الرئيسية / مقالات رأي / ما وراء أكوان «ميتا»

ما وراء أكوان «ميتا»

بقلم: رمزي الغزوي – صحيفة “الدستور” الأردنية

الشرق اليوم – لأن الخيال يسبقُ العلم دائماً، ولأنني رجل يرى بأنفه، بشكل أكثر وضوحاً ودقة؛ فطالما تمنيت، لو أن التكنولوجيا تغدو قادرة على نقل روائحنا، كما تنقل صورنا وأصواتنا في الأسلاك الباردة، وعبر الأثير الفارغ. ويبدو أن هذا الحلم الجنوني الباذخ على أبواب أن يكون متاحاً للجميع في ظرف قريب قريب.
في ذات الخيال وجنونه، أعلن أول أمس مؤسس «فيسبوك» مارك زوكربيرغ أن فريق الذكاء الاصطناعي في شركته أجرى أبحاثا مثيرة للاهتمام يمكن من خلالها إدراك العالم عبر تصميم مستشعر لمس عالي الدقة يمكن وصفه بالجلد الروبوتي الرقيق. أي أن العلم سينقل لمساتنا وهمساتنا وروائحنا. فكم هو مثير أن تتقارب خطواتنا لجعل الأشياء في العالم الافتراضي تبدو واقعية أكثر من واقعيتها.
فرحت كثيراً حين غيّر زوكربيرغ اسم شركته من إلى «ميتا»، لأن شركة تتبنى إصدارات مستقبلية للإنترنت مرتبطة بكون افتراضي، من اللامنطق أن تبقى محشورة في تسمية ضيقة تتمثل في «كتاب الوجوه»، أي فيسبوك.
الاسم الجديد أُخذ من الكلمة اليونانية metaverse التي تشير إلى «ما وراء الأكون»، وهذا يفتح آفاقاً أكثر رحابة نحو العوالم الافتراضية المعززة لواقعنا، علما بأن المصطلح استخدم قبل ثلاثين سنة في رواية (Snow Crash) لستيفنسون، حيث يتفاعل البشر مع بعضهم البعض، ومع برامجيات ذكية، في فضاء افتراضي ثلاثي الأبعاد، مشابه للعالم الحقيقي، كما حصل في فيلم أفاتار الشهير، وهذا يؤكد أن الخيال أسبق من العلم بمسافات بعيدة.
بعضهم قال إن زوكربيرغ أراد أن يتجنّب اسم «فيسبوك»، الذي أصبح مسموماً بعد ارتبطه بفضائح عديدة؛ كفضيحة «كامبريدج أنالاتيكا» قبل ثلاثة أعوام. لكن التحول برأيي جاء ليحمل طموحات شركته ورغبتها في الخروج من قالب موقع «فيسبوك»، لا سيما أن الشركة تملك عدداً من التطبيقات الأخرى مثل «إنستغرام» و«واتساب»، إضافة إلى امتلاكها شركات فرعية أخرى.
مشروع «ميتا» يسعى إلى نقل مزيد من حيواتنا إلى أكوان ثلاثية الأبعاد، وتحرير وجودنا الرقمي من حدود الشاشة، واستعادة حريتنا في الحركة على إنترنت أكثر «تجسيدًا»، وتمكين اتصالات أعمق بين الناس والأشياء، في بيئات اجتماعية مختلفة، حيث يمكننا رؤية الآخرين والتفاعل معهم ومع أشيائهم بشكل أكثر حميمية.

شاهد أيضاً

أميركا إذ تتنكّر لتاريخها كرمى لعينيّ نتنياهو

بقلم: راغب جابر- النهار العربيالشرق اليوم– فيما تحارب إسرائيل على أكثر من جبهة، تزداد يوماً …