الرئيسية / مقالات رأي / التحالفات الصعبة

التحالفات الصعبة

بقلم: عمرو الشوبكي – المصري اليوم

الشرق اليوم – علاقات التحالف بين الدول ليست عملية سهلة كما يتصور البعض، فهي لا تقل صعوبة عن إدارة الصراعات، فتظل محكومة بقواعد حتى لا تنتقل من حالة التحالف إلى الصراع، إلا إذا وصلت هذه الدول إلى قناعة بأن ما بينها هو تناقض كامل، عندها قد يتحول التحالف إلى صراع.

وبالتأكيد، ليس هذا هو جوهر علاقة التحالف الأمريكي- الفرنسي، رغم كثير من التحديات ودعاوى الاستقلال التي مرت بعلاقة الجانبين منذ عهد الزعيم الفرنسي شارل ديجول حتى عهد الرئيسين ماكرون وبايدن.

وقد أشعل إلغاء صفقة الغواصات الفرنسية التي كان مزمعًا بيعها إلى أستراليا ردود فعل غاضبة، سحبت على أثرها فرنسا سفيريها من أستراليا وأمريكا، قبل أن تعيدهما مرة أخرى عقب اتصال الرئيس الأمريكي بنظيره الفرنسي يوم الجمعة الماضي.

كانت أستراليا قد اختارت مجموعة «نافال جروب» الفرنسية للصناعات الدفاعية لشراء 12 غواصة، وأعلن رئيس الوزراء الأسترالي أن «القرار الذي اتّخذته بلاده بعدم إكمال الطريق مع الغواصات الفرنسية لطريق آخر ليس تغييرًا في الرأي، إنّه تغيير في الاحتياجات».. وهو ما يعني أن هناك أبعادًا أمنية واستراتيجية وراء إلغاء هذه الصفقة بالاتجاه نحو الحليف الأمريكي.

ورغم أهمية البعد الاقتصادي في إلغاء صفقة الغواصات التي وُصفت بأنها صفقة القرن بالنسبة لفرنسا التي كانت تنتظر بيع غواصات قادرة على العمل بالطاقة النووية بقيمة 51 مليار يورو، وهو أعلى قيمة صفقة سلاح بحرية تعقدها فرنسا، إلا أن تداعيات تلك الأزمة فتحت الباب لأبعاد أخرى ثقافية واستراتيجية وأمنية تتعلق بنظرة دول رئيسية في التحالف الغربي لطبيعة شراكتها مع فرنسا والاتحاد الأوروبي. لقد تولد لدى أستراليا قناعة بأن حماية أمنها سيتحقق بصورة أكبر من خلال وجودها في تحالف تقوده الولايات المتحدة، وأن قدرة هذا التحالف على سرعة الحركة وسهولة اتخاذ القرارات الحاسمة عجلت بتغيير وجهتها نحو تحالف «أنجلوساكسوني»، حمل اسم «أوكوس» الذي ضم معها كلًا من بريطانيا والولايات المتحدة.

والحقيقة أن فرص بناء قوة عسكرية أوروبية قادرة على الاستقلال عن الولايات المتحدة، وتشكيل قوة ردع عالمية جديدة تنافس القوى العظمى، أمر غير وارد في ظل أوضاع الاتحاد الأوروبي الحالية.

ويبقى أمام فرنسا وعدد من الدول الأوروبية خيار آخر، وهو الحياد في الصراع الأمريكي- الصيني والتمرد الجزئي عليها بعدم الانخراط بشكل كامل في صراعها التجاري والاقتصادي والجيوسياسي مع الصين، لأنه مستحيل على فرنسا أو أوروبا التحالف مع الصين في مواجهة أمريكا كرد فعل على موقف بعينه، لأن تحالفها مع أمريكا ودول التحالف الغربي شديد العمق لأسباب سياسية واستراتيجية وثقافية. وعلمتنا التجارب المعاصرة أن الدول الغربية لا تضحي، كما يحدث أحيانًا في العالم العربي، بالتحالفات العميقة والاستراتيجية لصالح خلافات المصالح الصغيرة أو الشخصية.

شاهد أيضاً

إسرائيل لا تملك وسائل تحقيق طموحات نتنياهو ومن هم على يمينه!

بقلم: فارس خشان – النهار العربي الشرق اليوم- يعاني الجيش الإسرائيلي في غزة من الدوران …