الرئيسية / مقالات رأي / لبنان على مفترق طرق

لبنان على مفترق طرق

افتتاحية صحيفة “الخليج”

الشرق اليوم – ما بين تبشير رئيس مجلس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي بإمكانية لمّ شمل الحكومة العاجزة عن الاجتماع منذ 12 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وإيحائه بأن المبادرات مؤجلة إلى ما بعد عطلة الأعياد، وما بين تشاؤم القادة السياسيين وتوقعات أعلى هرم السلطة بأن لبنان يحتاج إلى سنوات طويلة للخروج من الأزمات التي تعصف به منذ سنوات، يقف لبنان حائراً على مفترق طرق، معلقاً بين الآمال والآلام؛ لعدم قدرته على رسم الطريق الذي سيؤمّن له طوق النجاة.

ربما يكون سبب هذه الحيرة غياب البوصلة، وعدم وجود خريطة طريق تقود إلى الخلاص من هذه الأزمات، لكن هذا الغياب لا يعبر عن عدم قدرة اللبنانيين على وضع الحلول اللازمة لأزماتهم، وإنما يعود إلى الفساد المستشري لدى الطبقة السياسية، وغرق القادة السياسيين في الانقسام والخلافات ومحاولات الانتقام بين بعضهم، وتغليب المصالح الفئوية والطائفية على حساب الوطن والشعب بكل ألوانه وشرائحه الاجتماعية.

ولو كان الأمر يتعلق بمسألة أيام أو أسابيع لتحقيق الانفراج الحكومي، والانطلاق في عملية الإصلاحات التي أصبحت ضرورة داخلية قبل أن يلحّ عليها المجتمع الدولي، لهان الأمر ولانتظر اللبنانيون بدل الأيام أسابيع وشهوراً إضافية. لكن هذا الكلام الذي تكرر كثيراً، لم يعد يقنع أحداً، ليس لأنهم يسمعون، بالمقابل، كلاماً آخر يشير بوضوح إلى أن الخروج من الأزمة الحالية يحتاج إلى 6 أو 7 سنوات، وإنما لأن أحداً من السياسيين، وهذه هي الحقيقة المرة، لا يريد أن يتنازل أو يدفع كلفة هذا الانفراج، فيما عين الجميع على الانتخابات البرلمانية المقبلة.

مشكلة لبنان الحقيقية، أنه أسير لقادة سياسيين كرّسوا معادلة للتوازن بين الداخل والخارج، وبالتالي لم يعودوا قادرين في خضم الأحداث على إرضاء الاثنين معاً، لا الداخل ولا الخارج، بينما الشعب وحده هو من يدفع الثمن. والأسوأ أن هناك إصراراً لدى القادة السياسيين على مواصلة الصراع فيما بينهم، على الرغم من المناشدات والدعوات المحلية والدولية بالتوحد ونبذ الخلافات، وآخرها مناشدة الأمين العام للأمم المتحدة لهم قبل أيام، لأنه من المؤكد أن لبنان بحاجة إلى مساعدات، ليس فقط دولية، وإنما من أشقائه العرب أيضاً، وهذه المساعدات لن تصل في ظل الخلافات والتشرذم، والمجتمع الدولي يحتاج إلى قرارات حكومية ملزمة، وهذه لن تتوفر بدورها إلا في ظل توافق داخلي لبناني ودوران عجلة الحكومة وحل الملفات التي تسببت بتعطيلها، وتشغيل مؤسسات الدولة بما يتلاءم مع أولويات الاحتياجات اللبنانية. ناهيك عن اعتماد سياسة واضحة في رفض التدخلات الخارجية بكل أنواعها، وإقامة أفضل العلاقات مع المحيط العربي والأشقاء العرب.

يستحق لبنان بالتأكيد أداء أفضل من قيادته السياسية، ويستحق اللبنانيون ألّا يبقوا أسرى نزوات السياسيين الذين ما انفكوا يطالبون برحيلهم منذ أكتوبر 2019، لكنهم لم يرحلوا، لكي يتموضع الشعب اللبناني في منتصف الطريق، ويتحول إلى وقود للكوارث السياسية والاقتصادية والمعيشية. ومع ذلك، لم يغادر اللبناني آماله في الخلاص وإن كانت آلامه لا تزال أكبر بكثير.

شاهد أيضاً

لبنان- إسرائيل: لا عودة الى ما قبل “طوفان الأقصى”

بقلم: علي حمادة- النهار العربيالشرق اليوم– تسربت معلومات دبلوماسية غربية الى مسؤولين لبنانيين كبار تشير …