الرئيسية / مقالات رأي / الأزمة السودانية

الأزمة السودانية

بقلم: عمرو الشوبكي – المصري اليوم

الشرق اليوم – تصاعدت حدة الخلاف بين المكونين المدني والعسكري في السودان حول العديد من القضايا، أبرزها تاريخ نقل رئاسة المجلس السيادي من المكون العسكري إلى المدني.
والحقيقة أن الأزمة السودانية أكثر عمقا وتعقيدا من هذا الخلاف بين المكونين، فعلى الجانب المدني هناك انقسام داخل الحاضنة السياسية لحكومة عبد الله حمدوك بين تيارين: الأول لا يزال داعما لها، والثاني يدعو لفض الشراكة مع المكون العسكري ويقوده الحزب الشيوعي السوادني وأطراف أخرى.
أما المكون العسكري فبداخله تعدد غير متعارف عليه في الجيوش الوطنية، وهو وجود مؤسسة للجيش النظامي وأخرى للدعم السريع، ومازالت قضية توحيد وإصلاح المؤسسة العسكرية والأمنية مؤجلة.
وبالتالي نحن لا نتكلم عن مؤسسة عسكرية قوية ومهيمنة مثلما كان عليه الحال في جيوش أمريكا الجنوبية التي حكمت في القرن الماضي، إنما نحن أمام مؤسسة رغم تماسكها النسبي ودورها الكبير في الحفاظ على تماسك الدولة، إلا أنها تواجه خطر الفوضى وانهيار مؤسسات الدولة وانسلاخ بعض الأقاليم عن السلطة المركزية كما يجري حاليا في الشرق.
إن الصراع بين المكونين يدور في مساحة لا علاقة لها بالمشاكل الوجودية التي يواجهها السودان، فاستمرار بعض أطراف المكون المدني في اعتبار مظاهرات الشارع هي الحل لبناء التحول الديمقراطي أمر لا أساس له من الصحة، فهي تفقد من يقومون بها كل يوم جزءا من حاضنتهم الشعبية التي أيدت الثورة ودعمت قوى الحرية والتغيير، حين تجد أنها لا تمتلك إلا التظاهر والاحتجاج، في حين أن المطلوب منها بناء مؤسسات حزبية وسياسية قادرة على الحكم وليس فقط أو أساسا التظاهر، وتقديم سياسات بديلة وأفكار غير تقليدية لبلد يعاني من انقسام مناطقي وقبلي، وضعف في مؤسسات دولته، كما أن مطالبة بعض الأطراف الحزبية، من المكون المدني، بإسقاط السلطة الحالية بمكونيها المدني والعسكري كارثة أخرى لأنه يتعامل وكأنه في «السويد»، أو تحت حكم دولته، ومؤسساته راسخة، ومشكلته فقط مع نظامه السياسي، في حين أن الواقع يقول إن السودان يعاني من مشكلات أعمق وأخطر تهدد وجوده وتماسكه الاجتماعي، بما يعني أن أي هزات من هذا النوع ستكون نتائجها كارثية على البلد والشعب كله، وليس فقط على مكوناته السياسية.
مطلوب من المكون المدني أن يراجع أسباب فشل تجارب الحكم الديمقراطي في السودان منذ استقلال البلاد عام 1956، فهل ذلك يرجع لاختيار النظام البرلماني الذي كرس الانقسامات الحزبية، وسوء الأداء والفوضى، فأعطى مشروعية شعبية وسياسية لتدخل الجيش لتولى السلطة، أم لأسباب أخرى يمكن بحثها؟
مطلوب أولا التمسك بأهم إنجازات الثورة السودانية، وهي التفاوض بين التيارات المختلفة، وبالشراكة بين المكون المدني والعسكري، وثانيا تقليص مدة الفترة الانتقالية لتنتهي في العام المقبل، كما تم الاتفاق عليه، قبل التوقيع على اتفاق جوبا للسلام.

شاهد أيضاً

بأية حال تعود الانتخابات في أمريكا!

بقلم: سمير التقي – النهار العربي الشرق اليوم- كل ثلاثة او أربعة عقود، وفي سياق …