الرئيسية / دراسات وتقارير / اقتصاد الصين.. والتكاليف الباهظة لتدابيرها الصارمة لمحاربة “كوفيد 19”

اقتصاد الصين.. والتكاليف الباهظة لتدابيرها الصارمة لمحاربة “كوفيد 19”

الشرق اليوم- من إغلاق عديد من المصانع في دلتا نهر اليانغتسي الصيني الأسبوع الماضي، إلى ثالث هبوط في أسعار العقارات الصينية، يبدو أن الصين مستمرة بدفع التكاليف الاقتصادية الباهظة لتدابيرها الصارمة لمحاربة جائحة كوفيد.

ومنذ اكتشافه، قامت الصين بإغلاقات، تعتبر من الأشد في العالم، في مسعى لتقليل الإصابات والوفيات بين نحو مليارين من سكانها والمقيمين فيها.

وتشير الأرقام الرسمية للإصابات، إلى أن الصين حافظت على 100 ألف إصابة فقط منذ تسجيل أول حالة كوفيد في العالم على أراضيها، وأقل من 4.5 وفاة.

وهذه الأرقام – إن كانت دقيقة – لا تقارن مع دول مثل الولايات المتحدة، سجلت نحو 50 مليون إصابة بالمرض، وتجاوزت قبل أيام حاجز 800 ألف وفاة.

لكن الإغلاق المفاجئ، والمستمر، للمدن الصناعية في مقاطعة تشجيانغ الصناعية، ضاعف من أزمة الصين الاقتصادية، وأثر بشكل كبير على سلاسل التوريد في كل العالم.

في العام الماضي، ساعدت تدابير الإغلاق الصارمة التي اتخذتها الصين على إعادة تشغيل الاقتصاد بسرعة، وبفارق كبير على الدول الكبرى الأخرى، وهو ما يعني تعزيز صادراتها، لكن في هذا العام، أصبح من الواضح أن التدابير الصارمة التي تتخذها السلطات لمكافحة الفاشيات تأتي بتكاليف اقتصادية كبيرة.

ونقلت صحيفة “نيويورك تايمز” عن بيانات اقتصادية نشرت الأربعاء في بكين نتائج أظهرت نقصنا في نمو الإنتاج الصناعي.

وخلال الأيام العشرة الماضية، أغلقت السلطات المقاطعة بعد ظهور 200 حالة منقولة محليا، مما أثر على المنطقة التي تنتج نحو ستة بالمئة من إجمالي اقتصاد الصين.

وقد تعرضت المدن الساحلية والحدودية الصينية أيضا لضربة شديدة هذا العام حيث تسببت موجات العدوى في مراحل من الاغلاق.

وفي مانتشولي، المدينة المتاخمة لروسيا تتوقف الحياة بشكل كبير منذ 28 نوفمبر، بعد اكتشاف عدة حالات بالمرض.

وتوقفت جميع الرحلات الجوية والقطارات ووسائل النقل العام تقريبا، مما أدى إلى تعطيل التجارة المحلية والخارجية.

وقد أثرت عمليات الإغلاق المتكررة لأكثر من عام على الاقتصاد المحلي في رويلي، وهي مركز لتجارة المجوهرات على حدود الصين مع ميانمار، والذي كان ينمو بنسبة 8.1% في عام 2020، مدعوما بالتجارة والسياحة.

وفي الأشهر التسعة الأولى من هذا العام، انكمش اقتصاد رويلي بنسبة 8.4% عن العام السابق، حسبما أظهرت أحدث البيانات الرسمية.

وليس التصدير فحسب ما ينكمش في الصين، بحسب تقرير لشبكة CNN الأمريكية إذ لا يزال الاقتصاد الصيني يعاني من مشاكل عقارية نتجت عن تداعيات عمليات الإغلاق.

وتقول الشبكة إن ظهور أوميكرون يعني احتمال تباطؤ أشد في العام المقبل، حيث انخفضت أسعار المساكن للشهر الثالث على التوالي، في إشارة إلى أن أزمة العقارات المستمرة لا تزال تتفاقم.

