الرئيسية / دراسات وتقارير / تقرير: “تحديات صعبة” أمام التحول إلى الديمقراطية في السودان

تقرير: “تحديات صعبة” أمام التحول إلى الديمقراطية في السودان

الشرق اليوم- رغم إعادة الجيش السوداني، عبد الله حمدوك، إلى منصبه كرئيس للوزراء، بعد نحو شهر من الاستيلاء العسكري على السلطة وحل مؤسسات الحكم الانتقالي وإعلان حالة الطوارئ، فإن المظاهرات المؤيدة للديمقراطية مستمرة.

وبعد أن كان حمدوك تحت الإقامة الجبرية، وقع مع الجيش اتفاقا، الأحد، تتضمن عودته إلى منصبه، وتشكيل حكومة “تكنوقراط” جديدة، والإفراج عن السياسيين الذين تم اعتقالهم بعد قرارات الجيش في 25 أكتوبر الماضي.

محاسبة المسؤولين عن الانقلاب

ورغم دعوات المتظاهرين السابقة بالإفراج عن حمدوك، استمرت الاحتجاجات المؤيدة للديمقراطية، الأحد، فور إعلان الاتفاق، حيث يطالب النشطاء السودانيون بمحاسبة المسؤولين عن الانقلاب وعن الدم الذي وقع خلال التظاهرات المناوئة له.

وقُتل 41 متظاهرا منذ أواخر أكتوبر، بحسب لجنة الأطباء المركزية في السودان.

وقالت المفوضة السامية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان، ميشيل باشلي، في بيان الخميس الماضي: إن قوات النظام استخدمت الذخيرة الحية ضد المتظاهرين السلميين.

وبينما كان الجيش يعلن إعادة حمدوك لمنصبه بعد ضغوط دولية، قتل يوسف عبد الحميد، (16 عاما)، بعد إصابته برصاص حي في الرأس، بالقرب من القصر الجمهوري الذي كان يوقع فيه ما يسمى بـ”الاتفاق السياسي”.

فبعد الإعلان عن الصفقة بين الجيش وحمدوك، بدأ المتظاهرون الذين دافعوا عن رئيس الوزراء في السابق، يرددون شعارات ضده. لكن حمدوك أكد أنه وقع على الاتفاق “لمنع المزيد من إراقة الدماء”.

وقال: “نحن ملتزمون بالمسار الديمقراطي، وحرية التعبير والتجمع السلمي، وانفتاح أكبر على العالم”.

ورفضت أحزاب سياسية، من أبرزها تحالف قوى الحرية والتغيير، الذي كان له دور فعال في الإطاحة بنظام عمر البشير، والذي رشح حمدوك لمنصب رئيس الوزراء في عام 2019، الاعتراف بالاتفاق، ووصفه البعض بأنه “خيانة”، وأنه “وفر غطاء سياسيا للانقلاب”.

وقال صديق أبو فواز، عضو التحالف الإعلامي لقوى الحرية والتغيير، في تصريحات لـبي بي سي، الأحد: “بالنسبة لنا، يجب أن نحاسبهم على الجرائم التي ارتكبوها، من هو حمدوك ليبرم اتفاقا من تلقاء نفسه، ويطلق عليه مبادرة وطنية. إنه رجل كان في السجن، وكانوا يتفاوضون معه وهم يصوبون بندقية نحو رأسه”.

لكن حمدوك قال إن حكومة تكنوقراطية جديدة “يمكن أن تساعد في تحسين الاقتصاد السوداني الذي عانى من أزمة مطولة”، تشمل أحد أعلى معدلات التضخم في العالم ونقصا حادا في السلع الأساسية.

وأضاف لرويترز قوله: “سنواصل اتصالاتنا مع المؤسسات المالية الدولية، وستمضي الميزانية الجديدة التي ستبدأ في يناير على طريق الإصلاح الاقتصادي وتفتح الباب أمام الاستثمار في السودان”.

قال رئيس الوزراء السوداني، عبد الله حمدوك، الاثنين، إن “الحفاظ على المكاسب الاقتصادية التي تحققت خلال العامين الماضيين”، كان من بين الأسباب التي دفعته للعودة إلى منصبه، بموجب اتفاق مع الجيش بعد نحو شهر من إقالته في انقلاب عسكري.

ومنذ تعيين حمدوك رئيسا للوزراء، في عام 2019، بموجب اتفاق لتقاسم السلطة بعد الإطاحة بعمر البشير، نفذ السودان إصلاحات اقتصادية بما في ذلك رفع دعم الوقود وتعويم عملته بشكل منظم.

وحازت الإصلاحات، التي يراقبها صندوق النقد الدولي، على موافقة بإعفاء السودان من قسم كبير من ديونه الخارجية، التي تزيد عن 50 مليار دولار.

وأوقف البنك الدولي وبعض المانحين الثنائيين مؤقتا المساعدة الاقتصادية التي كان السودان في أمس الحاجة إليها، بعد استيلاء الجيش على السلطة.

