الرئيسية / مقالات رأي / ما الذي يجمع أوكرانيا وتايوان؟

ما الذي يجمع أوكرانيا وتايوان؟

بقلم: أسعد عبود – النهار العربي 

الشرق اليوم – على الأغلب لم تكن زلّة لسان من وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن عندما تعهد خلال زيارة إلى سيول حماية أوكرانيا من “الاتحاد السوفياتي”، لأنه في التفكير الإستراتيجي الأميركي لا تزال روسيا تشكل تهديداً لا يقل خطراً عن ذاك الذي كان يشكله الاتحاد السوفياتي السابق.

والتحذيرات المتبادلة بين روسيا من جهة والولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي من جهة ثانية، في ما يتعلق بأوكرانيا، هي شكل من أشكال الحرب الباردة.

وفي رأي الغرب عموماً أن خطوطاً حمراً يرسمها الرئيس فلاديمير بوتين حول إنضمام كامل لأوكرانيا إلى “الجبهة الغربية” وتقاربه الذي يكاد يبلغ حد الوحدة الكاملة مع بيلاروسيا، والتنسيق مع مجموعة الدول المستقلة، التي تضم جمهوريات سوفياتية سابقة في القوقاز وآسيا الوسطى، وتوطيد العلاقات الاقتصادية والعسكرية مع تركيا، العضو في حلف شمال الأطلسي، وعدم السماح لسوريا بالسقوط على غرار ليبيا، والحفاظ على روابط عسكرية وتجارية مع إيران، العدو اللدود للولايات المتحدة، مضافاً إليها عودته إلى الساحة العراقية من خلال الاقتصاد وكذلك السلاح حيث تعتبر موسكو المصدر الأول للأسلحة إلى العراق، والمصالح الروسية تتعزز بوتيرة متسارعة مع دول الخليج العربية ومصر، وهناك سعي روسي إلى إقامة رؤوس جسور للنفوذ في دول أفريقية، كانت تربطها علاقات مميزة بروسيا إبان الحقبة السوفاتية، مثل إثيوبيا والصومال والجزائر وليبيا.

طبيعي والحال كذلك، أن يصف أوستن روسيا بـ”الاتحاد السوفياتي”، إنطلاقاً من لازمة يرددها المسؤولون الأميركيون على مختلف مشاربهم وكذلك مراكز الأبحاث والرأي الغربية، مفادها أن بوتين عازم على استعادة “الإمبراطورية السوفياتية” وأن كل القرارات التي يتخذها إنما تنبع من هذا الاقتناع.

وفي المقابل، تضع الولايات المتحدة كل ثقلها من أجل منع روسيا من استعادة نفوذ “الإمبراطورية”، تارة بالعقوبات وطوراً بتعزيز “دول المواجهة” مع روسيا، على غرار بولندا وجمهوريات البلطيق المنتمية إلى حلف شمال الأطلسي. ويتخذ الصراع الآن من أوكرانيا عنواناً، فإذا تمكنت كييف من تجاوز “الخط الأحمر” الروسي والإنضمام إلى الحلف الغربي، فإن ذلك سيعد بمثابة خسارة جيوسياسية كبرى لروسيا يوقظها من أحلامها الإمبراطورية.

ويبدو أن هذه مهمة درجت عليها الإدارات الأميركية المتعاقبة منذ سقوط جدار برلين وانتهاء الحرب الباردة وتفكك الاتحاد السوفياتي عام 1991. ورفع الخطاب الأميركي التحذيري إزاء روسيا في المسألة الأوكرانية هو في صميم هذه المهمة. الخط الأحمر الأميركي المقابل للخط الأحمر الروسي هو ممنوع عودة “الاتحاد السوفياتي” في وقت تخوض الولايات المتحدة مواجهة كبرى مع العملاق الصيني، تعتقد أن مستقبل أميركا كقوة عظمى وحيدة في العالم يتوقف على الإنتصار في المحيط الهادئ وضمان عدم تحوله إلى منطقة نفوذ صيني بالكامل، ولو كان ذلك على حساب اللعب بالنار التايوانية ومحاولات وضع الجزيرة في عهدة الحماية الأميركية.

تضغط الولايات المتحدة على روسيا والصين في مكانين تعتقد أنهما موجعان، أوكرانيا وتايوان. لكنها تجازف أيضاً بتورط طويل الأمد وبحر لا يمكن كسبها في حال مضت في سياساتها هذه. ولا يزال الدرس الأفغاني طرياً في الذاكرة.

شاهد أيضاً

أحلام مقتدى الصّدر وأوهام مناصريه

بقلم: فاروق يوسف- النهار العربيالشرق اليوم– عندما يُشفى العراقيون من عقدة اسمها مقتدى الصدر يكون …