وتستمر المشاكل القائمة منذ فترة طويلة في قطاع العقارات، منذ تخلف عملاق الصين العقاري، ايفرغراند، عن سداد ديونها مما دفع بكين إلى التدخل، الأسبوع الماضي، في محاولة لمنع انهيار غير منظم يمكن ان يعيث فسادا في الاقتصاد ويثير مخاطر أوسع على أصحاب المنازل والنظام المالي.

وسجل تباطؤ في الاستثمار بالممتلكات في الوقت الذي تحاول فيه البلاد كبح جماح مخاطر الديون والسيطرة على قطاع مفرط في الاستدانة، وقد أدت الحملة التنظيمية التي بدأت في العام الماضي، بهدف ترويض الاقتراض المفرط في العقارات، إلى تراجع السيولة في هذا القطاع ودفع بعض اللاعبين الضعفاء إلى حافة الانهيار.

ووصف، فو لينغ هوي، المتحدث باسم المكتب الوطني للإحصاءات سوق العقارات بانه مستقر “بشكل عام “، إلا أنه أقر بأن بعض المدن تواجه ضغوطا “متزايدة” على العقارات بسبب فقدان السكان والصعوبات الاقتصادية.

وقال: “إن مخاطر الديون آخذة في الارتفاع بالنسبة لبعض الشركات العقارية التي اعتمدت في السابق على الرافعة المالية العالية للتوسع بشكل أعمى”.

وقد أشارت الحكومة إلى أنها مستعدة للتدخل وتقديم مساعدة محدودة، حيث أعلن بنك الشعب الصيني مؤخرا أنه سوف يضخ 188 مليار دولار من السيولة إلى النظام المصرفي، وهي خطوة فسرت على نطاق واسع على أنها محاولة لمواجهة الركود العقاري.

ويتوقع المحللون أن تتقدم بكين بدعم سياسي أكثر “عدوانية”.

وكتب هو جين تاو من مجموعة ماكواري ” خلال العام الماضي شهدنا سباقا بين الانتعاش الاقتصادي وتشديد السياسات”، مضيفا “اتضح أن التشديد قتل الانتعاش، وفي العام المقبل، سنشهد سباقا جديدا بين التباطؤ الاقتصادي وتخفيف السياسات”.

وأضاف: “في الوقت الذي تتزايد فيه ضغوط النمو، لا يريد المرء أن يقلل من اهمية تصميم بكين على تحقيق الاستقرار”.

لكن المحللين يقولون إن هذه المشاكل لن تزول، حيث تجبر التفشيات الجديدة الشركات على إغلاق المصانع في مناطق التصنيع الرئيسية.

وبعد خروجها من عام 2020 كالاقتصاد الرئيسي الوحيد الذي يسجل نموا، تعاملت الصين هذا العام مع الكثير من التحديات لخططها للتوسع المستمر، حيث أعاق نقص الطاقة الإنتاج الصناعي خلال معظم هذا العام في الوقت الذي تكافح فيه البلاد لتحقيق التوازن بين حاجتها إلى الكهرباء والجهود الرامية إلى معالجة أزمة المناخ.

وقد أعرب كبار قادة الصين بالفعل عن مخاوفهم إزاء آفاق النمو، بحسب الشبكة، حيث أقر مجلس سياسي للحزب الشيوعي بأن الاقتصاد يواجه “ضغوطا ثلاثية، انكماش الطلب، وصدمات العرض، وضعف التوقعات”.

ولا يزال من المتوقع أن ينمو ثاني أكبر اقتصاد في العالم بنسبة 7.8٪ في عام 2021، وفقا لتحليلات سوقية، لكن، لاري هو، كبير الاقتصاديين الصينيين في شركة ماكواري حذر من أن “الاتجاه نحو الهبوط بشكل واسع سيستمر حتى العام الجديد”.

وفي مؤتمر صحفي في بكين يوم الأربعاء، ألمحت السلطات إلى الانتشار العالمي للمتغير، وارتفاع أسعار السلع الأساسية، وكسر سلاسل التوريد العالمية، واصفة “البيئة الدولية” بأنها شيء أصبح “أكثر تعقيدا وشدة”.

المصدر: الحرة

شاهد أيضاً

كيف ينظر الأمريكيون إلى نتنياهو؟

الشرق اليوم- أفاد استطلاع للرأي أن 53 بالمئة من الأميركيين لديهم ثقة ضئيلة أو معدومة …