غموض الصفقة

يشير موقع “فوكس” إلى أن التظاهرات مستمرة أيضا بسبب الغموض الذي لا يزال يحيط بالاتفاق والقلق بشأن صلاحيات الجيش التي يعتبرونها سيفا مسلطا على رقاب المدنيين وستكون لهم اليد العليا في البلاد.

ويقول مدير الأبحاث في مركز أفريقيا للدراسات الإستراتيجية، جوزيف سيغل، للموقع، إن “المحتويات الكاملة وسياق الاتفاقية، بالإضافة إلى مسؤوليات وصلاحيات كل جانب لا تزال غير معروفة، بما في ذلك الدور الذي من المتوقع أن يلعبه الجيش في الحكومة الانتقالية”.

وينقل “فوكس” عن نوينهال سينغ، أستاذ العلوم السياسية ومؤلف كتاب “الاستيلاء على السلطة: المنطق الاستراتيجي للانقلابات العسكرية”، إن “حقيقة أن المجلس العسكري قد أعاد السلطة إلى حمدوك هو تطور إيجابي، ولكن يبقى أن نرى ما الذي سيعنيه هذا للسيطرة المدنية الفعلية على الجيش والحكومة، هل سيكون لدى رئيس الوزراء القدرة على متابعة أهداف سياساته بطريقة غير مقيدة، أم أنه اضطر إلى قبول القيود كجزء من اتفاق سمح له بالعودة إلى السلطة ظاهريا فقط”.

وأشادت عدة دول، من بينها الولايات المتحدة والنرويج وسويسرا والمملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي وكندا ، في بيان، الأحد، بالإفراج عن حمدوك وأعلنت تضامنها مع الشعب السوداني. كما قامت بعثة الأمم المتحدة المتكاملة للمساعدة الانتقالية في السودان بنشر بيان عبر عن “تفاؤل حذر”.

وقالت وزارة الخارجية الأمريكية، الإثنين: إن الوزير، أنتوني بلينكين، تحدث مع رئيس الوزراء السوداني، والقائد العسكري الجنرال، عبد الفتاح البرهان.

وأبلغ بلينكن المسؤولين السودانيين أن  البلاد بحاجة إلى إحراز مزيد من “التقدم”، قبل أن تستأنف واشنطن صرف 700 مليون دولار من المساعدات المعلقة.

وقال المتحدث باسم الخارجية الأمريكية نيد برايس: إن “رسالة” الوزير مفادها أنه “يجب أن نستمر في رؤية التقدم”، معتبرا أن عودة رئيس الوزراء إلى السلطة بعد أن اعتقله الجيش نهاية أكتوبر “خطوة أولى مهمة”، ولكنها “ليست أكثر من ذلك”.

قالت وزارة الخارجية الأمريكية، الاثنين: إن الوزير، أنتوني بلينكين، تحدث مع رئيس الوزراء السوداني، عبد الله حمدوك، والقائد العسكري الجنرال، عبد الفتاح البرهان، بعد أن أعاد الجيش حمدوك، الأحد، لمنصبه بعد انقلاب الشهر الماضي.

تحديات وتحول “صعب”

في هذا الإطار، يؤكد الخبراء على أنه لا تزال هناك العديد من التحديات التي تواجه التحول الديمقراطي في السودان، رغم “الاتفاق السياسي”.

ويوضح سيغل أنه “في أي انتقال ديمقراطي، خاصة عندما يكون قد شهد هذا البلد فترات طويلة من النفوذ الاستبدادي، وتم إضفاء الطابع المؤسسي على ذلك، لديك وضع لا يوجد فيه أي مدنيين ذوي خبرة لتولي زمام الأمور، وفي الناحية الأخرى، مؤسسات ذات هيكل سلطوي”، واعتبر أن “بناء المؤسسات الديمقراطية في ظل هذه الظروف يشكل تحديا لا يُصدق”.

وبحسب سينغ، فإن “الحركة الديمقراطية ستكون حذرة للغاية في هذه المرحلة، وقد تحتج وتعلن عصيانا مدنيا، من أجل التأكد من بقاء مخاوفهم على جدول الأعمال ومتابعتها. وعلى العكس من ذلك، قد يشعر الفاعلون العسكريون أيضًا بالحاجة إلى إرسال الإشارات والرد على ضغط المدنيين بعد التخلي عن السلطة”.

يؤكد سيغل أن التحول إلى الديمقراطية “سيكون صعبا، وسيكون هناك منحنى تعليمي، وستكون هناك أخطاء”.

ومع ذلك، فإنه من المهم، وفقا لسيغل، أن يتمسك السودان بطريقه الحالي نحو التحول الديمقراطي، على الرغم من أن الطريق قد يكون مليئا بالتحديات.

المصدر: الحرة

شاهد أيضاً

فرنسا: إيران لم تستخدم أفضل أسلحتها

الشرق اليوم– قالت مجلة لوبوان إن “طوفان النيران والتكنولوجيا” الذي أطلقته إيران باتجاه إسرائيل في …