الرئيسية / مقالات رأي / الصراع الروسي الغربي

الصراع الروسي الغربي

بقلم: علي قباجه – صحيفة “الخليج”

الشرق اليوم – أخذت العلاقات بين روسيا من جهة وحلف شمال الأطلسي وعلى رأسه الولايات المتحدة من جهة أخرى، منحى آخر من التصعيد الدبلوماسي، الذي يشي بمدى الهوة الكبيرة التي وصلت إليها العلاقات بين الطرفين؛ إذ ثمة حرب كسر عظم تدور رحاها الآن، يهدف الغرب منها إلى تحجيم دور روسيا عالمياً، وشغلها بمشكلات لإبطاء وتيرة منافستها للعالم الغربي أولاً على الصعُد كافة، ثم إيقاف «تهديداتها» عبر قصقصة أجنحتها الدبلوماسية في العواصم الأوروبية وواشنطن، فالغرب يرى أن البعثات الدبلوماسية ما هي إلا أوكار للتجسس تعمل على جمع المعلومات، وتنفيذ مخططات تخريبية، بينما موسكو في المقابل، تلعب على أوراق عدة منها ربط أوروبا بها تجارياً عبر أنبوب الغاز «نورد ستريم 2»؛ حيث يرى الكثير في الأنبوب سلاحاً قوياً في يد الكرملين قد لا يتردد مستقبلاً في استعماله لابتزاز أوروبا، على الرغم من نفي موسكو مؤخراً أي دور لها في أزمة ارتفاع أسعار الغاز في القارة، كما لا تتوانى موسكو عن التمدد عالمياً، وبناء تحالفات حتى مع حلفاء واشنطن، وفرض إرادتها بقوة السلاح إن استدعت الحاجة إلى ذلك، كما حدث في أوكرانيا.

آخر صيحات التصارع، كان عبر طلب أعضاء بمجلس الشيوخ من الديمقراطيين والجمهوريين، من الرئيس الأمريكي جو بايدن، طرد 300 دبلوماسي روسي؛ وذلك بسبب عدم منح موسكو عدداً أكبر من التأشيرات للأمريكيين لتمثيل واشنطن في روسيا، مشيرين إلى أن المنع الروسي أبقى نحو 100 دبلوماسي أمريكي في روسيا، مقارنة بعدد الدبلوماسيين الروس الموجودين في أنحاء الولايات المتحدة، والذي يبلغ 400، لكن رد موسكو كان صارماً، وأكدت خارجيتها أن من يدعون لطرد الدبلوماسيين الروس من واشنطن يجب أن يدركوا أن ذلك قد يؤدي إلى إغلاق البعثات الدبلوماسية الأمريكية في روسيا.

وبالتزامن مع التهديدات المتبادلة بين روسيا وأمريكا، فإن حلف الأطلسي قد اتخذ خطوات فعلية في هذا المضمار؛ إذ إنه وبنفس اليوم أعلن تقليص البعثة الروسية في بروكسل، وطرد ثمانية دبلوماسيين للاشتباه في قيامهم بـ«أنشطة عدائية»، من بينها القتل والتجسس، ورد الكرملين بالقول: إن إقدام الحلف على خفض حجم البعثة الروسية يقوّض تماماً آمال عودة العلاقات إلى طبيعتها، واستئناف الحوار مع التكتل، مؤكداً أن موسكو سترد على القرار، وقد لا يكون ردها باتخاذ خطوة مماثلة.

وفي نفس السياق، فإن مجموعة من 45 دولة من بينها الولايات المتحدة وكندا والدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي طالبت أمام منظمة حظر الأسلحة الكيميائية موسكو بتقديم إجابات خلال عشرة أيام بشأن تسميم المعارض أليكسي نافالني في عام 2020، فهذه القضية لا تزال تستخدم كورقة ضغط لمحاصرة روسيا، وكبوابة لفرض العقوبات عليها وإضعافها.

الصراع يأخذ شكل الحرب الباردة، وثمة مخاوف حقيقية من ارتكاب أحد الأطراف خطأ ما يؤدي إلى صدام عسكري لا يُعرف مداه؛ لذا فإن المرحلة المقبلة تتطلب تعزيز الدبلوماسية لا إقصاءها من العواصم؛ لأجل التوصل إلى نقاط مشتركة تخفف من حدة التوترات المتفاقمة.

شاهد أيضاً

أميركا إذ تتنكّر لتاريخها كرمى لعينيّ نتنياهو

بقلم: راغب جابر- النهار العربيالشرق اليوم– فيما تحارب إسرائيل على أكثر من جبهة، تزداد يوماً …