الرئيسية / مقالات رأي / من المسؤول عن فوضى الانسحاب من أفغانستان؟

من المسؤول عن فوضى الانسحاب من أفغانستان؟

بقلم: د. منار الشوربجي – المصري اليوم

الشرق اليوم – رغم أن الكثير يظل خافيا بخصوص فوضى الانسحاب الأمريكي من أفغانستان، فإن المعلومات التي راحت تتكشف تباعا تشير إلى أن السبب الرئيسي وراء تلك الفوضى كان، في تقديري، الصراع بين المؤسسات الأمريكية المعنية بصنع القرار الخارجي والعسكري، أو على أقل تقدير فشلها في التنسيق فيما بينها بخصوص ذلك الانسحاب. ولا جديد في مثل ذلك الصراع المؤسسي الأمريكي، لكنه لعب الدور الأول في إحداث تلك الفوضى.
فلعل المشترك الوحيد بين تلك المؤسسات؛ البيت الأبيض ووزارتي الخارجية والدفاع وأجهزة الاستخبارات، كان أنها جميعا فوجئت بالسرعة التي وصلت بها طالبان لقلب العاصمة كابول، وبالسرعة التي انهارت بها الحكومة الأفغانية وقواتها العسكرية.
فرغم أن أجهزة الاستخبارات، وخصوصا وكالة المخابرات المركزية، كانت قد حذرت بالفعل من ذلك الانهيار السريع. إلا أن السؤال الرئيسي يتعلق بتقدير تلك الأجهزة لما إذا كانت تلك السرعة تستغرق شهورا أم أسابيع أم أياما، كما حدث. وقد برز الخلاف بين مجلس الأمن القومي ووزارتي الخارجية والدفاع حول ذلك التقدير ذاته.
فرغم أن الرئيس الأمريكي كان قد أصدر مبكرا الأمر بإجلاء المدنيين الأمريكيين والأفغان الذين تعاونوا مع الاحتلال، ودعت وزارة الدفاع لسحبهم في مايو الماضي، فإن مجلس الأمن القومي ووزارة الخارجية، بدلا من التنفيذ الفوري لقرار بايدن، فضلا التلكؤ عملا بتحذير الرئيس الأفغاني السابق أشرف غني من أن ذلك الإجلاء المبكر سيؤدي للإسراع بانهيار الحكومة والجيش الأفغاني.
وقد أدى ذلك التأخير لدفع وزارة الدفاع لحماية جنودها عبر المضي قدما، بمفردها، في سحب القوات الأمريكية فورا، فكانت النتيجة عكس ما أمر به بايدن، أي إجلاء المدنيين قبل الانسحاب العسكري. فقد انسحبت القوات العسكرية قبل إجلاء المدنيين الأمريكيين والأفغان فصار إجلاؤهم أكثر صعوبة. كما كانت وزارة الدفاع قد نصحت بالإبقاء على قوة عسكرية قوامها 2500 جندي أمريكي من أجل «دعم الحكومة الأفغانية بعد الانسحاب»، إلا أن مجلس الأمن القومي بل وبايدن شخصيا صرحا بأن مثل تلك النصيحة لم تقدم لبايدن بشكل مباشر.
وبينما كانت وزارة الدفاع تنفذ خطتها لإجلاء قواتها، كانت وزارة الخارجية لا تزال تعد أوراقها الخاصة بإصدار التأشيرات للأفغان الذين ساعدوا الاحتلال، فأثار ذلك البطء حفيظة وزارة الدفاع وأجهزة الاستخبارات. فكان دفاع وزارة الخارجية هجوميا، حيث وجهت أصابع الاتهام للجميع. فهي اعتبرت الكونجرس مسؤولا عن المدى الطويل الذي تستغرقه الإجراءات، لأنه كان قد أصدر تشريعا يحتم اتباع أربع عشرة خطوة لإصدار تلك التأشيرات. واتهمت أجهزة الاستخبارات بسوء التقدير الذي أدى بالوزارة للاعتقاد بأن لديها شهورا، وليس أياما، تقوم خلالها بإجلاء المدنيين الأمريكيين والأفغان بشكل آمن.
كما اتهمت إدارة ترامب باعتبارها التي فرضت موعدا للانسحاب، في اتفاقها مع طالبان، ثم لم تضع خطة محددة لتنفيذه. أما أجهزة الاستخبارات، فاتهمت البنتاجون بأنه المسؤول جزئيا عن أن الكل فوجئ بالسرعة التي انهارت بها الحكومة والقوات الأفغانية عندما سحبت أول ما سحبت الفريق الاستشارى الأمريكي للجيش الأفغاني وقتها، مما حرم الولايات المتحدة، وأجهزة الاستخبارات، من وسيلة بالغة الأهمية لمعرفة أوضاع القوات الأفغانية في تلك المرحلة الحرجة.
ورغم أن كافة الأجهزة مسؤولة معا عما جرى، فإذا كان من جهة بعينها تقع عليها المسؤولية الأكبر، فهي، في تقديري المتواضع، مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان. فوفق القانون الأمريكي، فإن مهمته الأولى هي التنسيق بين تلك المؤسسات المختلفة المعنية بصنع قرارات الخارجية والأمن القومي.

شاهد أيضاً

جامعات أميركا… حقائق وأبعاد

بقلم: إياد أبو شقرا- الشرق الأوسطالشرق اليوم– «الانتفاضة» التي شهدها ويشهدها عدد من الحُرم الجامعية …