الرئيسية / مقالات رأي / في وداع 2021

في وداع 2021

الشرق اليوم- لم تتبق إلا ساعات قليلة قبل أن يغادر عام 2021، إلى مكانه في الذاكرة بكل أحداثه الصغيرة والكبيرة، ويبدأ العالم احتفالاته المفعمة بالأمل والرجاء بميلاد عام جديد من عمر الإنسانية والكون. ولن يكون من السهل علينا نسيان أحداث العام الماضي، فقد كان عاماً مثقلاً بالتحولات المهمة والكبيرة، حملت بعض أحداثه أقداراً كبيرة من الألم وزعزعة الثقة والخوف من المجهول، بينما كانت أحداث أخرى مبعثاً للسعادة والفأل الحسن. ولم يكن أبداً عاماً محايداً أو متوسط التأثير.

ومن بين أبرز الأحداث التي شهدها عالمنا، هدوء الأوضاع على جبهة فيروس كورونا الذي أمسك بتلابيب العالم طوال العامين الماضيين. فقد أجازت منظمة الصحة العالمية في أول أيام العام الذي نودّعه استخدام اللقاح المضاد للفيروس، لتنطلق حملات التطعيم في العالم كله للوصول إلى نسبة الحصانة التي أوقفت زحف الفيروس في العديد من الدول والمجتمعات. وعلى الرغم من الانتكاسة التي حدثت في الهند وأعادت إلى الذاكرة مشاهد مروّعة لهجوم الفيروس الفتاك، فإن تلك المشاهد لم تستمر طويلاً مع استمرار حملات التطعيم وظهور أنواع جديدة من اللقاحات، قبل أن ينتقل العالم إلى مرحلة السيطرة التامة على الوباء.

تزايد الاهتمام الدولي بظاهرة الاحتباس الحراري بدرجة متوازية على مستوى النخب والخبراء، وعلى مستوى الشعوب والمجتمعات المحلية في عام 2021، بعد أن أظهر المناخ أنيابه بشكل بارز خلال هذا العام، ولاحق دولاً عديدة وشعوباً مختلفة على شكل موجات جفاف وقحط في سوريا والعراق، وأجزاء من القارة الإفريقية، وتمظهرت أخطاره أيضاً في الفيضانات والسيول والأعاصير والعواصف الثلجية التي انطلقت في غير مواعيدها المعروفة بدرجة تدمير أكبر بكثير مما كان يحدث سابقاً.

على المستوى السياسي، شكّل تصاعد الأزمة بين الغرب وروسيا على حدود أوكرانيا، تهديداً جدياً للاستقرار والسلام العالميين، بعدما تضمنت الاستفزازات المتبادلة تهديداً مبطناً بإعلان حرب نووية بين المتصارعين، غير أن الدبلوماسية نجحت في نهاية الأمر في احتواء التصعيد، ووضع الخلافات على مسار الحوار السياسي.

وفجّر الانسحاب الأمريكي المفاجئ من أفغانستان وعودة حركة طالبان إلى السلطة، أسئلة صعبة حول مستقبل الاستقرار في هذه المنطقة من العالم. ومع نهاية العام أيضاً، انتهت المسيرة السياسية للمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل التي ظلت على مدار 17 عاماً من زعامتها، رمزاً للاعتدال و”أنسنة” السياسة في مقابل جموح اليمين الأوروبي المتطرف.

وشهد العام كذلك، تمدداً لجماعات الإرهاب العنيف في دول تقع في قلب القارة الإفريقية، وهو أمر سيحتاج إلى تعاون دولي وإقليمي أوسع نطاقاً، لتحجيمه والقضاء عليه في العام الجديد.

على صعيد الأحداث السياسية في عالمنا العربي، فقد قدم العراق قصة نجاح عبر إنجاز انتخابات نزيهة وشفافة، على الرغم من الأحداث المؤسفة التي أعقبت إعلان النتائج والتي لا يزال يتعين معالجتها بالحكمة والروّية، وتقدمت ليبيا أيضاً باتجاه التطبيع السياسي وإجراء الانتخابات في عملية واجهتها بعض العراقيل، بينما وقع لبنان والسودان ضحية لسوء الطالع، وربما تنتظرهما أيام أفضل في العام الجديد، بمعاونة الأصدقاء والأشقاء.

شاهد أيضاً

إيران وإسرائيل… الحرب والحديث المرجّم

بقلم عبد الله العتيبي – صحيفة الشرق الأوسط الشرق اليوم- ضعف أميركا – سياسياً لا …