الرئيسية / مقالات رأي / LSE: انتخابات جورجيا المحلية قد تُجدّد الفوضى الداخلية

LSE: انتخابات جورجيا المحلية قد تُجدّد الفوضى الداخلية

By: Sean Muller

الشرق اليوم- قد يتعلق أفضل جانب من أي انتخابات محلية بإنجاز المهام المطلوبة فجأةً، إذ تسارع البلدية مثلاً إلى التخلص من شجرة قديمة في إحدى الحدائق وترسل فريقاً كاملاً لإنجاز المهمة، أو تصلح الحُفَر في البلدات، أو تلغي الغرامات المرتبطة بانتهاك قرار ملازمة المنزل في زمن كورونا.

لكن لا تشتق أهمية الانتخابات المحلية المقبلة في جورجيا من استقلالية البلديات الجورجية مالياً أو قانونياً، بل ترتبط فعلياً بإقدام حزب “الحلم الجورجي” الحاكم على عقد اتفاق سياسي مع المعارضة، بواسطة الاتحاد الأوروبي، في شهر أبريل الماضي، ينصّ هذا الاتفاق على إجراء انتخابات برلمانية مبكرة في عام 2022 إذا حصد حزب “الحلم الجورجي” أقل من 43% من الأصوات النسبية خلال انتخابات هيئات الحكم الذاتي المحلية. حصل ذلك الاتفاق بوساطة من رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشيل، واعتُبِر ضرورياً لأن أحزاب المعارضة الثمانية التي تجاوزت عتبة الواحد في المئة في الانتخابات البرلمانية الجورجية في شهر أكتوبر من السنة الماضية اتّهمت حزب “الحلم الجورجي” بتزوير الانتخابات ثم قاطعت البرلمان. تتعلق مشكلة اتفاق أبريل 2021 بعدم توقيع حزب المعارضة الأساسي، أي “الحركة الوطنية المتحدة” بقيادة الرئيس السابق ميخائيل ساكاشفيلي، على الاتفاق قبل شهر سبتمبر، أي بعد انسحاب الحزب الحاكم منه في يوليو، وانسحب حزب “الحلم الجورجي” من الاتفاق لأن أهم حزب معارض لم يكن قد وقّع عليه.

الوضع أشبه بلعبة أطفال إذاً، حيث يعود الخلاف بين الحزبَين إلى عام 2012 وهو يقتصر فعلياً على صراع بين رجلَين، فقد وصل ساكاشفيلي إلى السلطة خلال “ثورة الزهور” في عام 2003، فحصد على التوالي 68% و59% من التصويت النسبي في الانتخابات البرلمانية في العامَين 2004 و2008. ونظراً إلى طبيعة نظام التصويت الموازي في جورجيا، حصد ساكاشفيلي في كل مرة أكثر من 70% من المقاعد في البرلمان.

لكن في عام 2012، هُزِم ساكاشفيلي أمام لاعب جديد بالكامل: إنه الملياردير بيدزينا إيفانشفيلي الذي دخل معترك السياسة مع حزبه الجديد “الحلم الجورجي”. حصد هذا الحزب 55% من التصويت النسبي، ثم 49% في عام 2016 و48% في عام 2020، ومجدداً، أدى عنصر الأغلبية في النظام الانتخابي إلى تضخيم النتائج، فحصد “الحلم الجورجي” 57% و77% و60% من جميع المقاعد.

بحلول عام 2020، تراجع عنصر الأغلبية في النظام الانتخابي إلى 20% من مجموع المقاعد (من 73 إلى 30 مقعداً من أصل 150 في البرلمان)، لكن حزب “الحلم الجورجي” فاز بتلك المقاعد كلها، وفي غضون ذلك، استفادت الحكومة من تغيير آخر في النظام الانتخابي، وهو يتعلق بتخفيض عتبة المنافسة النسبية من 5 إلى 1%، لأن المعارضة البرلمانية تنقسم الآن بين ثمانية أحزاب على الأقل. أصبحت أحزاب المعارضة عاجزة جماعياً وتكثر خلافاتها الداخلية، لذا باتت مضطرة للتعامل مع الانتخابات المحلية المرتقبة كاستفتاء حول الحكومة. في الوقت نفسه، تطغى الإعلانات الداعمة لحزب “الحلم الجورجي” على وسائل الإعلام والأماكن العامة.

في الحالات العادية، تُعتبر الانتخابات المحلية طريقة كي تنشر الحكومة القائمة أشخاصاً موالين لها في أنحاء البلد، وفي عام 2017، بعد خمس سنوات على وصول “الحلم الجورجي” إلى السلطة، فاز الحزب بـ63 استحقاقاً انتخابياً من أصل 64 على مستوى البلديات. يفضّل الناخبون عموماً اختيار شخص مقرّب من الحكومة لإنجاز المهام التي يريدونها.

لكن تزامناً مع إصرار المعارضة على اعتبار الانتخابات استفتاءً حول الحكومة وإبرام اتفاق أبريل الشائب بطبيعته، قد يُحدِث تطوران آخران مفاجأة كبرى:

أولاً، واجه البلد واحدة من أسوأ أربع موجات كورونا في العالم، فوصلت أعداد الإصابات إلى 1200 لكل مليون نسمة في منتصف شهر أغسطس من هذه السنة، في المقابل بلغت ذروة الإصابات في بريطانيا 880 شخصاً لكل مليون نسمة في شهر يناير من هذه السنة، كذلك كانت حملة التلقيح في جورجيا بطيئة مقارنةً بالدول الأخرى، وقد اضطرت الحكومة للاتكال على مساعدة البنك الدولي وهبات الولايات المتحدة والصليب الأحمر في هذا الملف.

ثانياً، فشلت الحكومة في شهر يوليو الماضي في احتواء احتجاج ضد سلسلة من احتفالات المثليين التي تُخطط لها منظمة “تبليسي برايد”. تعرّض المثليون والصحافيون للهجوم من جماعة غاضبة، وعبّر بطريرك الكنيسة الأرثوذكسية الجورجية ورئيس الوزراء إيراكلي غاريباشفيلي من حزب “الحلم الجورجي” عن معارضتهما للمنظمة الداعمة للمثليين.

ونتيجةً لذلك، أُلغِيت المسيرة المُخطط لها وقُتِل مصوّر بعد تعرّضه للهجوم، فلا يستطيع المواطنون إلا لوم جهة واحدة، فهم يشعرون بالاستياء من مقاربة الحكومة في القطاع الصحي وفشلها في تطبيق القانون وفرض النظام، لذا قد يقررون معاقبة الجهة الوحيدة التي تملك السلطة في مناطقهم.

شاهد أيضاً

جامعات أميركا… حقائق وأبعاد

بقلم: إياد أبو شقرا- الشرق الأوسطالشرق اليوم– «الانتفاضة» التي شهدها ويشهدها عدد من الحُرم الجامعية …