الرئيسية / مقالات رأي / Project Syndicate: هل سيدعم الاحتياطي الفيدرالي الازدهار الشامل؟

Project Syndicate: هل سيدعم الاحتياطي الفيدرالي الازدهار الشامل؟

BY: SIMON JOHNSON

الشرق اليوم- يجري نقاش كبير حاليًا في الولايات المتحدة – أو بشكل أكثر دقة، بدأ يُفتح من جديد – حول الأهداف والدوافع المُناسبة للسياسة النقدية في الاقتصاد الأمريكي الحديث. إن المخاطر هائلة، بما في ذلك ما يتعلق بمسألة ما إذا كان الازدهار في الولايات المتحدة يمكن أن يصبح أكثر شمولاً حقًا – ومن ينبغي له أن يتولى قيادة بنك الاحتياطي الفيدرالي في عام 2022 والمرحلة المُقبلة.

تأتي إحدى التصورات من لايل برينارد، وهي عضو مجلس محافظي الاحتياطي الفيدرالي منذ عام 2014، والتي أكدت في 27 سبتمبر / أيلول من جديد حُجتها القوية والمُقنعة لعدم رفع أسعار الفائدة قبل الأوان في اقتصاد مُتضرر بسبب الجائحة. فقد بدأت الوظائف تعود بشكل تدريجي، لكن الانتعاش بطيء وغير مُنتظم. فقد أحدث متغير دلتا أضرارًا حقيقية، بالإضافة إلى الاضطراب العميق الناجم عن موجات فيروس كوفيد 19 السابقة. ومن بين المشاكل الأخرى، فإن إغلاق المدارس المُستمر أو المُتكرر والنقص الحاد في مرافق رعاية الأطفال يعني أن العديد من الآباء لا يمكنهم العودة إلى العمل حضوريًا.

وكما تُؤكد برينارد، “فقد ألحقت الجائحة أضرارًا بالغة بوضع سوق العمل بالنسبة للعديد من الأمهات، وخاصة الأمهات السود ومن أصول إسبانية، والأمهات اللاتي لديهن أطفال أصغر سنًا، والأمهات ذوات الدخل المنخفض”. نحن بعيدون كل البعد عن تحقيق العمالة الكاملة أو ضمان الحد الأقصى.

من الناحية الأخرى نجد… حسنًا، سنرى. خلال نقاش كبير حول السياسة النقدية في عام 2015، كان المُحافظ (ورئيس مجلس إدارة بنك الاحتياطي الفيدرالي الحالي) جيروم “جاي” باول من بين أولئك الذين فضلوا تشديد السياسة النقدية في وقت سابق – في تناقض واضح مع تفضيل برينارد إبقاء معدلات الفائدة منخفضة لتحقيق العمالة الكاملة. ووفقًا للنصوص التي تم إصدارها مؤخرًا، كان باول مُصرًا على آرائه المؤيدة للتشديد. وفي وقت مُبكر من عام 2013، كان يقول للرئيس آنذاك بن برنانكي وزملائه: “علينا القفز” (تشديد السياسة النقدية). تؤكد مذكرات بيرنانكي التي نشرها في عام 2015 أن باول أكد على الحاجة إلى “تجاوز” السياسة النقدية، وربما كان هذا هو رأي باول منذ عام 2012، عندما انضم إلى مجلس إدارة بنك الاحتياطي الفيدرالي.

كانت المسألة في ذلك الوقت تتعلق بكيفية التفكير في مخاطر التضخم والتكاليف المُحتملة المُترتبة على تشديد السياسة النقدية قبل الأوان، خاصة بالنسبة لفرص عمل الأمريكيين ذوي الأجور المنخفضة. نحن نواجه نفس المشكلة اليوم. أكدت حجة برينارد باستمرار على أنه من السابق لأوانه رفع أسعار الفائدة إلى أن يتسارع معدل التضخم ويظل مرتفعًا. كما ينبغي تجاهل تحركات الأسعار القصيرة الأجل بسبب عوامل مؤقتة.

ما تجدر الإشارة إليه في وجهة نظر برينارد هي الأهمية التي توليها لنتائج سوق العمل بالنسبة للأشخاص الذين هم على “هوامش” الاقتصاد، بمعنى أنهم أول من يتم تسريحهم في حالة الانكماش الاقتصادي وآخر من يتم إعادة توظيفهم في فترة الانتعاش. إن أغلب هؤلاء الأشخاص هم من النساء، ومن بينهن النساء ذوات البشرة الملونة والأشد تضررًا عندما يتعرض الاقتصاد للركود أو الانكماش.

