الرئيسية / مقالات رأي / هل هناك قيم أميركية؟

هل هناك قيم أميركية؟

بقلم: عبدالله ناصر العتيبي – صحيفة “الاتحاد”

الشرق اليوم – القيم الأميركية.. القيم الأميركية من منّا لم تتكرر على مسامعه هذه الجملة آلاف المرات خلال الأشهر العشرة الماضية. كم مرة سمعنا هاتين الكلمتين في خطابات المسؤولين الأميركيين ولقاءاتهم التلفزيونية. كم مرة ذُكرت خلال الإيجازات الصحافية الدورية التي يقوم بها المسؤولون الصحافيون في البيت الأبيض ووزارة الخارجية؟

فما هي القيم الأميركية يا تُرى؟ ما هي القيم التي تزايد عليها إدارة «الرئيس بايدن»، وتدعو الدول الأخرى إلى الالتزام بها، وإلا فسوف تتعرض «للنبذ» والضغط السياسي والعسكري؟ يختصر «الديموقراطيون الجدد» القيم الإنسانية في «أسلوب إدارة الدولة» الذي يستخدمونه في إدارة منظومة الحكم في بلادهم. يريدون من دول العالم أن تتبنى طريقة إدارتهم للدولة لأهداف لا تخفى على أحد، ولعل من أهمها كما ذكرت في مقالة سابقة بقاء الدول المُقلِّدة في الحديقة الخلفية للدولة المُقلَّدة، والخضوع لأمرها والوقوف معها في صراعاتها السياسية حول العالم.

القيم الأميركية هي قيم سياسية براغماتية فقط. فحينما يتحدث الرئيس الأميركي جو بايدن في خطاباته عن القيم الأميركية أو القيم الغربية ويدعو أنظمة الحكم في العالم إلى ضرورة تبنيها، فهو يقصد في الخفاء، وإن ألبسها علينا في الظاهر، المصلحة الأميركية الخالصة! وما ينطبق على البراغماتية السياسية الأميركية ينطبق أيضاً على المنظومة الاجتماعية الغربية، فالعمل بالقيم الإنسانية والالتزام بها في مفهوم «الغرب الاجتماعي» يستلزم التبعية والمحاكاة للحراك الاجتماعي المتغير في النصف الغربي من الكرة الأرضية!

فعندما يدعم الغرب تعاطي المخدرات المقنن، فإن من القيم الإنسانية – كما تقول أدبياتهم – أن تتحمس دول العالم الأخرى وتمارس نفس الدور. وعندما تُشرعن «المثلية الجنسية» في الغرب وتُدعم من على المنابر السياسية والإعلامية والثقافية والفنية كافة، فإنه مطلوب من دول العالم أن تركب هذه الموجة غير الأخلاقية، حتى وإن كانت الأكثرية الغالبة ترفض هذه الممارسات التي لا تجرح الأديان فقط وإنما تهدد الوجود البشري كله!

وكأن لسان حالهم يقول: عليكم أن تشبهوننا سياسياً لتصبحوا تابعين لنا، واجتماعياً لنتحكم في حراكاتكم المجتمعية! وليست «القيم الغربية» هي أداة التحكم الوحيدة التي بدا الغرب في العقود الأخيرة في استخدامها، وإنما هناك مصفوفة كاملة من الأدوات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية وحتى الدينية، ولعل معزوفة «حقوق الإنسان» هي الأشهر من بينها، فأصحاب قوانين «جيم كرو» العنصرية التي لم تُلغ إلا منذ عقود قليلة، صاروا يستخدمون ملفات حقوق الإنسان في سبيل تحقيق مصالحهم السياسية هنا وهناك.

يغضون الطرف عن انتهاكات حقوق الإنسان في بلدانهم والبلاد التي يدعمونها، ويقيمون الدنيا ويقعدوها على من يختلف ثقافياً ودينياً معهم بحجة أنه لا يقيم وزناً لحقوق الإنسان من وجهة النظر الغربية!

ولعلني في ختام هذا المقال أذكّر «رابطة العالم الإسلامي» و«منظمة التعاون الإسلامي» بأدوارهما العظيمة في مواجهة القيم الفاسدة التي أشرت لها أعلاه من خلال مواجهة المؤسسات الغربية التي تدعونا علانية إلى اعتناق هذه الرذائل وغيرها عبر أجهزتها الإعلامية والفنية والثقافية، ومحاكمتها دولياً وعقد مؤتمرات المقاومة والممانعة وتشجيع الدول الإسلامية وغير الإسلامية على التعبير عن مواقفها صراحة تجاه هذه الهجمة غير الأخلاقية التي تستهدف وجودنا. نحن أيضاً أيها الغرب المتمدن نمتلك من القيم الإنسانية ما نخاف عليه وندعو الآخرين إلى اعتناقه.

شاهد أيضاً

لبنان- إسرائيل: لا عودة الى ما قبل “طوفان الأقصى”

بقلم: علي حمادة- النهار العربيالشرق اليوم– تسربت معلومات دبلوماسية غربية الى مسؤولين لبنانيين كبار تشير …