الرئيسية / مقالات رأي / The New York Times: هل يتطور “كوفيد” ليصبح أخف وطأة؟

The New York Times: هل يتطور “كوفيد” ليصبح أخف وطأة؟

بقلم: أندرو بيكوسز

الشرق اليوم- في الوقت الذي يستعد فيه العالم للتعامل مع متحور جديد من فيروس “سارس – كوف – 2” أطلق عليه “أوميكرون”، ظهرت تكهنات عبر وسائل التواصل الاجتماعي بأن الفيروس ربما يصبح أخف وطأة، وردد البعض هذا الأمر كما لو كان نتيجة محددة سلفاً. جدير بالذكر أن البعض يعتقد بأن المسار الحتمي لأي فيروس أن يصبح أكثر قدرة على الانتشار وأقل فتكاً بمرور الوقت.

وفي الوقت الذي يبدو هذا السيناريو جذاباً على نحو واضح، فإنه يبقى للأسف أمراً لا يهتم لأمره الفيروس. على أرض الواقع، لا تهتم الفيروسات بمن تصيبهم، أو مدة استمرار العدوى، أو شكل المرض. ولا يأبه الفيروس بأي شيء لأن كل ما يحتاجه العثور على مضيف جديد يمكنه الانتشار فيه.. هذا كل الأمر.

في الحقيقة، يعد الانتقال من شخص لآخر، الوظيفة المحورية التي يجب أن يضطلع بها الفيروس للحفاظ على نفسه. أما ما يفعله لمضيفه فغير ذي صلة، إلا إذا كان يؤثر في قدرته على الانتقال.

بوجه عام، تسبب جميع الفيروسات تقريباً نوعاً من المرض كجزء من تطورها الطبيعي. وتتنوع أسباب تسببها في المرض، فقد يكون المرض نتيجة لقتل خلية أدت الغرض منها من منظور الفيروس، وذلك بعد استغلالها لصنع مئات أو آلاف النسخ من نفسها. وفيما يخص الفيروسات التي تنتشر عن طريق الرذاذ التنفسي، يظهر هذا المرض في الغالب في صورة عطس وسعال وسيلان الأنف. وتساعد هذه الأعراض الفيروس في الخروج من مضيفه والانتقال إلى المضيف التالي.

جدير بالذكر هنا أنه يمكن أن تنتشر بعض فيروسات الجهاز التنفسي قبل أن تسبب أعراضاً، لكنها غالباً ما تنتشر بشكل أكثر فاعلية عند ظهور الأعراض.

وباعتباري شخصاً يدرس الفيروسات، كثيراً ما أسمع عبارة “المضيف الميت ليس مضيفاً جيداً”، أو شيئاً شبيهاً بذلك. ربما يكون هذا القول صحيحاً فيما يخص معظم الفيروسات، وبالتأكيد إذا قتل الفيروس كل شخص أصيب به، فسوف ينفد المضيفون أمامه في نهاية الأمر، وهو أمر غير جيد للفيروس.

بيد أن الأمر المهم حقاً مدى كفاءة انتشار الفيروس. والسؤال هنا: هل جعل الشخص في حالة مرض شديد يمنح الفيروس بعض الميزات التي تجعل انتقاله أكثر فاعلية؟ إذا كانت الإجابة بنعم، فقد يستمر الفيروس في إصابة الناس بمرض شديد لأن هذه الاستراتيجية أثبتت نجاحها.

إلا أنه ينبغي الانتباه هنا إلى أنه لا يوجد “تفكير” عالي المستوى على هذا الصعيد، ذلك أن جميع الفيروسات تتحور، وتحدث هذه الطفرات على نحو عشوائي. واللافت أن جزءاً كبيراً من هذه الطفرات لا يؤثر على قدرة الفيروس على التكاثر أو الانتشار على الإطلاق. في واقع الأمر هذه الطفرات هي التي تمنح المتغير بصمة فريدة يمكن استخدامها لتتبع سلاسل الانتقال وفهم كيفية انتشارها على المستويين المحلي والعالمي.

بين الحين والآخر، يكتسب الفيروس طفرة تمنحه ميزة. ويمكن أن تؤثر هذه الطفرات على كثير من الأشياء المختلفة، لكن في النهاية، إذا كان هذا الفيروس المتحور يملك قدرة أفضل على الانتقال عن الفيروس الأول، فهناك احتمال كبير أن يستمر ليصبح البديل السائد.

والسؤال هنا: هل سيصبح “كوفيد – 19” أكثر اعتدالاً بمرور الوقت؟ الإجابة على الأرجح: نعم، لكن هذا قد لا يكون له أي علامة بتطور الفيروس على نحو يجعله يسبب مرضاً أخف وطأة.

ويعرف العلماء اليوم أن سارس – كوف – 2 يمكنه إعادة إصابة الأشخاص الذين أصيبوا سابقاً أو تلقوا اللقاح. ويسهم الجمع بين العدوى والتطعيمات السابقة إلى بناء المناعة لدى السكان، وهذه المناعة ليست مثالية لأنها تبقى عاجزة عن منع العدوى تماماً. إلا أنها تثبط المرض، وبالتالي تخفيف الأعراض والمرض.

وربما تتطلب الحماية من الإصابة بأوميكرون مستوى مناعة أعلى مما هو مطلوب من المتحورات الأخرى. ويمكن توفير هذا المستوى من المناعة من خلال جرعة معززة للأفراد الحاصلين على اللقاح بالفعل أو تطعيم أشخاص بعد تعرضهم للإصابة.

في ديسمبر (كانون الأول) 2019، دخل سارس – كوف – 2 صفوف مجموعة بشرية ليست لديها مناعة ضده. في ديسمبر 2021، دخل أوميكرون صفوف مجموعة بشرية تتمتع بمستوى عالٍ من المناعة ضد سارس – كوف – 2. ومن شأن هذه المناعة التقليل بشدة من حدة المرض التي يسببها المتحور. إلا أنه فيما يخص الأفراد غير الملقحين أو كبار السن، قد يظل سارس – كوف – 2 قادراً على التسبب في مرض شديد، نظراً لأنهم يفتقرون إلى الحماية التي توفرها المناعة المتوافرة مسبقاً.

خلاصة القول أن تحول “كوفيد – 19” إلى مرض أخف وطأة ليس قراراً سيتخذه الفيروس، وإنما قرار يمكننا جميعاً اتخاذه إذا استفدنا من اللقاحات التي يمكنها التحكم في انتشار المرض.

شاهد أيضاً

لبنان- إسرائيل: لا عودة الى ما قبل “طوفان الأقصى”

بقلم: علي حمادة- النهار العربيالشرق اليوم– تسربت معلومات دبلوماسية غربية الى مسؤولين لبنانيين كبار تشير …