الرئيسية / مقالات رأي / المعضلة الإفريقية

المعضلة الإفريقية

بقلم: عبد اللطيف المناوي – المصري اليوم 

الشرق اليوم – يذكر المؤرخ البريطاني جون كيجان أنه تمت إعادة ترتيب العالم أربع مرات، الأولى مع صلح وسـتفاليا عام 1648 بعد حرب الثلاثين عامًا، التي دارت داخل الإمبراطورية الرومانية، وهي أول اتفاقية دبلوماسية في العصور الوسطى لترسيخ مبدأ سيادة الدول، أما المرة الثانية فكانت في مؤتمر فيينا عام 1815 بعد الحروب النابليونية، والثالثة فكانت في باريس عام 1919 بعد الحرب العالمية الأولى، وأخيرًا في سان فرانسيسكو عام 1945 بعد الحرب العالمية الثانية.

وأظن أن تلك المرات الأربع يضاف إليها مرة خامسة في برلين سنة 1885، وهي المرة التي اجتمعت فيها القوى الأوروبية الاستعمارية لتقسيم ثروات وموارد إفريقيا، وقد انعقد المؤتمر في فترة من النشاط الاستعماري المتزايد من جانب القوى الأوروبية، وبالذات لبلاد القارة السمراء، بينما في الوقت نفسه كانت تلك القوى تقضي على أي صيغ من الحكم الذاتي الإفريقي وتقرير المصير.

هذه الاتفاقية أثرت بشكل كبير ومباشر على مستقبل إفريقيا، إذ لايزال يطلق تعبير «لعنة برلين» على أي مشكلة تظهر في بلاد القارة إلى الآن، وهي لعنة أدت إلى تراجع الاقتصاد الوطني في دول القارة الإفريقية في مقابل تبعية وازدهار للاقتصاد الاستعماري، ولكن يبقى السؤال الأهم، والذي يلح على المتابع لأحوال بلاد القارة الآن، وهو هل تتمكن إفريقيا من تجاوز هذا التأثير السلبي على الاقتصاد الوطني؟

أعتقد أنه ليس من الواضح ما إذا كان القادة الأفارقة وشعوبهم قد تمكنوا من تجاوز تناقضات الاقتصاد السياسي الاستعماري في الأساس، إذ إنه من الواضح أن الاستعمار أنتج أشكالًا معينة من البرجوازية الصغيرة، فضلًا عن خلق نوع ما من السلطوية، أدت بشكل أو بآخر إلى ترسيخ وضع الاقتصاد على شكله الموجود سلفًا.

لقد أثبتت الهيمنة الخارجية على اقتصادات إفريقيا وأمراض التبعية المترتبة عليها، والتي ترجع إلى الفترة الاستعمارية، أنها قادرة على الاستمرار بشكل ملحوظ، حيث تم دمج الاقتصادات الإفريقية في اقتصادات البلدان المتقدمة بطريقة غير مفيدة لإفريقيا.

ولعل أحد أهم أهداف أجندة إفريقيا ٢٠٦٣ هو التخلص من تلك التبعية، حتى وإن لم تقل بشكل رسمي، ولكن يبقى أمام البلاد الإفريقية معضلات حقيقية، تتمثل في بعض القضايا السياسية الحرجة التي تضرب دولًا بعينها، إضافة إلى قضايا متعلقة بالأمن والإرهاب، وإصلاح هذه التحديات والخوض فيها ولاشك سيكون من بين الشروط التي قد تؤدي إلى تحول البلاد الإفريقية إلى بلاد ذات قوة ورأى في العالم اليوم.

شاهد أيضاً

مسعى ميلوني الأخير في تونس

بقلم: أحمد نظيف- النهار العربيالشرق اليوم– قبل حضورها اجتماع المجلس الأوروبي الأربعاء المقبل في بروكسل، …