وعندما أوضحت برينارد في البداية أهمية إجراء تقييم أكثر شمولية للنتائج والتوقعات الخاصة بالعمالة، تم النظر إلى حجتها من قبل الرجال (في الغالب) الذين يديرون السياسة النقدية في الولايات المتحدة وغيرها من الدول المتقدمة بقدر كبير من التشكك. كان التقليد الراسخ بين هذه المجموعة، ولاسيما مُحافظي الاحتياطي الفيدرالي المُعينين من قبل الإدارات الجمهورية، يتلخص في تفضيل اتخاذ إجراءات “استباقية” لمكافحة التضخم. تقليديًا، يميل المُعينون من قبل الجمهوريين وأنصارهم في الكونغرس إلى دعم سياسة نقدية أكثر تشددًا عندما يتولى رئيس ديمقراطي منصبه – تمشيًا مع النتائج الطويلة الأمد حول التفضيلات السياسية.

ومع ذلك، منذ عام 2015، أصبحت وجهة نظر برينارد مقبولة على نطاق واسع في الأوساط السياسية، والتي شكلت بفعالية الأساس “لإطار العمل الجديد” الذي وضعه بنك الاحتياطي الفيدرالي في أغسطس / آب 2020 – وهو تحول ملحوظ في التفكير الرسمي الذي غالبًا ما تتلقى بسببه دعمًا غير كافٍ. وتجدر الإشارة بشكل خاص إلى أن برينارد أقنعت العديد من زملائها الذكور – من بين المحافظين الستة الحاليين امرأتين، في حين أن الرئيس ونائبي الرئيس من الرجال – بتبني وجهة نظرها، على الأقل في الوقت الحالي.

هناك سيناريوهان رئيسيان للسياسة النقدية الأمريكية في الأشهر والسنوات المُقبلة. الأول هو أن الإطار الجديد سيظل سائدًا وفقا لتصورات برينارد الأصلية والتي أعادت تأكيدها في خطابها في 27 سبتمبر / أيلول. وفي هذه الحالة، ينبغي أن يزيد مجموع العاملين في الوظائف بأجر ثابت بما يتراوح بين 5 و 8.5 مليون عامل – كما كان سيكون عليه الحال، وفقًا لبرينارد، “في غياب الجائحة” – في حين سيظل معدل التضخم تحت السيطرة.

يتمثل السيناريو الثاني في تولي مزيج من المحافظين الخمسة المُعينين من قبل الجمهوريين سيتولون زمام الأمور لتشديد السياسة النقدية قبل انتعاش الاقتصاد بالكامل. تُشير أحدث التوقعات الاقتصادية الصادرة عن اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة بالفعل إلى التحرك في اتجاه مُتشدد، نحو تشديد السياسة النقدية. إذا سادت وجهة النظر هذه، بقيادة باول أو أي رئيس آخر، يتوقع المرء نموًا أبطأ في معدل الوظائف ونتائج أسوأ في سوق العمل (ساعات عمل أقل، وأجور أقل) بالنسبة للمجموعات التي لم تحقق أداءً جيدًا تقليديًا في فترات الركود.

بالنظر إلى المستقبل، من الأهمية أيضًا بمكان أن تكون برينارد من بين عدد قليل من صُناع السياسة الذين أشاروا إلى أن الزيادات في أسعار الفائدة في الفترة ما بين عامي 2015 و 2018 كانت خطأً لا يمكن إصلاحه. لكن باول لم يُدلي بأي تصريح من هذا القبيل.

هناك طريقة واحدة واضحة لضمان أن تسود رؤية برينارد لاقتصاد أكثر شمولاً: تعيينها كرئيسة لمجلس إدارة الاحتياطي الفيدرالي عندما تنتهي ولاية باول في فبراير / شباط عام 2022.

شاهد أيضاً

أحلام مقتدى الصّدر وأوهام مناصريه

بقلم: فاروق يوسف- النهار العربيالشرق اليوم– عندما يُشفى العراقيون من عقدة اسمها مقتدى الصدر يكون …