الرئيسية / مقالات رأي / فيينا… على كف المطالبة الإيرانية بضمانات أميركية

فيينا… على كف المطالبة الإيرانية بضمانات أميركية

بقلم: أسعد عبود – النهار العربي

الشرق اليوم- من المقرر أن تعاود المفاوضات النووية بين إيران والقوى العالمية في فيينا في 29 تشرين الثاني (نوفمبر) الجاري. لكن العودة إلى الحوار بعد خمسة أشهر من التوقف، لا تعني أن في الإمكان الذهاب بعيداً في التفاؤل حيال فرص التوصل إلى اتفاق لإحياء خطة العمل الشاملة المشتركة لعام 2015، التي تعرف اختصاراً بالاتفاق النووي. 

ومن المواقف الإيرانية والأميركية في الأشهر الخمسة الأخيرة، يمكن الاستدلال الى الصعوبات التي تنتظر المفاوضات. فالمسؤولون الإيرانيون يصرون على مطالبة إدارة الرئيس جو بايدن بمنح طهران ضمانات بأن الإدارة الأميركية المقبلة لن تكرر ما فعله الرئيس السابق دونالد ترامب عام 2018، عندما أقدم على سحب الولايات المتحدة من “أسوأ اتفاق تم التفاوض عليه” بحسب تعبيره، وعاود فرض العقوبات على طهران، ما أدى إلى شل الاقتصاد الإيراني وارتفاع التضخم والأسعار. 

بيد أن إدارة بايدن حتى الآن غير قادرة على توفير مثل هذه الضمانات، وذلك لسبب رئيسي، إذ أن المسألة تتطلب تحويل الاتفاق إلى معاهدة، والمعاهدة ستيعين طرحها على مجلس الشيوخ الذي لا تتوافر فيه غالبية تؤيد الاتفاق النووي. ومنذ الآن، يتوعد الجمهوريون بأنهم سيلغون الاتفاق في حال وصولهم إلى البيت الأبيض في انتخابات 2024.   

وبحسب ما دلت نتائج انتخابات حاكمية ولاية فرجينيا في أوائل الشهر الجاري، فإن فوز المرشح الجمهوري الوافد حديثاً إلى عالم السياسة غلين يونغكين على المرشح الديموقراطي تيري ماكوليف، أعطى مؤشراً قوياً الى احتمال فوز الجمهوريين في انتخابات منتصف الولاية بعد عام من الآن. ومن شأن ذلك، تمهيد الطريق أمام انتزاع الغالبية الضئيلة من الديموقراطيين في مجلسي الشيوخ والنواب. وهذا بطبيعة الحال سيعزز فرص عودة الجمهوريين إلى البيت الأبيض في 2024، وربما بشخص ترامب نفسه.  

وعليه، لا يستطيع بايدن في وضعه الحالي سوى تقديم التزام سياسي بالاتفاق. وفي حال أصرت إيران على طلب الضمانات للمستقبل، فإن فرص التوصل إلى إحياء الاتفاق عبر مفاوضات فيينا، تصير موضع شك. وستترتب على فشل العودة إلى الاتفاق، انعكاسات سلبية على الشرق الأوسط، بحيث سيتصاعد التوتر الذي يبرز بين الحين والآخر في الخليج، فضلاً عن لجوء إيران إلى تأجيج الحروب بالوكالة في المنطقة. 

إنه وضع بالغ التعقيد بحسب كل المؤشرات. فإذا مضت إيران في تخصيب اليورانيوم بالوتيرة الحالية، فإن المسألة لن تتعدى الأشهر المعدودات قبل أن تجمع ما يكفي من المواد الانشطارية لصنع قنبلة نووية. لكنّ الولايات المتحدة وإسرائيل اللتين تعهدتا الحؤول دون حصول طهران على سلاح نووي، قد تلجآن لتحقيق هذه الغاية، إلى “وسائل أخرى” كان هدد بها وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن.   

ومن الملاحظ أن المسؤولين الأميركيين كرروا أخيراً تحذيراتهم لطهران، بأن الوقت آخذ بالنفاد أمام فرص التوصل إلى إحياء الاتفاق النووي. وأرفقت الولايات المتحدة تحذيراتها بتسيير دوريات جوية فوق الشرق الأوسط لقاذفات استراتيجية من طراز “بي-1بي لانسر”. ورافقت هذه القاذفات مقاتلات من دول حليفة للولايات المتحدة في المنطقة. وهذه رسالة لا تخفى معانيها بالنسبة إلى الحكومة الإيرانية.   

إن فشل الجهود المبذولة لإحياء الاتفاق النووي يفتح الباب أيضاً أمام احتمالات نشوب مواجهة شاملة. والتدريبات الجوية التي تجريها إسرائيل مترافقة مع تمارين للجبهة الداخلية على احتمال تعرضها لسقوط أكثر من ألفي صاروخ يومياً، تدل على أن البديل للاتفاق النووي، سيكون ذهاباً نحو التصعيد. 

عند نقطة مفصلية وحاسمة تقف مفاوضات فيينا هذه المرة. وأجواء واشنطن تشير إلى أنه إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق قبل نهاية السنة، فإن فرص إحياء الاتفاق النووي ستكون تقريباً معدومة، وتالياً يبدأ الإعداد للخطة “ب” من كل الأطراف.

شاهد أيضاً

الأردن: معركة محور التّطرف!

بقلم: محمد صلاح – النهار العربي الشرق اليوم- ليس سراً أن مصر والأردن خسرا كثيراً …