الرئيسية / مقالات رأي / Newsweek: يجب على الولايات المتحدة حماية البوسنة من مصير أفغانستان

Newsweek: يجب على الولايات المتحدة حماية البوسنة من مصير أفغانستان

By: HIKMET KARCIC

الشرق  اليوم – حذر الممثل الأممي السامي للبوسنة والهرسك، كريستيان شميدت، مؤخرًا من أنه إذا لم يعمل المجتمع الدولي على الحد من تهديدات الإجراءات الانفصالية من قبل صرب البوسنة، فإن الدولة الصغيرة الواقعة في غرب البلقان، قد تواجه أسوأ «تهديد وجودي» في فترة ما بعد الحرب، وكان من المفترض أن يُقرأ تقريره أمام مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، ولكن تم حذفه من جدول الأعمال بعد ضغوط من روسيا.

ويبدو أن الرجل الذي يقف وراء الأزمة هو زعيم صرب البوسنة ميلوراد دوديك، إذ هدد بإعادة تأسيس جيش صرب البوسنة الذي وجدت المحكمة الجنائية الدولية أنها الجهة الرئيسية المسؤولة عن الفظائع الجماعية التي تم ارتكابها، بما في ذلك الإبادة الجماعية في سريبرينيتشا، التي تم فيها إعدام أكثر من 8 آلاف رجل وصبي من مسلمي البوسنة وإخفاء جثثهم في مقابر جماعية.

وفي عام 1995، تم إبرام اتفاقيات دايتون للسلام في ولاية أوهايو الأمريكية، والتي أنهت الحرب الدموية التي استمرت ثلاث سنوات ونصف، ومع ذلك، فقد أدى اتفاق السلام هذا، بمرور الوقت، إلى تعزيز الانقسامات، إذ تنقسم البوسنة والهرسك بعد الحرب إدارياً إلى كيانين: «جمهورية صربسكا»، واتحاد البوسنة والهرسك، وقد كان غالبية السكان في الأولى من الصرب البوسنيين، في حين أن غالبية السكان في الأخير كانوا من البوسنيين والكروات البوسنيين، كما تم تعزيز الحكومة، التي كانت ضعيفة إلى حد ما في البداية، على مر السنين، وذلك في الغالب بمساعدة ضغوط الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.

وفي الفترة الأولى، بدا أن كل شيء يسير على ما يرام، إذ تقدم الوضع الاقتصادي والسياسي ببطء في اتجاه إيجابي، وتم القبض على الجناة ومحاكمتهم على جرائمهم، وقد بدا أن البلاد على وشك الحصول على عضوية الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي (ناتو)، أو على الأقل هذا ما قيل لنا.

ولكن كانت نقطة التحول الحاسمة في عام 2006، حينما ترك الممثل السامي البريطاني، بادي أشداون، منصبه، وأجريت الانتخابات العامة، حيث تم انتخاب الزعيم السياسي في زمن الحرب، هاريس سيلاجيتش، كعضو بوسني في الرئاسة الثلاثية للبوسنة، بينما أصبح ميلوراد دوديك (ممثل الصرب) رئيسًا لوزراء جمهورية صربسكا، وفي الوقت الذي قام فيه سيلاجيتش بحملة لإلغاء الكيان الصربي، قام دوديك بحملة من أجل الاستقلال، وقد كان ذلك مكسبًا سياسيًا للجانبين، إذ مكنتهم هذه الحملات من الوصول إلى السلطة من خلال تبني خطاب مثير للانقسام، وعلى مدار الخمسة عشر عامًا الماضية، استمر دوديك في الهيمنة على المشهد السياسي مستخدمًا نفس الخطاب، مما أدى إلى توقف التقدم فى البوسنة مع مرور الوقت.

وفي غضون ذلك، أعطى صعود الأيديولوجيات اليمينية المتطرفة وكراهية الإسلام في أوروبا والعالم قيادة صرب البوسنة، فرصة مثالية لإهانة «البوشناق»، (مسلمي البوسنة والهرسك)، من خلال تصنيفهم بأنهم «متطرفون» يريدون إقامة «دولة مسلمة»، وقد لعبت مؤسسة صرب البوسنة بشكل مباشر على مخاوف العدد المتزايد من الشعبويين اليمينيين في الغرب، وتم تجاهل البوشناق، الذين هم في الغالب من الليبراليين الذين يروجون للبوسنة والهرسك باعتبارها دولة علمانية، ولكن بات يتم تصنيف البلاد بدلاً من ذلك على أنها مركز «إرهابي»، وملاذ آمن للمسلحين والمهاجرين غير الشرعيين.

وتذكرنا الأزمة الحالية التي تتكشف في البوسنة والخطاب المستخدم فيها بالتسعينيات، حينما اتهم مرتكبو الإبادة الجماعية البوشناق بالتطرف، إذ تألفت العمليات العسكرية لصرب البوسنة بشكل أساسي من الاعتقال الجماعي والإعدام الجماعي والاغتصاب الجماعي والمقابر الجماعية، وقد أدى الخطاب الحالي، إلى جانب الوضع السياسي العالمي والإقليمي العام، إلى إثارة المخاوف بين مواطني البوسنة والهرسك.

وبينما يتخذ خطوات نحو إضعاف مؤسسات الدولة، فقد أقام دوديك تحالفات مع بعض المستبدين في أوروبا، وفي سبتمبر من هذا العام، حضر دوديك القمة الديمغرافية الرابعة في بودابست وطرح سؤالاً على الجمهور: «من سيعيش في أوروبا بعد 50 عامًا من الآن؟ هل سيكون هناك أوروبيون؟ أنا أعيش في منطقة على بُعد أربع ساعات ونصف فقط من هنا، والتي يأتي إليها المهاجرون من الشرق الأوسط، فهل تعتقد أن ذلك بعيد عن أوروبا؟».

وهذا يدل على محاولة دوديك تصدير خطابه الخطير إلى ما وراء حدود البوسنة، وقد أثارت قراراته الأخيرة مخاوف المواطنين البوسنيين والمراقبين الدوليين، وتشكل التهديدات المتعلقة بالانفصال المحتمل لكيان جمهورية صربسكا في البوسنة والهرسك خطرًا أمنيًا خطيرًا في المنطقة، مع تداعيات كبيرة على المدى الطويل، كما أنه يشكل تهديدًا ضمنيًا لغير الصرب الذين يعيشون في هذا الكيان، بما في ذلك العائدون من الإبادة الجماعية في سريبرينيتشا والبوشناق والكروات البوسنيون والأقليات المتعددة.

وقادت إدارة الرئيس الأمريكي السابق بيل كلينتون اتفاقية دايتون، وقد حان الوقت لإدارة الرئيس جو بايدن للتدخل ودعم حلفائها في البوسنة والهرسك ودعم السلام، إذ إن عدم القيام بذلك سيؤدي إلى تدهور الأوضاع في البوسنة والهرسك ويجعلها تصبح أفغانستان أخرى.

ترجمة: المصري اليوم

شاهد أيضاً

الأمل المستحيل لإسرائيل

بقلم: عاطف الغمري – صحيفة الخليج الشرق اليوم- عندما يطرح مركز بحوث أمريكي مؤيد دائماً …