الرئيسية / مقالات رأي / حكومة ميقاتي.. وأزمة «الثقة»

حكومة ميقاتي.. وأزمة «الثقة»

بقلم: عدنان كريمة – صحيفة “الاتحاد”

الشرق اليوم – بأكثرية 85 نائباً حازت حكومة لبنان برئاسة نجيب ميقاتي «ثقة» المجلس النيابي، وهي نتيجة مريحة، خصوصاً أنها جاءت بدعم أميركي فرنسي كبير، ويفترض أن تكون مدخلاً للبدء بإصلاحات جدية، تنقذ البلد من الانهيار الكبير الذي يعيشه اللبنانيون منذ نحو سنتين. لكن على الرغم من ذلك، ستواجه الحكومة تحديات الحصول على «ثقة الشعب» المنتفض ضد المنظومة السياسية الفاسدة منذ 17 أكتوبر 2019، و«ثقة» مؤسسات التمويل الدولية، والصناديق الاقتصادية العربية، التي يفترض أن تساعد على تدفق المساعدات والقروض الخارجية، وتساهم في استعادة «ثقة» المستثمرين ورجال الأعمال اللبنانيين والعرب والأجانب.
واللافت عادةً في تشكيل الحكومات في لبنان، أن يختار كل رئيس حكومة فور تشكيلها شعاراً يُعتَبر بمثابة هدف رئيسي لمهمتها في ضوء التحديات التي تنتظرها. وبما أن لبنان منذ استقلاله، يعيش في منطقة عالية المخاطر، ويشهد تطورات أمنية وسياسية متفاوتة النتائج والأهداف، فهو بحاجة إلى توفير «الثقة» للمستثمرين وأصحاب الأموال، بتأمين الاستقرار الأمني والسياسي والاقتصادي والنقدي، لضمان استثماراتهم. ولذلك ترفع الحكومات المتعاقبة شعارات تؤكد على السعي لتوفير «الثقة».
ومن هنا نستذكر في التاريخ ثلاث حكومات هي: حكومة صائب سلام عام 1953، وكان شعارها «إعادة الثقة»، وحكومة حسين العويني عام 1964، وكان شعارها «الوفاء بالثقة»، وحكومة سعد الحريري عام 2016، وكان شعارها «استعادة الثقة»، وحكومة حسان دياب عام 2020، وكان شعارها «مواجهة التحديات»، وأخيراً حكومة نجيب ميقاتي الحالية، وشعارها «معاً للإنقاذ».
في الواقع، لقد ولدت الحكومة الجديدة في لحظة تقاطعت فيها مصالح الفرنسيين والإيرانيين والأميركيين على إنتاج تسوية ظرفية ومحدودة في لبنان، لكبح سرعة الانزلاق نحو الهاوية، خصوصاً بعد أن تخوّف الفرنسيون من تداعيات انهيار الدولة اللبنانية بكاملها، وأرعبتهم فكرة زوال الكيان اللبناني الذي شارك الرئيس إيمانويل ماكرون اللبنانيين، في العام الماضي، في احتفال الذكرى المئوية على إنشائه.
وإذا نجحت المنظومة السياسية في تشكيل حكومة ميقاتي، بعد «مخاض عسير»، فهي فشلت في الوقت نفسه في أن تكون من خبراء مستقلين للعمل كفريق واحد متجانس، لتحقيق «الإنقاذ المطلوب». لذلك وصفت بأنها تشبه حكومة حسان دياب السابقة في ظاهرها، بل تشبه كل الحكومات السابقة التي تؤلّف من الحزبيين أو القريبين منهم، الأمر الذي يشير إلى أن «ثقة» النواب التي نالتها ذهبت للمنظومة السياسية التي اختارت الوزراء، ما جعلها «حكومة الأحزاب»، باستثناء رئيسها غير الحزبي. لكن يبرز الفارق الكبير بين حكومة دياب السابقة التي سجلت فشلها منذ بداية عملها، عندما أعلن رئيسها في 7 مارس 2020 التوقف عن دفع أقساط ديون سندات اليوروبوندز، وخسر لبنان جراء ذلك «ثقة» العالم، وساهمت قراراتها في انهيار القطاع المصرفي.
أما حكومة ميقاتي الحالية فقد أكد رئيسها، وهو من كبار المساهمين في أكبر مصرف تجاري في لبنان، في البيان الوزاري، «وضع خطة لإصلاح القطاع المصرفي وإعادة هيكلته» حتى وصفها البعض بأنها «حكومة المصرف»، لأن «خطة الإنقاذ» التي تسعى إليها يشارك في وضعها فريق يرى أن إنقاذ القطاع المصرفي مدخل أساسي للتغيير الاقتصادي، عبر إعادة هيكلة الدَّين العام. وتبرز في هذا الاتجاه أهمية اقتراح جمعية المصارف بإنشاء صندوق حكومي برأسمال 40 مليار دولار، على أن يصدر أوراقاً ماليةً مضمونة طويلة الأجل بقيمة هذا المبلغ، يحملها مصرف لبنان مقابل التسوية النهائية لدينه على الحكومة.

شاهد أيضاً

الأردن ليس ساحة لتصفية الحسابات

بقلم: فيصل الشبول- الشرق الأوسطالشرق اليوم– لأسباب وطنية وقومية، تاريخية وجغرافية وديموغرافية واستراتيجية، يعد الأردن …