الرئيسية / الرئيسية / تقرير: السلام والهدوء المؤقت والهش الذي فرضته حركة طالبان في أفغانستان مهدد بالانهيار

تقرير: السلام والهدوء المؤقت والهش الذي فرضته حركة طالبان في أفغانستان مهدد بالانهيار

الشرق اليوم- قال مسؤولين حكوميين سابقين من أفغانستان لمجلة “نيوزويك” إن السلام  والهدوء  المؤقت والهش الذي فرضته حركة طالبان في البلاد مهدد بالانهيار مع اقتراب فصل الشتاء وازدياد مخاطر اندلاع حروب ومعارك جديدة.

وحذر أحدهما من “كارثة إنسانية” وشيكة، مشددا على وجود “واجب أخلاقي” تجاه أفغانستان من قبل المجتمع الدولي والولايات المتحدة.

وتواجه حكومة طالبان مجموعة من التحديات الخطيرة مع اقتراب فصل الشتاء، إذ يجب أن تتحول تلك الحركة من مجرد جماعة مسلحة إلى حكومة قادرة على مواجهة الأزمات الاقتصادية والعزلة الدولية، بالإضافة إلى التصدي للتهديد الذي تشكله جماعة ” ولاية خراسان” التابعة لتنظيم داعش الإرهابي. 

كما يجب على حكومة طالبان أن تتعامل مع الاحتجاجات المطالبة بحماية حقوق المرأة والأقليات ومنع الانتقام من موظفي وعمال الحكومة السابقة.

وفي هذا الصدد يقول نايدر نادري ، الرئيس السابق للجنة الخدمة المدنية وعضو فريق مفاوضات السلام للحكومة الأفغانية السابقة، لنيوزويك: “السلام ليس مجرد إخماد أصوات البنادق، إنه مفهوم أكبر من ذلك بكثير”.

وتابع” الوضع الأفضل للبلاد يتمثل في  أن يكون للجميع مستقبل مشترك يحافظ على حقوقهم وحرياتهم.. والفشل في ذلك سوف يدفع ثمنه أكثر من 30 مليون شخص”.

وكان الإعلان عن حكومة طالبان المؤقتة قد أصاب الكثير من أوساط المجتمع الدولي بخبية أمل، إذ تسلمت الحركة جميع المناصب العليا فيها، وتشكلت من 33 رجلا بدون وجود أي امرأة، بالإضافة إلى أنهم جميعا من عرقية البشتون التي تشكل أكبر إثنيات البلاد.

ورغم أن مسؤولي حركة  طالبان كانوا قد أعلنوا أنهم عفوا عن موظفي الحكومة السابقة، وأنه لن تكون هناك أي عمال انتقام بالإضافة إلى احترام حقوق النساء، فإن تقارير عدة وردت عن وقوع عمليات إعدام واعتقالات بحق جنود وموظفين سابقين وشخصيات من المجتمع المدني.

ومن الذين اضطروا إلى مغادرة البلاد، رحمة  الله نبيل، وهو  المدير السابق لمديرية الأمن الوطني الأفغانية التي كانت تعد وكالة الاستخبارات الرئيسية في أفغانستان.

وكان قد ترك عمله  في عام 2015، قبل أن يتمكن من مغادرة كابل عشية سقوطها بيد حركة طالبان في منتصف أغسطس الماضي.
وقال نبيل لـ”نيوزويك”: “لقد تغيرت الأوضاع في أفغانستان، ولكن طالبان لن تتخلى عن أيدلوجيتها التقليدية”.

وأردف: ” بالنظر إلى طريقة حكمهم للبلاد في شهرين والطريقة التي شكلوا بها حكومته، فسيكون من الصعب السيطرة على أفغانستان على المدى المتوسط ​​والمدى الطويل”.

ولفت إلى أن احتكار السلطة من قبل “مجموعة دينية صغيرة تتجاهل الأعراق المختلفة وتقوض المجتمع المتنوع سيمهد الطريق للحروب بالوكالة، ولا يمكن لطالبان أن تحكم جميع أنحاء أفغانستان بطريقتها الحالية في الحكم”.

من جانبه، قال عمر زخيلوال، وزير المالية السابق وعضو فريق السلام الأفغاني، لمجلة نيوزويك إن الشعب الأفغاني ليس لديه رغبة كبيرة في مزيد من الحروب والقتال.

وأوضح زاخيلوال متحدثا من  كابل “الوضع الحالي هو بالتأكيد أفضل من أيام الحرب التي كانت تودي بحياة 100 إلى 200 شخص يوميا  على مدى الأعوام السابقة، وتسببت في الكثير من الألم للأمة الأفغانية”.

