الرئيسية / مقالات رأي / انهيار الجيش الأمريكي

انهيار الجيش الأمريكي

بقلم: إسماعيل الشريف – صحيفة “الدستور” الأردنية

الشرق اليوم – «فقط حين تموت آخر شجرة ويُسمم آخر نهر وتُصطاد آخر سمكة، سندرك أننا لا نستطيع أن نأكل المال»، مثل هندي.
في عام 2019 وإبان حكم «ترامب»، صدر تقرير سري وخطير بعنوان Implications of Climate Change For the U.S Army، «تداعيات تغير المناخ على الجيش الأمريكي»، أوعز به الجنرال «مارك ميلي»، رئيس الأركان المشتركة في ذلك الوقت، وفي شهر آب الماضي رفعت السرية عن التقرير، ومع مرور الزمن أصبح هذا التقرير يحظى بتفاعل كبير لأهميته، وقد أعد التقرير كبار المسؤولين في عدة هيئات حكومية، بما في ذلك ناسا والبنتاغون ووكالة الاستخبارات.
يقول التقرير: إن الجيش الأمريكي قد ينهار في العشرين سنة القادمة بسبب المجاعات والأمراض والجفاف وشبكات الطاقة الهشة نتيجة التغير المناخي، وتدعو الدراسة إلى الاستعداد الكامل لما هو قادم.
يتحدث التقرير عن تدخلات كثيرة متوقعة للجيش الأمريكي على غرار السيناريو السوري في مناطق عديدة في العالم، فبحسب ما يدعيه التقرير أن الصراع اندلع في سوريا بالتزامن مع جفاف شديد شهدته البلاد أدى إلى نزوح الآلاف إلى المدن الكبرى مع وصول لاجئين عراقيين، وأكثر دولة مرشحة لكارثة بيئية هي بنغلادش؛ فأكثر من ستمائة مليون يعيشون تحت مستوى البحر، ومناطق شاسعة من البلاد قد أصبحت غير صالحة للعيش، ومع ارتفاع مستوى البحار فمن المتوقع أن تغرق مناطق شاسعة من البلاد، مما سيفرض تدخلاً من الجيش الأمريكي لمحاولة احتواء هذه الأزمة، وسيتزامن ذلك مع مشاكل بيئية أخرى في دول عديدة يستجيب لها الجيش، مما قد يؤدي إلى عدم قدرته على التعامل مع كل هذه المشاكل.
ويتزامن ذلك مع مشاكل بيئية أخرى داخل البلاد تتطلب وجود الجيش وتدخله، فالبنية التحتية الأمريكية لا تستطيع تحمل التغيرات المناخية، فمثلاً البرودة والحرارة الشديدتين ستؤديان إلى انهيار الشبكة الكهربائية، والفيضانات والأعاصير ومستوى تغيرات المياه ستدمر الطرق، والجفاف والتلوث سيؤثران على مصادر المياه، وأكثر ما يحذر منه التقرير هو انهيار شبكات الكهرباء؛ الذي سيؤدي إلى تلف الأطعمة والأدوية ووقف أنظمة المياه والصرف الصحي والتكييف والاتصالات والطيران والنقل والوقود، وسيؤدي ذلك أيضًا إلى إضعاف قدرات الجيش على مواصلة عملياته.
وهنالك خطر متوقع على المفاعلات النووية في الولايات المتحدة؛ حيث يوجد 95 مفاعلاً تغذي 20% من الطاقة، و60% من هذه المفاعلات في مناطق بيئية خطرة؛ كمناطق رياح شديدة أو تحت مستوى البحر، مما ينذر بخطر تسرب الإشعاعات النووية.
كما سيعمل الجيش على محاولة احتواء تفشي الأمراض، وهذا سيحدث في أي وقت، قرأت مرة في دراسة مثلاً أن ذوبان الثلوج سيؤدي إلى إطلاق فيروسات كانت تحت الثلوج لملايين السنين، هذا بالإضافة إلى زيادة الحرارة التي سينشط فيها الناموس الناقل للعديد من الأمراض.
ونتيجة ذوبان الثلوج سيصبح القطب الشمالي منطقة تنازع بين الولايات المتحدة وروسيا للسيطرة على حقول النفط الغنية، ويطلق عليها التقرير بالمعركة الحتمية.
ويتحدث التقرير بأنه بحلول عام 2040 سيتجاوز الطلب العالمي على المياه العذبة المتوفرة، وسيقطن ثلث سكان العالم في مناطق شحيحة المياه في شمال إفريقيا وجنوبها والشرق الأوسط والصين وحتى الولايات المتحدة، وسيؤدي شح المياه إلى اضطرابات اجتماعية كبيرة، وإلى حروب مياه، وسيزامن ذلك اضطراب في إمدادات المياه ونقص في الغذاء.
لذلك يوصي التقرير باستثمارات كبيرة في جمع المياه وتدريب الجيوش والحكومات للتصدي للكوارث البيئية وتحضير البنية التحتية، إذن لا عجب أن نرى خطة بايدن للاستثمار بمبلغ 1.7 تريليون دولار في البنية التحتية، ولا عجب أن نرى تمركز القوات الأمريكية بالقرب من مصادر المياه.
عنوان السنوات القادمة هي الفوضى، هذا هو عدو جديد ستواجهه الإمبراطورية، أقوى كثيرًا من أي عدو سابق، ألا وهو الطبيعة بكل قسوتها وجبروتها، والتي بدأت بتغيير العالم الذي نعرفه.

شاهد أيضاً

الأمل المستحيل لإسرائيل

بقلم: عاطف الغمري – صحيفة الخليج الشرق اليوم- عندما يطرح مركز بحوث أمريكي مؤيد دائماً …