الرئيسية / مقالات رأي / معايير عالمية من أجل عملات مشفرة ثابتة القيمة

معايير عالمية من أجل عملات مشفرة ثابتة القيمة

بقلم: أشلي ألدر- جون كونليف – صحيفة “البيان”

الشرق اليوم – يُفضي التغير التكنولوجي السريع على نحو متزايد إلى تحفيز المبادرات الخاصة، التي تروج لها غالباً شركات التكنولوجيا الكبرى، في مختلف أرجاء عالَـم التمويل، وخاصة في مجال المدفوعات. نتيجة لهذا، وصل النظام المالي العالمي إلى لحظة من المحتمل أن تغير كل القواعد.

تشمل التطورات الأخيرة ما يسمى «العملات المشفرة ثابتة القيمة»، التي تتجنب تقلبات نظيراتها من العملات المشفرة الأكثر ظهوراً، مثل البيتكوين، لأن قيمتها مدعومة بمجمع من الأصول.

العملات المشفرة ثابتة القيمة لديها القدرة على دعم المنافسة في مجال المدفوعات، ونشر التكنولوجيا والإبداع لتقليل التكلفة وتقديم خدمات جديدة. ولكن عند استخدامها على نطاق واسع كوسيلة للدفع، فقد تشكل مخاطر جوهرية تهدد النظام المالي.

في كل يوم، تعتمد ملايين الأسر والشركات، وكذا القطاع المالي على أنظمة الدفع لتحويل الأموال. تشكل هذه الشبكات حجر الأساس الذي يقوم عليه النظام المالي، فتدعم فعلياً كل معاملة في الاقتصاد. وإذا تعطلت لأي سبب، أو إذا فقد المستخدمون ثقتهم بها، فقد يكون التأثير على الاستقرار المالي والاقتصاد الحقيقي هائلاً.

يُـعَـد التغير التكنولوجي والإبداع من الضرورات الأساسية للتطور المستمر للأنظمة النقدية وأنظمة الدفع. تختلف الطريقة التي ندفع بها اليوم تماماً عن الطريقة التي كنا نسدد بها المدفوعات قبل خمسين أو مئة عام.

ولولا الإبداع التكنولوجي، لكنا الآن لا نزال نستخدم العملات المعدنية في كل المعاملات. ولكن نظراً للمخاطر التي ينطوي عليها الأمر، يجب أن لا تؤدي مثل هذه التطورات إلى معايير أمان أقل ومخاطر أعلى.

ينبغي لمبادرات الدفع الجديدة أن تنجح لأنها تقدم خدمة أفضل وربما تعمل على تعظيم القدرة على الوصول إلى الخدمات المالية، وليس لأنها قادرة على العمل وفقاً لمعايير أدنى أو بلا معايير تحكمها على الإطلاق.

في أعقاب أزمة 2008 المالية العالمية، التي كشفت بوضوح عن العواقب المترتبة على الإبداع غير المقيد في العالم الحقيقي، عملت البنوك المركزية والهيئات القائمة على تنظيم الأوراق المالية معاً لإنشاء معايير دولية واضحة لأنظمة الدفع.

أنتجت هذه الجهود «مبادئ البنية الأساسية للأسواق المالية»، التي أصدرتها في عام 2012 «المنظمة الدولية لهيئات الأوراق المالية» و«لجنة المدفوعات والبنية الأساسية للأسواق» في بنك التسويات الدولية.

هذه المبادئ مصممة لضمان أمان وقوة كل العناصر الأساسية المكونة للبنية الأساسية للأسواق المالية، بما في ذلك أنظمة الدفع، وثقة المستخدمين بها. لهذا السبب نشرت لجنة المدفوعات والبنية الأساسية للأسواق والمنظمة الدولية لهيئات الأوراق المالية للتو تقريراً استشارياً حول تطبيق معايير المدفوعات الدولية على العملات المشفرة الثابتة القيمة.

يُـعَـد التقرير الجديد علامة فارقة من ثلاثة جوانب، فهو أولاً يؤكد أن المعايير الدولية الحالية التي تحكم أنظمة الدفع تنطبق بالكامل على مخططات العملات المشفرة ثابتة القيمة عند استخدامها لتقديم خدمات الدفع.

