الرئيسية / مقالات رأي / قمة الدول الديموقراطية… ماذا عن حالة أميركا؟

قمة الدول الديموقراطية… ماذا عن حالة أميركا؟

بقلم: أسعد عبود – النهار العربي 

الشرق اليوم – نحو نصف دول العالم (110 دول) مدعوة إلى القمة الافتراضية للدول الديموقراطية التي دعا إليها الرئيس الأميركي جو بايدن في التاسع من الشهر الجاري. وفي نص الدعوة، قال بايدن إن “تحدي هذا العصر يتمثل في إثبات قدرة الديموقراطيات على تحقيق النتائج من خلال تحسين حياة شعوبها ومعالجة أكبر المشاكل التي تواجه العالم الأوسع”.  

والملاحظ أن بايدن دعا إلى القمة في وقت لا يبدو أن الديموقراطية في أميركا في أفضل حالاتها. وليس أدل على ذلك من مشهد اقتحام جماعات متطرفة مبنى الكونغرس في واشنطن في 6 كانون الثاني (يناير) الماضي، في محاولة لقلب نتائج الانتخابات الرئاسية التي جرت في تشرين الثاني (نوفمبر) 2020، وفاز فيها بايدن. 

وحتى الآن، لا يعترف الرئيس السابق دونالد ترامب بنتائج الانتخابات ويزعم أنها كانت “مزورة” من دون تقديم دليل على ذلك. كما لا يزال معظم المشرعين الجمهوريين في الكونغرس يعتقدون أن الديموقراطيين “سرقوا” الفوز. وفي الوقت نفسه، يعمد الحزب الجمهوري في الولايات التي يسيطر عليها، إلى تغيير قوانين الانتخابات، من خلال وضع قيود على عمليات الاقتراع، تستهدف الناخبين من الأقليات، الذين عادة ما يصوتون لمصلحة الديموقراطيين. 

ما جرى في 6 كانون الثاني (يناير)، جعل الكثيرين يقلقون على مستقبل الديموقراطية، ليس في أميركا فحسب، بل في مناطق أخرى من العالم. واتسم سلوك ترامب خلال سنواته الأربع في البيت الابيض، بنوع من الالتباس، عندما كان يمتدح علناً زعماء في العالم لا تعترف الولايات المتحدة، بأنهم ديموقراطيون، من أمثال الروسي فلاديمير بوتين والتركي رجب طيب أردوغان، بينما أدار ظهره لحلفاء أميركا التقليديين في الدول الديموقراطية، لا سيما أوروبا الغربية.

أكثر مكان تواجه فيه الديموقراطية اليوم خطر السقوط هو الولايات المتحدة نفسها. وحتى في دولة مثل الهند كانت تعتبر أكبر ديموقراطية في العالم، تتناقض القيم الديموقراطية مع سياسات رئيس الوزراء ناريندرا مودي بحق الأقليات، لا سيما المسلمين.

وبايدن نفسه أقر في خطاب التنصيب في 20 كانون الثاني (يناير) بـ”هشاشة” الديموقراطية الأميركية. وتواجه رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي صعوبات في استكمال التحقيقات باقتحام الكونغرس، وترفض الغالبية الساحقة من النواب الجمهوريين التعاون مع لجنة التحقيق التي أقرها المجلس، بينما يقاوم ترامب عبر المحاكم طلب اللجنة تسليم وثائق البيت الأبيض يوم السادس من كانون الثاني، خشية الحصول على دليل يدينه بالتحريض على عملية الاقتحام التي أسفرت عن خمسة قتلى. وقبل ذلك، رفض الجمهوريون في مجلس الشيوخ التصويت على قرار بمساءلة ترامب عن عملية الإقتحام، ما جعله بذلك قادراً على الترشح مجدداً في 2024. 

هذه عوارض ليست بالعارضة أو السطحية عندما تصيب دولة مثل أميركا، دأب قادتها على وعظ الدول الأخرى أو حتى معاقبتها أو غزوها، كما حصل في حالتي أفغانستان والعراق، عندما أصر الرئيس سابقاً جورج دبليو بوش. لكن أين أفغانستان والعراق من الديموقراطية المنشودة، إذا كانت الولايات المتحدة نفسها تعاني. 

لا يزيد ما يريده بايدن من قمة الديموقراطية، سوى تسليط الضوء مجدداً على ما يصفها بـ”الأنظمة الإستبدادية”، تلك التي تخوض صراعاً لإستعادة النفوذ في العالم، على غرار الصين وروسيا. وستكون القمة أداة في الصراع الدولي الدائر. ماذا تعني دعوة تايوان إلى المؤتمر غير إرسال إشارات ذات مغزى إلى الصين.

يتعين على بايدن أن يبدأ من الولايات المتحدة التي تشهد “موتاً للديموقراطية”، على حد وصف بول بيلار في مقال نشره في مجلة “ذا ناشيونال إنترست” الأميركية.

شاهد أيضاً

روسيا التي لا تساند أحداً… علاقة غير عادلة مع إيران

بقلم: يوسف بدر – النهار العربي الشرق اليوم– في مقالته في صحيفة “وول ستريت جورنال” …