الرئيسية / مقالات رأي / منذ أفغانستان… وبايدن يتقلّب على نار الأزمات

منذ أفغانستان… وبايدن يتقلّب على نار الأزمات

بقلم: سميح صعب – النهار العربي 

الشرق اليوم – منذ الانسحاب الفوضوي من أفغانستان والصعوبات تتراكم في طريق الرئيس الأميركي جو بايدن داخلياً وخارجياً، لينخفض معدل التأييد له بحسب موقع “فايف ثيرتي أيت (538)” مذاك إلى أقل من 43 في المئة.  

في الداخل، كانت نتائج انتخابات حاكمية ولاية فرجينيا أوائل الشهر الجاري، التي فاز فيها المرشح الجمهوري الوافد حديثاً إلى السياسة غلين يونغكين، بمثابة إنذار صريح لا يحمل أي تأويل: الأميركيون غير راضين عن أداء الإدارة الديموقراطية بعد عشرة أشهر من وصولها إلى البيت الأبيض. 

وعاودت أرقام الإصابات بكورونا الصعود، في ظل عزوف شريحة واسعة من الأميركيين عن تلقي اللقاح، وعجز المسؤولين عن إقناعهم بذلك، لا سيما في الولايات ذات الغالبية الجمهورية أو في أوساط مؤيدي الرئيس السابق دونالد ترامب. لذلك يقف بايدن أمام تحدٍ كبير اليوم عنوانه المعركة ضد كوفيد، إذ يسعى الرئيس الديموقراطي جاهداً إلى تطعيم الأطفال وتوفير الجرعات المعزِّزة للبالغين. 

وفي سياق المحاولات التي يبذلها بايدن لاستعادة ثقة الأميركيين، كان الضغط الذي مارسه على المشرعين الديموقراطيين كي يوحدوا صفوفهم، حتى تتسنى مصادقة الكونغرس على خطته لتحديث البنى التحتية بقيمة 1,2 تريليون دولار، ودفع العملية التشريعية قدماً لإقرار برنامج إنفاق اجتماعي ومناخي ضخم بقيمة 1750 مليار دولار. 

وفي مواجهة ارتفاع متسارع في أسعار النفط انعكس على أسعار البنزين في الولايات المتحدة، عمد بايدن إلى تحرك غير مسبوق، يقوم على ضخ 50 مليون برميل من المخزون النفطي الاستراتيجي في السوق الأميركية، وهي أكبر كمية يتقرر استخدامها على الإطلاق. ومعلوم أن الولايات المتحدة لا تستخدم عادة سوى النزر الضئيل من هذه الاحتياطات المقدرة حالياً بنحو 609 ملايين برميل، والمخزنة تحت الأرض في لويزيانا وتكساس، في حال حدوث كوارث طبيعية أو أزمات دولية. ولم يأمر بايدن باستخدام الخمسين مليون برميل لتعديل الأسعار فحسب، بل فعل ذلك بالتنسيق مع دول أخرى، وهو أمر لم يحدث من قبل.

ولا تزال مسألة العدالة العرقية تلقي بثقلها على بايدن وتزيد من كثافة الصعوبات التي تحيط به. وأتت تبرئة الشاب كايل ريتنهاوس من قضية قتله رجلين من أصل أفريقي في مدينة كينوشا في ولاية ويسكونسن، في توقيت غير ملائم للرئيس، الذي حاول أن يبدي تعاطفه مع السود، وفي الوقت نفسه يعلن التزامه حكم المحكمة. لكن هذا لا يمنع أن الجدال العرقي قد انفتح مجدداً على مصراعيه، وها هو ترامب يهنئ ريتنهاوس على براءته، كما دافع عنه يمينيون كثيرون تبرعوا بتكاليف الدفاع عنه، في أكثر تجليات الانقسام على المستوى الوطني حول مسألة العرقية والنفوذ الذي يحرزه مؤيدو نظرية تفوّق البيض.

وفي الخارج، لا يبدو، بعد الإخفاق في أفغانستان، أن ثمة فرصة لسياسة خارجية أكثر تماسكاً. ويهدد حصر الجهود الأميركية في المحيطين الهندي والهادئ، بتورط عسكري أميركي في المنطقة مع تزايد المساعدات العسكرية لتايوان وتكثيف نشاط البحرية في المنطقة. ولا تخفي الصين إستياءها وغضبها من السلوك الأميركي وترد عليه بتصعيد مماثل.

وعلى نحوٍ مشابه، تزيد المساعدة العسكرية المتصاعدة لأوكرانيا من مخاطر تورط أميركي في مواجهة مباشرة مع روسيا، التي رسمت أكثر من خط أحمر حول الوجود العسكري الأميركي في البحر الأسود، وما يمكن أن يترتب عليه من احتمالات نشوب نزاع مسلح في أوروبا.   

كما أن الجهود الأميركية لإحياء الاتفاق النووي مع إيران متعثرة، ولا يبدو أن مفاوضات فيينا قادرة على إحراز تقدم في هذا الشأن، ما يرجح اصطدام بايدن بإخفاق آخر في الشرق الأوسط.

هذه العوامل كلها تجعل الأميركيين غير راضين عن أداء بايدن، فيما انطلق العد العكسي للانتخابات النصفية العام المقبل، التي يريدها الجمهوريون الساعون إلى انتزاع الغالبية في مجلسي الشيوخ والنواب، منطلقاً للعودة إلى البيت الأبيض في 2024.   

شاهد أيضاً

أحلام مقتدى الصّدر وأوهام مناصريه

بقلم: فاروق يوسف- النهار العربيالشرق اليوم– عندما يُشفى العراقيون من عقدة اسمها مقتدى الصدر يكون …