وسوف يزود التطبيق المقترح للمبادئ التوجيهية على العملات المشفرة ثابتة القيمة مناطق الاختصاص الفردية بخط أساس متفق عليه دولياً لاستخدامه عند تطوير استجابتها التنظيمية لمبادرات الدفع الجديدة على المستوى المحلي وعبر الحدود.

ثانياً: من خلال شرح كيفية ارتباط المبادئ القائمة بالعملات المشفرة ثابتة القيمة، يشكل التقرير خطوة كبيرة إلى الأمام نحو تطبيق نهج «ذات الأعمال، وذات المخاطر، وذات القواعد» على ابتكار سريع النمو ومهم في مجال الدفع.

تمتلك أنظمة الدفع القائمة والمتوقعة في المستقبل للعملات المشفرة الثابتة القيمة عدداً من السمات التي تميزها عن أنظمة الدفع الأخرى، فهي تستخدم تكنولوجيات مختلفة ومن الممكن أن تخضع لأدوات حوكمة مختلفة.

علاوة على ذلك، على عكس أنظمة الدفع الأخرى، التي تحول الأموال في هيئة نقود تصدرها البنوك المركزية أو ودائع لدى البنوك التجارية، لا تكتفي مخططات العملات المشفرة ثابتة القيمة بتحويل الأموال، بل تنشئ النقود أيضاً ـ العملات المشفرة ثابتة القيمة ذاتها ـ التي يجري بها تحويل الأموال.

يقدم التقرير الاستشاري إرشادات حول كيفية تطبيق المعايير الدولية الحالية على هذه السمات الجديدة للعملات المشفرة ثابتة القيمة. ويقترح على نحو حاسم أنه في حال اكتساب نظام العملة المشفرة ثابتة القيمة أهمية جهازية، أو إذا كان ذلك محتملاً، يصبح تطبيق المعايير الدولية على كل عناصر النظام، بما في ذلك العملة المشفرة ثابتة القيمة ذاتها، أمراً واجباً.

يوضح التوجيه أن العملات المشفرة ثابتة القيمة لا يمكن استخدامها لتسوية المعاملات إلا إذا كانت تفي بذات المعايير العالية التي نتوقعها من النقود المستخدمة بالفعل للتسوية اليوم. وعلى وجه التحديد، يهتم بتحديد التوقعات فيما يتصل بسيولة العملات المشفرة ثابتة القيمة وجدارتها الائتمانية وحقوق حامليها، بما في ذلك حق تغيير العملة عند الطلب مقابل أموال نقدية بكامل قيمتها الاسمية.

ثالثاً: ستساعد التوجيهات المقترحة مشغلي العملات المشفرة ثابتة القيمة الحالية، والتي قد تصدر في المستقبل في هيكلة مخططاتهم على النحو الذي لا يتسبب في خفض المعايير أو خلق مخاطر جديدة تهدد الاستقرار المالي.

هذا من شأنه أن يساعد في ضمان التنافس على قدم المساواة مع مقدمي خدمات الدفع الآخرين. من منظورنا، ربما تتسبب الهياكل الداخلية والأطر القانونية التي تحكم العملات المشفرة ثابتة القيمة في جعل امتثالها لمبادئ البنية الأساسية للأسواق المالية أمراً بالغ الصعوبة ما لم تعمل على إصلاح ذاتها.

يُـعَـد تقرير العملات المشفرة ثابتة القيمة الجديد خطوة مهمة نحو الاعتراف بالوعود والمزايا التي يقدمها التمويل الرقمي، وحماية الناس في ذات الوقت من المخاطر التي لا يجوز لنا أن نتجاهلها. في نهاية المطاف، يجب أن يكون الجميع قادرين على إجراء مدفوعات سريعة منخفضة التكلفة وشفافة، سواء كانت محلية أو عابرة للحدود.

لتحقيق هذه الغاية، يجب تشجيع الإبداع والمنافسة، حتى يتمكن المستخدمون من الوصول إلى خدمات جديدة واختيار مقدم الخدمة. ولكن على ذات القدر من الأهمية، يجب أن تكون خدمات الدفع ذات الأهمية الجهازية، أو التي من المحتمل أن تكتسب أهمية جهازية، قوية وآمنة، بما يصب في مصلحة المستخدمين ويضمن استقرار النظام المالي العالمي.

شاهد أيضاً

الأمل المستحيل لإسرائيل

بقلم: عاطف الغمري – صحيفة الخليج الشرق اليوم- عندما يطرح مركز بحوث أمريكي مؤيد دائماً …