الرئيسية / مقالات رأي / الأزمة اللبنانية

الأزمة اللبنانية

بقلم: عمرو الشوبكي – المصري اليوم

الشرق اليوم- اشتباكات يوم الخميس الماضي في بيروت أزمتها أنها “عرض المرض”، وأن كل المسكنات التي حاولت أن تحلها من تشكيل حكومة أو مواءمات بين أحزاب الطوائف، لم تعالج المرض نفسه إنما سكنت آلامه ورحّلت حلوله.

والحقيقة أن جوهر المرض هو نظام المحاصصة الطائفي المهيمن على لبنان منذ نشأته عام 1943، والحل لن يكون “بكبسة زر” كما يقول اللبنانيون، أي حل سحري في يوم وليلة، إنما في بناء مشروع مدني طويل الأمد يفكك بشكل تدريجي المنظومة الطائفية، أو بالأحرى أحزاب الطوائف، لصالح بناء جديد سيحترم خصوصية كل طائفة ومنطقة وعائلة، ولكنه لن يجعل أحزاب الطوائف هي المحتكر الرسمي والمتحدث الحصري باسمهم.

مأساة يوم الخميس الدامي أنها نبشت في الذاكرة الأليمة للحرب الأهلية اللبنانية، لأنها جرت عند نفس خطوط التماس التي كانت تفصل بين بيروت الغربية، حيث توجد منطقة الشياح ذات الأغلبية الشيعية، وبيروت الشرقية حيث تقع منطقة عين الرمانة ذات الأغلبية المارونية، وخلفت 7 قتلى و32 جريحا سقطوا عقب إطلاق النار عليهم من قبل قناصة “مجهولين شكلا”، أثناء مشاركتهم في مظاهرة سلمية للمطالبة بتنحية القاضي طارق البيطار الذي يحقق في جريمة انفجار مرفأ بيروت، وعقب قراره باستدعاء شخصيات سياسية وأمنية مقربة من حزب الله.

ومهما كانت درجة الرفض لشعارات المتظاهرين أو خطابهم التحريضي، فإن مواجهة مطالب مظاهرة سلمية لا تكون بالرصاص وقتلهم في الشوارع.

تفجر الأزمة جاء عقب التفجير الذي شهده مرفأ بيروت وراح ضحيته 218 شخصا وحوالي 7 آلاف مصاب، وبدت هناك شبهات حول تورط حزب الله في تخزين مادة “نترات الأمنيوم” التي أدت للانفجار.

وقد باشر القاضي طارق البيطار التحقيق في القضية، واستدعى بعض المسؤولين المقربين من حزب الله، وهو ما اعتبره الحزب تسييسا للقضية ومارس تحريضا وشحنا ضد القاضي واتهمه بأنه عميل ومدفوع، وهو ما استفز أهالي ضحايا الانفجار واتهموا بدورهم حزب الله بأنه يعمل على إخفاء مسؤوليته، وزاد الشحن في ظل تضرر مناطق مسيحية من التفجير وأخذ بعدا طائفيا، رغم أنه كان يمكن أن يسير الأمر في إطار تحقيق شفاف ونزيه، وألا يهدد بعض المسؤولين الأمنيين في حزب الله القاضي بيطار، ليظهروا وكأنهم فوق الدولة ولا يكترثون بدماء الأبرياء الذين ماتوا.

نعم ليس مطلوبا شيطنة حزب الله وإعفاء باقي أمراء الحرب والطوائف من مسؤولية ما يجرى في لبنان، فالحزب لعب دورا رئيسيا في تحرير الجنوب اللبناني من الاحتلال الإسرائيلي عام 2000 ولا يزال يمثل قوة ردع لإسرائيل تجعلها تفكر أكثر من مرة قبل استباحة لبنان، لكنه وظف قوته العسكرية في الداخل اللبناني ومارس استعلاء بحق باقي المكونات اللبنانية، وهو ما يتطلب المراجعة الجذرية قبل أن تنفلت الأمور ويضيع السلم الأهلي.

شاهد أيضاً

الأمل المستحيل لإسرائيل

بقلم: عاطف الغمري – صحيفة الخليج الشرق اليوم- عندما يطرح مركز بحوث أمريكي مؤيد دائماً …