الرئيسية / مقالات رأي / حلم التوازن النووي

حلم التوازن النووي

بقلم: فيصل عابدون – صحيفة “الخليج”


الشرق اليوم
– التوازن النووي هو «مبدأ» اتفقت عليه القوى النووية الكبرى لمنع نشوب حرب شاملة يستخدم فيها هذا السلاح المدمر. ويطلق على هذا المبدأ تعبير أكثر وضوحاً وهو «توازن الرعب النووي»، ويعني ذلك بوضوح الامتناع عن الحرب النووية التي تعني انتحاراً جماعياً للأطراف المتقاتلة وللبشرية جمعاء.
وفي مقاربة أكثر طرافة يشبه بعض الباحثين مبدأ التوازن النووي ببيت الشعر العربي الشهير «وداوني بالتي كانت هي الداء». وذلك باعتبار أن المبدأ لا يمنع من تطوير الأسلحة النووية والوسائل الناقلة لها، لكنه يهدف لتحقيق التوازن في الترسانات النووية بالمستوى الذي يقنع الأطراف بالامتناع عن توجيه الضربة الأولى.
وظهر مبدأ «التوازن النووي» خلال سنوات الحرب الباردة والسلام الهش الذي كان قائماً بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي. وعلى الرغم من أن الترسانة النووية الروسية لا تزال هي الأكبر حجماً والأشد فتكاً بعد اختفاء الاتحاد السوفييتي، إلا أن أولوية اهتمام فريق الحرب الأمريكي بات يركز أكثر فأكثر على القوة النووية الصاعدة للصين. ويرتبط ذلك أيضاً ببروز توترات جديدة وغير معتادة في ما يتعلق بلهجة القيادة الصينية حول قضية تايوان.
وفي الأسابيع الماضية تضاعفت التصريحات المتبادلة بين الصين والولايات المتحدة بشأن مصير تايوان التي تحكمها حكومة منتخبة وتعتبرها بكين مقاطعة صينية، وتقول إنها عازمة على إعادة ضمها، وبالقوة إذا لزم الأمر. وظلت واشنطن على الدوام تؤكد قدرتها على رد أي هجوم صيني يستهدف الجزيرة لكنها لم تفتأ تعبر عن القلق من إمكانية وتوقيت بدء الهجوم.
وفي تقريره الأخير حول تسارع نمو البرنامج النووي الصيني سعى البنتاجون إلى إيقاظ قلق الإدارة السياسية حول النوايا الصينية في المرحلة الراهنة وفي الوقت ذاته، توجيه تحذيرات إلى بكين لكبح جماح سباقها السريع لبناء ترسانتها النووية.
وأوضح التقرير أن «الصين تعمل على تعزيز قوتها النووية بشكلٍ أسرع بكثير مما توقعه المسؤولون الأمريكيون قبل عام، ما يسلّط الضوء على جهود بكين العسكرية لمضاهاة أو تجاوز القوة العالمية للولايات المتحدة بحلول منتصف القرن. وقال إن«تسريع التوسع النووي للصين قد يسمح لها بامتلاك 700 رأس نووية بحلول العام 2027».
وبحسب التقرير، من المرجح أن تكون الصين قد أنشأت «مثلثاً نووياً» ناشئاً، أي قدرة على إطلاق صواريخ باليستية نووية من البحر والأرض والجو. وكما هو متوقع فقد سارعت القيادة الصينية إلى التنديد بالتقرير الأمريكي وقالت إنه يمتلئ بالأحكام المسبقة ويتجاهل الحقائق.
وأشار تقرير البنتاجون إلى أنّ القدرات والمفاهيم المتطورة للجيش الصيني تعني استمرار تعاظم قدرات الصين على القتال وكسب الحروب ضد «عدو قوي»، في إشارة محتملة إلى الولايات المتحدة. وإذا وضعنا في الحسبان أن الصين ترفض حتى الآن الدخول في مفاوضات الحد من التسلح النووي الجارية بين الولايات المتحدة وروسيا، فإن واحداً من أهداف التقرير الأمريكي ترمي إلى إقناع القيادة الصينية بالكشف العلني عن حجم ترسانتها النووية والحصول على تعهدات بإبقائها ضمن حدود التوازن الذي يمنع نشوب الحرب.

شاهد أيضاً

إسرائيل تختار الصفقة بدلاً من الرد الاستعراضي

بقلم: علي حمادة – صحيفة النهار العربي الشرق اليوم– تجنبت ايران رداً إسرائيلياً استعراضياً يفرغ …