الرئيسية / مقالات رأي / هل حكم أردوغان يقترب من نهايته؟

هل حكم أردوغان يقترب من نهايته؟

بقلم: الدكتور قحطان اليوسفي – الوطن السورية

الشرق اليوم– أصبح من المعلوم أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يقود بلاده بخطوات مُتسارعة نحو الأسوأ، حيث أدخلتها سياساته العدائية داخلياً وتدخلاته العسكرية العدوانية خارجياً في سورية والعراق وليبيا، في نفق مظلم، ويعاني الشعب التركي من أوضاع اقتصادية صعبة تسوء يوماً بعد يوم إضافة إلى سياسات القمع، وغضب شعبي متصاعد أفقد حكم أردوغان شعبيته، وبات يقترب من نهايته حسب صحيفة «بيلد» الألمانية، التي ذكرت أن «أردوغان يريد تعديل قانون الانتخابات الرئاسية، وإلغاء شرط الـ50 بالمئة+1، والسماح بفوز المرشح الذي يحصل على الأكثرية بالرئاسة حتى لو حقق أصواتاً دون الـ50 بالمئة.

وتُظهر استطلاعات الرأي مؤخراً أن أردوغان لن يستطيع الفوز حتى لو تم تنظيم انتخابات رئاسية حالياً، وأن خلف خسارة الدعم الشعبي أخطاء عديدة لأردوغان منها الممارسات القمعية وخاصة بعد محاولة الانقلاب حيث قام بأكبر حملة تطهير في تاريخ تركيا السياسي، وطُرد عشرات الآلاف من وظائفهم من عسكريين وقضاة وأكاديميين، وأرسِل صحفيون وكتّاب إلى السجون.

وصف أردوغان الانقلاب الفاشل يومها بأنه «هدية من الله»، للسيطرة بالكامل على الدولة، أردوغان يعتبر أي شخص يقف في طريقه إرهابياً أو عميلاً أجنبياً، وأصبح التعذيب والقمع عملاً اعتيادياً، وأغلق وسائل الإعلام المعارضة.

جاءت اعترافات الزعيم المافيوي سيدات بيكير لتكشف بعض الأعمال المشبوهة التي تمحورت حول نظام أردوغان بما فيها ابتزاز رجال الأعمال عبر تهديدهم.

في مقال نشرته مجلة «the National Interest» الأميركية، قال مايكل روبين، الباحث المقيّم في معهد أميركان إنتربرايز «AEI»، والمحاضر في كلية الدراسات العليا البحرية: إن أردوغان يرغب في بقاء السلطة تحت حكم عائلته من أجل الحفاظ على الثروة العائلية التي تقدر بمليارات الدولارات والتي جمعها خلال فترة حكمه، استبدل أردوغان ثلاثة محافظين للبنك المركزي التركي خلال سنتين لأنهم لم يوافقوه بالكامل على سياساته النقدية، وعزل مؤخراً ثلاثة أعضاء في لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي، وبعدها، هبطت الليرة التركية واحداً بالمئة، إلى مستوى قياسي منخفض جديد، عند 9.1875 مقابل الدولار الأميركي، لتصل خسائرها منذ بداية العام إلى 19 بالمئة.

وخفض البنك المركزي سعر الفائدة الرئيسي، على الرغم من ارتفاع التضخم السنوي إلى حوالى20 بالمئة، في خطوة اعتبرها محلّلون دليلاً جديداً على تدخل سياسي مباشر من أردوغان.

جريدة «نيويورك تايمز» الأميركية في تقرير لمديرة مكتبها في إسطنبول قالت إن التدهور الاقتصادي في تركيا جاء بعد أن شدد أردوغان قبضته على البلاد، في ظل اقتصاد متهالك، مشيرة إلى أن الشعب التركي أصبح يجد صعوبة في شراء المواد الغذائية، وأن جزءاً كبيراً من السكان طغت عليه الديون ويزداد جوعاً وفقراً يوماً بعد يوم، تركيا أردوغان تواجه تبعات تدهور السياحة والعملة وهروب استثمارات أجنبية وتعرضت أيضاً لخسائر إضافية مهمة بعد قطع طريق التجارة البري بينها وبين أسواق الخليج عبر الأراضي السورية. وكانت أكثر من 80 ألف شاحنة تركية تعبر هذه الأراضي متوجهة إلى هذه الأسواق لتصريف المنتجات التركية.

ارتفعت مديونية تركيا إلى نحو 250 مليار دولار تشكل 36 بالمئة من الناتج القومي لتركيا، على حين تبلغ الديون الخارجية المستحقة على تركيا خلال عام 2021 نحو 181 مليار دولار، وتراجعَ الاحتياطي الحقيقي للبنك المركزي التركي إلى ناقص 50 مليار دولار.

لا يكاد يخلو تقرير واحد من تقارير المنظمات والمؤسسات الدولية المعنية برصد حالة حقوق الإنسان في العالم من إدانة واضحة للممارسات القمعية التي تقوم بها السلطات التركية في حق مواطنيها، لتصبح تركيا تحت حكم أردوغان، أكبر سجن للحريات في العالم، من المتوقع أن تستمر حكومة أردوغان في سياساتها القمعية ضد المعارضة وحرية الرأي والتعبير خلال ما تبقى من عام 2021 بسبب الوضع الاقتصادي الهش والقرارات الاقتصادية والمالية المؤلمة شعبياً واجتماعياً، فمن المتوقع أن ينفجر الوضع الاجتماعي في تركيا في نهاية 2021 أو بداية 2022 بسبب زيادة البطالة والغلاء، بالمقابل جميع جولات أردوغان السابقة إلى سوتشي وواشنطن واللقاء مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ومن قبلها مع الرئيس الأميركي جو بايدن، كانت بلا جدوى. القفز على حبال السياسة دولياً وإقليمياً والتلاعب على المتناقضات الروسية الأميركية لن تؤدي لتغيير قناعة الجانب الروسي وفشل أردوغان في حصد أي مكسب من قمة «سوتشي» الأخيرة. الرئيس بوتين يعرف هذه التفاصيل، ويعرف أن أوراق أردوغان تتراجع، ويمكن استثمارها لكونه ضعيفاً.

أردوغان ديكتاتور أستُهلك، انكشفت أوراقه ولم يعد لاعباً مطلوباً على المسرح، وأن مساحة المناورة والتهرب باتت تضيق عليه ما دفعه إلى الارتماء مجدداً في حضن أميركا «البارد»، آخر استطلاعات الرأي أشارت إلى أن شعبية أردوغان وحزبه انخفضت إلى أدنى مستوياتها منذ 19 عاماً، وباتت حول 30 بالمئة فقط، و63 بالمئة من المستطلعين بشكل عام يعتقدون أن تركيا تمضى باتجاه أسوأ، نظام أردوغان منفصل عن الواقع وفي مرحلته النهائية، كما هي الحال مع الثقب الأسود الذي يتقلص حتى يتبدد في نهاية المطاف، وحكم أردوغان يقترب من نهايته؟

شاهد أيضاً

سوريا وروسيا.. الفرص الناشئة

بقلم: عبدالحميد توفيق- العينالشرق اليوم– تدرك موسكو أن سوريا تشكل أحد التحديات الاستراتيجية المهمة التي …