الرئيسية / مقالات رأي / ليبيا… الانتخابات معبر إلى السّلام وليس الى تجدّد القتال

ليبيا… الانتخابات معبر إلى السّلام وليس الى تجدّد القتال

بقلم: أسعد عبود – النهار العربي

الشرق اليوم- بعد شهر من الآن، من المفترض أن يذهب الناخبون الليبيون إلى صناديق الاقتراع لاختيار رئيس للبلاد، في تتويج لخريطة طريق سياسية أشرفت على وضعها الأمم المتحدة العام الماضي، ولقيت مساندة من مجلس الأمن وسلسلة من المؤتمرات الدولية، التي أظهرت احتضاناً دولياً واسعاً لعملية إخراج ليبيا من الفوضى بعد عقد الدماء والدمار والفوضى، الذي تلى إطاحة نظام معمر القذافي الذي حكم ليبيا على مدى ما ينيف على أربعة عقود.

وفي بلد منقسم على نحو حاد سياسياً وعسكرياً ومناطقياً، بدأت الخلافات تبرز ما إن بدأت الترشيحات رسمياً لانتخابات الرابع والعشرين من كانون الأول (ديسمبر). بعد تقديم سيف الإسلام القذافي ترشيحه في سبها، علت أصوات المعترضين، وتظاهرت قوى ليبية تعتبر أن مجرد ترشح سيف الإسلام يعتبر عودة إلى النظام القديم. كما برزت اعتراضات مماثلة على ترشح قائد “الجيش الوطني الليبي” المشير خليفة حفتر، ولم يسلم من موجة الرفض رئيس مجلس النواب عقيلة صالح الذي ترشح بدوره.  

وفي المقابل، ترشح وزير الداخلية الليبي السابق في حكومة الوفاق الوطني فتحي باشاغا، بينما لا يخفي رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد دبيبة رغبته في الترشح، على رغم أنه تعهد لدى ترؤسه الحكومة أن لا يترشح لمنصب الرئاسة.  

الاحتجاجات على الشخصيات المرشحة تنطلق من مواقف مبدئية أكثر منها على برامج المرشحين. وتزداد المعضلة استفحالاً إذا ما عرفنا أن في إمكان أي طرف أن يعرقل العملية الانتخابية إذا لم تمضِ في المسار الذي يرضيه. والأكثر ترجيحاً أن لا يعترف بعضهم بالنتائج أيضاً إذا لم تصب في مصلحته، في انعكاس للواقع الانقسامي في البلاد.   

وقبل كل ذلك، لا تزال القوى الليبية غير متفقة على ما إذا كانت الانتخابات النيابية يجب أن تجري في الموعد نفسه أم بعد ذلك، أم يتعين إجراؤها بين جولتي الانتخابات الرئاسية.  

صحيح أن الليبيين اتفقوا منتصف العام الماضي على هدنة لا تزال صامدة على نحوٍ كبير. لكن الهدنة أسكتت الرصاص والمدافع ولم تنهِ الحرب الأهلية التي تلت إسقاط القذافي. وعلى رغم أن المجتمع الدولي يواكب العملية السياسية بين الليبيين، ويبدي حرصاً على الانتقال إلى عهد جديد يسوده حكم المؤسسات، ويضع حداً لنفوذ أمراء الحرب والميليشيات، فإن القوى الليبية المتنفذة لا تبدي حتى الآن أي بوادر نحو المصالحة وطي صفحة الحرب نهائياً.

والحال السائدة منذ بدء الترشيحات الرئاسية وعودة حال التشنج إلى الخطاب السياسي الداخلي، تظهر أن ثمة فرقاً كبيراً بين ما يريده المجتمع الدولي وما تريده القوى السياسية والعسكرية الليبية، إذ إن الخارج يبدو في بعض الأحيان أحرص على إعادة ليبيا إلى الخريطة السياسية للعالم، من القوى الليبية نفسها. والمجتمع الدولي إنما يفعل ذلك، من منطلق تفادي الآثار السلبية التي خلّفتها الفوضى على العالم، ولا سيما أوروبا الأقرب جغرافياً إلى ليبيا.   

ومهما كان الثمن، لا يفترض بالانتخابات الرئاسية أن تكون معبراً لتجدد القتال في ليببا، بل باباً لإخراج البلد من أزماته التي هي أكثر من أن تُحصى. والانتخابات يجب أن تكون مفترقاً مع ليبيا المقسمة والمشرذمة مؤسساتياً ومجتمعياً وروحياً، لا أن تشكل فصلاً جديداً من فصول الحرب.

وهنا يتعين على الأمم المتحدة التي لعبت دوراً مهماً في وقف النار وإطلاق الحوار بين الليبيين، أن تنشط مجدداً في البحث عن شخصية تجمع بين الليبيين، حتى ولو كان ذلك على حساب إرجاء الانتخابات لفترة من الوقت، ريثما يتوصل الليبيون إلى شخصية غير مختلفٍ عليها، ولا تشكل عاملاً يضاعف من انقساماتهم.

شاهد أيضاً

روسيا التي لا تساند أحداً… علاقة غير عادلة مع إيران

بقلم: يوسف بدر – النهار العربي الشرق اليوم– في مقالته في صحيفة “وول ستريت جورنال” …