الرئيسية / مقالات رأي / الاستحقاق الليبي ودواعي التأجيل

الاستحقاق الليبي ودواعي التأجيل

الشرق اليوم- مما لا شك فيه أن الإعلان عن تأجيل الانتخابات الرئاسية في ليبيا، تسبب في حالة من الإحباط وخيبة الأمل لدى الشعب الليبي الذي كان ينتظر يوم الرابع والعشرين من ديسمبر بترقب كبير من أجل المشاركة في فرصة اختيار رئيسه الجديد. ولم تقتصر مشاعر الخيبة على أبناء الشعب الليبي وحدهم بل إن العديد من الدوائر التي تراقب الوضع الليبي، أحست أيضاً بذلك المزيج المزعج من الإحباط والقلق من مصير العملية السياسية بعد وصولها إلى هذه المرحلة الحاسمة من مراحل الانتقال السلمي للسلطة.

هذه الدوائر تتمثل في دول الجوار الليبي التي تضررت بأشكال مختلفة من تحول هذا البلد الآمن إلى منطقة عدم استقرار. وهي تمثل شريكاً في جهود إرساء الاستقرار، عبر مقاربات مباشرة أو عن طريق عضويتها في منظمتي الاتحاد الإفريقي وجامعة الدول العربية، بينما تشكل أوروبا الجانب الثاني من جناحي الشراكة لاستعادة الاستقرار في ليبيا، والذي افتقدته منذ أكثر من عشر سنوات.

ومن نافلة القول التأكيد على أن الإرجاء المفاجئ للانتخابات هو الخيار الأسلم للحفاظ على العملية السياسية في مسارها وعدم انحرافها أو ارتدادها إلى مسارات أخرى يمكن أن تهدد إنجازات المراحل السابقة. فالجدول الزمني للتصويت يمكن أن يخضع للمرونة من دون التضحية بالمنجزات أو تعريض عملية الانتقال للمخاطر التي كشفت عن نفسها قبل أيام قليلة من فتح صناديق الاقتراع أمام الناخبين. لقد كان من شأن هذه العقبات أن تفرز أوضاعاً لا يمكن التنبؤ بها في يوم التصويت نفسه أو بعد إعلان النتائج.

وفي بيانها حول تأجيل الاستحقاق الرئاسي قالت المفوضية العليا: إن اقتراح التأجيل جاء بسبب قصور التشريعات الانتخابية فيما يتعلق بدور القضاء في الطعون والنزاعات الانتخابية، الأمر الذي انعكس سلباً على قرارات المفوضية وأوجد حالة من عدم اليقين حول صوابية القرارات المتعلقة باستبعاد بعض المرشحين.

ولا شك في أن التأجيل يوفر فرصة لمحاولة حلحلة هذه المعضلة حتى لا تنفجر أمام الفائزين بعد إعلان النتائج، كما أن فترة الشهر المقترحة قبل انطلاق التصويت تمثل فرصة سانحة أمام مؤسسات الحكم الانتقالية لإنجاز خطوات في ملف إخراج المرتزقة والقوات الأجنبية الأخرى، بعدما اتفقت الحركة السياسية الليبية على الخطط النظرية للتعامل مع هذا الملف الشائك.

ومن هاتين الزاويتين، يبدو أن قرار تأجيل الاستحقاقين الرئاسي والتشريعي، رغم مرارته، يمكن احتسابه ضمن المنجز الإيجابي لحماية عملية انتقال السلطة من مشكلات وأزمات مستقبلية محتملة. وتبدو السلطات الليبية في لياقة جيدة للتعامل مع قضية التأجيل باعتبار أنها تملك الخبرة المكتسبة عبر جولات التفاوض الطويلة وتجارب الحكومات الانتقالية المتعددة طوال السنوات الماضية. فالبرلمان يستعد اليوم لعقد جلسة رسمية لبحث التقدم في العملية خاصة أنه قام بالفعل بتشكيل لجنة من عشرة أعضاء لوضع خارطة طريق للمرحلة المقبلة.

إن إكمال عملية نقل السلطة بشكل سلمي وآمن هو إنجاز هائل للشعب الليبي وقادته السياسيين، وهو أيضاً قضية بالغة الأهمية على الصعيدين الإقليمي والدولي نظراً للأهمية الاستراتيجية لليبيا.

المصدر: صحيفة الخليج

شاهد أيضاً

أيهما أخطر؟

بقلم: محمد الرميحي – النهار العربي الشرق اليوم- جاء الزمن الصعب لنسأل أنفسنا: أيهما الأكثر …