وشدد على أنه لا يتوقع حدوث حروب جديدة، موضحا: “لم تثبت أي من الحروب المتعاقبة في أفغانستان على مدار الأربعين عامًا الماضية أنها كانت أمرا جيدا للبلاد، ولذلك سوف يكون النضال السياسي هو الوسيلة للضغط من أجل التغيير”.

وأكد  أن السلام الدائم هو شرط أساسي لاستقرار البلاد، وذلك يعني”مشاركة الجميع في العملية السياسية ووجود ضمانات لحماية حقوق الجميع”.

من جهته، حذر نادري من أن “الشتاء قادم في غضون أسابيع قليلة وستحدث كارثة إنسانية”.

وأوضح أن ” الاقتصاد منهار، والخدمات توقفت، ويجب بالتالي التركيز على كيفية مساعدة الناس لإنقاذهم من المجاعة والمرض، ولذلك هناك حاجة إلى إجراءات فورية من خلال جهات فاعلة غير حكومية تضمن تسليم المساعدات إلى السكان بشكل مباشر”. 

وكان الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، قد قال يوم الاثنين، إن أفغانستان بحاجة ماسة إلى مساعدات دولية، مردفا: “إنني أحث العالم على التحرك وضخ السيولة في الاقتصاد الأفغاني لتجنب الانهيار”، واصفا الوضع بأنه “سباق مع الزمن” قبل الشتاء.

وأكد زخيلوال أن طالبان لا يمكن أن تنجح بمفردها، إذ أن ” الاستجابة للأزمة الاقتصادية العميقة التي تلوح في الأفق ستكون فوق قدرة الحركة على التعامل معها”.

ونبه إلى أن “أفغانستان ستحتاج إلى مساعدات دولية سخية لمنع حدوث كارثة إنسانية فى الشتاء القادم”.

بين داعش والقاعدة

وبالإضافة إلى خطر المجاعة في فصل الشتاء، يجب على طالبان مواجهة خطر المزيد من هجمات داعش.

وكان المتحدث باسم طالبان ذبيح الله مجاهد،  زعم في الشهر الماضي أنه لا وجود لداعش في أفغانستان وأن انتشار مسلحيها مقتصر على سوريا والعراق.
وتابع: “هناك بعض الأفغان الذي تبنوا عقلية داعش، وهو أمر لا يؤيده سكان البلاد، وبالتالي فإن قواتنا جاهز للتصدي لهم”.

كما ستخضع طالبان لتدقيق شديد للتأكد من عدم عودة نشاط تنظيم القاعدة، خاصة وأن تقريرا للأمم نشر في يونيو الماضي كان قد أكد على أن حركة طالبان لا تزال “متحالفة بشكل وثيق” مع ذلك التنظيم.

وفي هذا المجال، يدعو زاخيلوال المجتمع الدولي للتعاون مع طالبان لمنع حدوث أي ظهور للتنظيمات الإرهابية من جديد في البلاد.

وأوضح قائلا: “أعلم أن قادة طالبان يتفهمون أهمية علاقات أفغانستان مع بقية العالم ومع المنظمات الذي تحظى بالاعتراف الدولي للحصول على المساعدات المالية والإنسانية”. وأضاف: “لذلك، فإن طالبان تتفهم الثمن الباهظ الذي سيتعين عليهم دفعه إذا سمح للقاعدة بالعمل على الأراضي الأفغانية، ولهذا فأنني  لست قلقًا من أن ترسخ القاعدة وجودها في بلادنا”.

أما نادري، فيرى  أن “الجماعات الإرهابية متعددة الجنسيات تعمل على استكشاف المجال لإحداث انعدام الأمن في أفغانستان والمنطقة”.

وكانت زيارة رئيس المخابرات الباكستانية، الفريق فايز حميد، إلى كابل في الأيام التي تلت سقوطها  بيد طالبان قد أثارت الكثير من المخاوف الإقليمية والدولية من أن تصبح الحركة الأصولية وكيلا لإسلام آباد.

وقال نبيل إن “الشعب الأفغاني حساس للغاية تجاه تدخل الجيش الباكستاني، ويبدو أن طالبان أطلقت يدها لباكستان”.

في المقابل، يقول زخلوال “الخصومات بالوكالة ليست مصدر قلق جديد، ونأمل أن تدعم الدول المجاورة والإقليمية السلام والاستقرار في بلادنا من أجل التغيير”.

تجدر الإشارة إلى أن مجلة نيوزويك حاولت الحصول على تعليق رسمي من حركة طالبان على ما ورد من تصريحات واتهامات دون أن تنجح في ذلك حتى الآن.

شاهد أيضاً

هل تؤثر الخلافات الأميركية الإسرائيلية على مسار الحرب بغزة؟

الشرق اليوم– يتوقّع خبراء أن يؤدي قرار واشنطن بالامتناع عن استخدام حق النقض “الفيتو”، ضد …