الرئيسية / مقالات رأي / روسيا وأميركا تفادتا أزمة “صواريخ كوبيّة” جديدة؟

روسيا وأميركا تفادتا أزمة “صواريخ كوبيّة” جديدة؟

بقلم: أسعد عبود – النهار العربي

الشرق اليوم – الحشد العسكري الروسي على حدود أوكرانيا، كان بمثابة رسالة غير مشفرة للولايات المتحدة: إن مزيداً من زحف حلف شمال الأطلسي نحو حدودنا الشرقية سيجابه برد عسكري روسي لا هوادة فيه، يشمل حتى تحريك الأسلحة النووية إلى بيلاروسيا إذا نشرت أميركا في بولونيا وجمهوريات البلطيق، صواريخ قادرة على الوصول إلى موسكو.

أراد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن يقول للعالم إن أوروبا تتجه إلى ما يشبه الأزمة الكوبية في أوائل الستينات من القرن الماضي، عندما أعلنت الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي الاستنفار النووي، بعد نشر موسكو صواريخ نووية في كوبا على بعد مئات الأميال من فلوريدا. فهل العالم المنشغل بالوباء اليوم، مستعد الآن لخوض غمار أزمة صواريخ جديدة أو حتى تحمّل حرب تقليدية فوق التراب الأوروبي، من أجل ضم أوكرانيا إلى الأطلسي؟

حسناً فعل الرئيس الأميركي جو بايدن الذي تلقف الاقتراح الروسي بإجراء مفاوضات روسية – أميركية، تفضي إلى اتفاق أمني في شأن تمدد حلف الأطلسي نحو الحدود الروسية.

والبديل من المفاوضات كان سيقود حتماً إلى مزيد من التصعيد المفضي إلى نشوب حرب وحدوث الأسوأ. وعندما تتعلق المسألة بمواجهة بين قوتين نوويتين، لا بديل من الحوار من أجل نزع فتيل الاشتعال. هكذا حدث في كوبا عندما اتخذ الرئيس الأميركي وقتذاك جون إف كينيدي والزعيم السوفياتي نيكيتا خروتشوف، قراراً جريئاً بخفض التصعيد واللجوء إلى الحوار في ذروة الحرب الباردة.

وما يجري اليوم بين أميركا وروسيا لا يقل عن حرب باردة أخرى، تستوجب تفعيل الخط الساخن من أجل منع حصول خطأ في الحسابات يمكن أن يقود إلى نتائج كارثية. وعندما أظهرت واشنطن مرونة في موقفها، تبع ذلك ليونة أوروبية، وحتى الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلنسكي اضطر إلى خلع بزته العسكرية وبدء الحديث عن ضرورة اللقاء مع فلاديمير بوتين، للبحث في القضايا العالقة بين البلدين، من القرم إلى الدونباس.

كيف انعكس القرار الأميركي – الروسي ببدء حوار اعتباراً من كانون الثاني (يناير) المقبل؟ الزعماء الأوروبيون بدأوا في اتخاذ قرارات أكثر اعتدالاً من المستشار الألماني الجديد أولاف شولتس، إلى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون. وكان لافتاً تصريح وزير الخارجية الفرنسي جان-إيف لودريان الذي قال إن فرنسا لا تريد حرباً باردة مع روسيا. وغابت في الوقت نفسه المواقف النارية للأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ، الذي يؤكد في كل مناسبة أن الحلف لن يترك أوكرانيا، وبأنه ليس من حق روسيا وضع خط أحمر على انضمام كييف إلى حلف الأطلسي. وهذه لغة أقل ما يقال فيها إنها تقفز فوق الواقع السياسي في أوروبا، وتتجاهل حقائق جيوسياسية بين روسيا وأوكرانيا. وليس بالضرورة أن تكون كييف تابعة لموسكو، لكن ليس بالضرورة أيضاً أن تكون أوكرانيا معادية لروسيا.

ويمكن الولايات المتحدة وروسيا أن تتوصلا إلى حل في هذا الشأن، بما يضمن سيادة أوكرانيا وعدم تهديد أمن روسيا في الوقت نفسه.

إن التعهدات الغربية بالدفاع عن أوكرانيا تحدث مفعولاً عكسياً في روسيا التي هي أقرب إلى كييف تاريخياً وثقافياً. والانضمام إلى الأطلسي، تنظر إليه موسكو كتهديد عسكري مباشر لروسيا. ولذلك، أخذ بوتين الأمور إلى حافة الهاوية، وحشد أكثر من مئة ألف عسكري في وضعية هجومية، كي يبعث برسالة لا لبس فيها، وهي أن الانضمام إلى الأطلسي إن حدث، فإنه سيطلق شرارة حرب لا يمكن التنبؤ بما ستقود إليه. وفي الوقت نفسه، حرص على إبداء النية في الحوار من أجل التوصل إلى تفاهم أمني ينزع فتيل الأزمة.

شاهد أيضاً

رهان أمريكا على الهدنة

بقلم: يونس السيد – صحيفة الخليج الشرق اليوم- فرضت غزة نفسها بقوة على صانع القرار …