الرئيسية / مقالات رأي / جامعة عالمية لنشر فكر الملالي في العالم

جامعة عالمية لنشر فكر الملالي في العالم

بقلم: حميد زناز – العرب اللندنية

الشرق اليوم- تحت غطاء توفير فرص الدراسة للأجانب، أوروبيين وعربا وأفريقيين على وجه الخصوص، تعمل “جامعة المصطفى العالمية” المرابطة في مدينة قم الإيرانية على نشر ليس التشيّع فحسب بل فكر الملالي الثيوقراطي في الحكم. فمنذ 1979 والجامعة/الحوزة تكوّن المناضلين من أجل إرساء الحكم على الطريقة الملالية في بلدانهم أو على الأقل خلق شرخ ديني وسط مجتمعاتهم لدى عودتهم. وليس هذا فحسب بل استطاعت السلطات الإيرانية بطرق مختلفة أن تقنع بعض البلدان أو تفرض عليها إقامة فرع لتلك الجامعة/الحوزة على أراضيها مثل ما هو واقع في لبنان والسنغال وكوت دي فوار.

وهو نفس الأسلوب الذي استخدمه الاتحاد السوفييتي عبر جامعة باتريس لومومبا التي كانت تكوّن أو بالأحرى تملأ عقول الأفارقة والآسيويين إيديولوجيا قبل إرسالهم إلى بلدانهم ليقيموا الاشتراكية العلمية. وكما اختارت جامعة موسكو اسما عزيزا على الأفريقيين باتريس لومومبا، فكذلك اختارت جامعة قم اسما مقدسا لدى المسلمين هو نبيهم محمد وهذا بغية إحاطة الجامعتين بهالة من القدسية كي يصعب انتقادهما.

في زمن شحت فيه تأشيرات الدخول أو الفيزا وتقلصت فرص تجريب الحظ في أوروبا والولايات المتحدة أمام الكثير من الشبان في شمال أفريقيا وأفريقيا ذات الأغلبيات المسلمة عموما، استغل الكثير من خريجي الجامعات والثانويات فرصة الذهاب إلى إيران للدراسة هروبا من الواقع المأساوي في بلدانهم على أمل مغادرة إيران بعد سنة أو سنتين نحو أوروبا أو أميركا الشمالية.

ويؤكد بعض الذين مروا كطلاب على جامعة المصطفى العالمية في مدينة قم أن الكثير من الطلبة العرب والأفارقة لم يلتحقوا بالجامعة من أجل الدراسة وإنما كانت الدراسة هي الطريق الوحيد المتوفر للخروج من بلدانهم، فسلكوه. ومما زاد الطين بلة تلك المنحة الزهيدة التي تصرف لهم والتي لا تكفي لضمان عيش كريم.

وإطلالة بسيطة على برامج الجامعة العالمية كافية لأخذ فكرة عن ذلك التعليم القروسطي البعيد كل البعد عن العصر الذي يعيش فيه الطلبة الوافدون من جامعات بلدان تنتهج البيداغوجيا الغربية الحديثة في التعليم الجامعي الذي وصل إلى مستوى مقبول جدا. وهو ما يجعل هؤلاء الطلبة يصابون بخيبة أمل كبرى لدى مباشرتهم تلك العملية التعليمية المتكلسة منذ قرون.

في حديث مع أحد الطلبة المغاربيين، درس سبع سنوات كاملة في تلك الجامعة “العالمية”، قال في دعابة دالة: انتقلت من السُّنة إلى الشيعة ومن الشيعة إلى اللادينية. كنت سنيا ككل المغاربيين وبدأت أتشيّع بمفردي شيئا فشيئا عن طريق مطالعاتي الكثيرة لما كنت مراهقا وتشيّعت تماما في إيران في سنواتي الأولى ثم تركت الدين تماما في قم وأصبحت لادينيا بسبب خيبتي جراء احتكاكي بحياة الطلبة والأساتذة والحياة في إيران بشكل عام واطلاعي على مستوى التعليم. وما أثار غضبه أكثر هو عدم تمكين الطلبة في تخصص الدراسات الفلسفية من بعض العناوين والاكتفاء بتقديم مختصرات عنها معدة من طرف أساتذة.

وما أثار غضب شاب أفريقي آخر هرب من إيران إلى فرنسا قبل إتمام دراسته هو التمييز الذي يتعرض له الطلبة الأجانب إذ عكس الطلبة الإيرانيين تُفرض عليهم متابعة دروس وقراءة كتب بعينها في حين يترك للطالب الإيراني اختيار الدروس والأساتذة والكتب كما يشاء. وما لم يفهمه ويتقبّله هذا الشاب هو تلك العناية الكبيرة التي يحظى بها الطلبة الأوروبيون في جامعة المصطفى مقارنة بالطلبة الذين يأتون من أفريقيا أو العالم العربي أو آسيا.

وأجمعت شهادات كثيرة أن ليس هناك غسل دماغ بطريقة ممنهجة للطلبة الأجانب الذين يصلون إلى جامعة قم ولكن يلاحظ كثيرون أن كل الدروس والمحاضرات والنشاطات الطلابية، ثقافية أو علمية، تصب كلها في هدف واحد هو التأكيد على أن القراءة الشيعية هي القراءة الصحيحة الوحيدة للإسلام والتشيّع هو نسخته الأصلية.

ولا تكتفي الجامعة بالوظيفة التعليمية فقط بل هي مصنفة حسب مكتب مراقبة الأصول الأجنبية بوزارة الخزانة الأميركية كمنظمة إرهابية تعمل كواجهة لتسهيل عملية التجنيد لصالح فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني. وقد وضع العام الماضي على القائمة السوداء حسن إيرلو الذي أرسله الملالي إلى اليمن للقتال إلى جانب الحوثيين كمسؤول عن فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني.

ويضيف نفس المصدر الأميركي أن جامعة المصطفى العالمية التي لها خمسون فرعا في العالم كله تُستعمل كقاعدة للتجنيد لصالح فيلق القدس وجمع المعلومات وحتى تجنيد الميليشيات الأجنبية التي يشرف عليها فيلق القدس والتي تحارب في سوريا تحت لواء بشار الأسد. وقد قتل الكثير من طلبة جامعة المصطفى في سوريا. كما تدفع الجامعة طلبتها المتكونين من أعداد كبيرة من الأجانب والأميركيين إلى العمل في شبكات التجنيد الدولي.

بعد مرارة العيش في إيران الملالي والخروج سالما من احتمال التجنيد العسكري أو الموت في حرب من حروب الملالي، من غير المعقول أن شخصا عاقلا يتمنى إقامة مثل ذلك الحكم القروسطي في بلده بعد عودته. وفي أغلب الأحيان تكون مخابرات بلده في انتظاره عند عودته وتتم مراقبته والتضييق عليه مهنيا واجتماعيا وإداريا وفي أول هفوة سيجد نفسه محبوسا بتهمة التآمر على أمن الوطن والإرهاب.

شاهد أيضاً

أحلام مقتدى الصّدر وأوهام مناصريه

بقلم: فاروق يوسف- النهار العربيالشرق اليوم– عندما يُشفى العراقيون من عقدة اسمها مقتدى الصدر يكون …