصا بين دواليب بكين وموسكو، كما حدث خلال الحرب الباردة، بدءاً من سبعينيات القرن الماضي.

هنا لا يعني التعاون بين القطبين الآسيويين أن الحياة والتفاهم بينهما سخاء رخاء، فهناك من الخلافات التاريخية والمخاوف القطبية، ما يجعل كليهما متحفزاً ومتربصاً للآخر، لكن بصورة أو بأخرى تبدو المصلحة المشتركة بينهما في اللحظة الراهنة، متقدمة على أي عقبات، ويقينهما أن المواجهة الثنائية والتنسيق المشترك، أنفع وأرفع من العمل الأحادي.

ضمن جيولبتيك العالم في العام الجديد، نجد القارة الأوروبية حائرة ومضطربة، بين امتداد جغرافي تاريخي، يحتم تنسيقاً مع القوى الآسيوية، وبين علاقات وروابط قديمة ومحدثه مع الولايات المتحدة.

يكفي المرء أن يتطلع إلى ملف الغاز، ما بين روسيا التي تمنع وتمنح، وبين واشنطن التي ترى في أوروبا سوقاً لسلعتها، ما يدفع الأوروبيين للتساؤل عن تحالفاتهم المستقبلية وعلاقاتهم الاستراتيجية.

حكماً سيشهد العام الجديد تطورات على صعيد تغيرين جيوبوليتكيين، أحدهما موصول بحلف «أوكوس» الممتد إلى أقصى مياه المحيط الهادئ، والثاني تجمع «كواد» والاثنان هدفهما الرئيس حصار الصين أولاً، ومشاغبة روسيا لو أمكن. هل هو عام القلاقل الجيوبوليتيكية؟

شاهد أيضاً

لبنان- إسرائيل: لا عودة الى ما قبل “طوفان الأقصى”

بقلم: علي حمادة- النهار العربيالشرق اليوم– تسربت معلومات دبلوماسية غربية الى مسؤولين لبنانيين كبار تشير …