الرئيسية / مقالات رأي / The New York Times: الدعاية الفاسدة والمزيفة.. سلاح بوتين للفوز فى الانتخابات

The New York Times: الدعاية الفاسدة والمزيفة.. سلاح بوتين للفوز فى الانتخابات

By: Ilya Yablokov

الشرق اليوم – دائمًا ما تكون الانتخابات في روسيا عملية صعبة بالنسبة للكرملين، ففي حال تم تقديم الكثير من الخيارات، فإنه قد يختار المواطنون المرشحين الخطأ، وفي حال تم تقديم القليل من الخيارات، فإن استبداد النظام سيظهر بوضوح.

ويبدو أن الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، لم يخاطر بأي فرصة في الانتخابات البرلمانية التي بدأت يوم الجمعة وانتهت يوم الأحد، إذ إنه منذ اللحظة التي عاد فيها زعيم المعارضة وأشهر منتقدي الكرملين، ألكسي نافالني، إلى البلاد في يناير الماضي، أشرف الرئيس على موجة جديدة من القمع.

ولكن لم تكن هناك أي صرخات اعتراض داخل البلاد ضد هذه التحركات، فلا تزال معدلات تأييد بوتين قوية، كما أنه من المرجح أن تعيد الانتخابات الأغلبية لحزبه «روسيا الموحدة».

ويقع الإعلام الروسي في قلب استمرار سيطرة الكرملين على المجتمع والسياسة في روسيا، ويتمثل هذا الإعلام في المحطات التليفزيونية والصحف، التي غالبًا ما تنشر محتويات زائفة، ولذا فإن نظام الدعاية الخاص بالكرملين يمثل إحدى الركائز الأساسية لترسيخ سلطة بوتين، فهي تمثل درعًا واقيًا ضد المعارضين والمستائين من نظامه، داخل وخارج البلاد، وذلك بجانب ممارسته للقمع، وهذه هي وصفة الرئيس الروسي لتحقيق الفوز في كل مرة.

وتخضع جميع محطات التلفزيون والصحف الروسية تقريبًا لسيطرة الدولة، والتي يعد بعضها، مثل REN TV، مملوكًا لشركات خاصة لها روابط بالكرملين، ولكن البعض الآخر، مثل قناة «روسية» والقناة الأولى، مملوك للدولة والتي غالبًا ما تقدم دعاية صريحة للنظام.

ويدير شركاء بوتين، مثل أليكسي جروموف، الذي كان نائب كبير الموظفين في الإدارة الرئاسية لوسائل الإعلام، المحتوى الإعلامي بعناية من وراء الكواليس، إذ يتم التقليل من شأن الإخفاقات، وتجنب الانتقادات، فيما ينهال الثناء على الرئيس، الذي يتم تصويره باعتباره قائدا عاقلا وحكيما.

ولا تحتاج هذه الآلة إلى ممارسة الإكراه، حيث يقوم جيش من المراسلين والمحررين، الذين يرغبون في اتباع أي خط سياسي مقابل الترقية وزيادة الرواتب، بنشر سلسلة لا نهاية لها من الروايات المزيفة عن بوتين، ورئيس الوزراء والمسؤولين الروس، وصحيح أن هؤلاء الصحفيين يدركون حقائق روسيا المعاصرة، ولكنهم اختاروا العمل إلى جانب الفريق الفائز.

وبتمويل يصل إلى مليارات الدولارات من قبل المقربين من بوتين، تستغل وسائل الإعلام أسوأ مخاوف السكان، حيث يتم باستمرار استخدام تهديدات باحتمال حدوث كارثة اقتصادية وتفكك إقليمي، وذلك في بلد عانى من كلتا المشكلتين في التسعينيات، كما يتم تصوير الاتحاد الأوروبي وبريطانيا والولايات المتحدة على أنها أماكن للانحلال الأخلاقي، وأنها تشهد عدم استقرار سياسى وفقرا. وفي بلد لا يملك 72% من سكانه جواز سفر وتظل الموارد المالية اللازمة للسفر إلى الخارج بعيدة المنال عموماً، فإن مثل هذه الرسائل تجد قبولًا عند الجمهور.

ويبدو أن هذه التغطيات لها آثار عميقة على الرأي العام الروسي، إذ إنه في عام 2008، ومع تصاعد الصراع بين روسيا وجورجيا المجاورة، وصفت وسائل الإعلام الأخيرة بأنها ملاذ للنشاط المناهض لروسيا والذي يهدف إلى العنف، وقد كانت النتائج مذهلة، إذ إنه بعد عام، أي بعد انتهاء الحرب، اعتبر 62% من الروس جورجيا العدو الرئيسي لموسكو، والآن، اختفت جورجيا، التي باتت تحكمها حكومة أكثر صداقة لروسيا، من تغطيات التليفزيون الحكومي إلى حد كبير، كما تراجعت وجهة النظر الموجهة لها باعتبارها العدو الرئيسي للبلاد، حيث يحتفظ بها الآن 15% فقط من الروس.

وصحيح أن كل وسائل الإعلام في موسكو تخضع لسيطرة الكرملين بشكل كامل، ولكن النجاح الكبير لفيلم نافالني حول قصر بوتين المزعوم على البحر الأسود، والذي شاهده ما لا يقل عن 118 مليون شخص منذ إطلاقه في يناير الماضي، يظهر أن هيمنة الدولة على وسائل الإعلام ليست كافية لمنع أي محتوى غير مرغوب فيه من الوصول إلى الروس، فبغض النظر عن مدى تدخل الكرملين على نطاق واسع في منصات الإنترنت، يظل من الممكن انتشار معلومات تضر بالنظام.

ولايزال هناك عدد قليل من وسائل الإعلام المستقلة المحلية في روسيا، وعلى الرغم من أنهم بالكاد يستطيعون منافسة القنوات التليفزيونية والصحف التي تمولها الدولة، إلا أنهم قادرون على الوصول إلى شريحة كبيرة من السكان.

وقد تمكنت بعض المواقع والقنوات المستقلة من جذب ملايين القراء والمشاهدين، وهو النجاح الذي رغم كونه صغيرًا ومحدودًا إلا أنه أثبت أنه أكثر من اللازم بالنسبة لبوتين مما دفعه إلى ممارسة القمع، وذلك من خلال إقرار قانون في عام 2012، والذي كان يستهدف في البداية وسائل الإعلام الأجنبية، ولكنه مكَن الكرملين من إضعاف صفوف وسائل الإعلام المستقلة.

وعلى الرغم من مواصلة الصحفيين والمنافذ الإعلامية المستقلة محاولة العثور على طريقة لممارسة العمل وتجاوز القيود التي يفرضها عليهم الكرملين، فإن أسلوب بوتين في التعامل مع الإعلام، والذي يتمثل في الدعاية من ناحية والقمع من ناحية أخرى، لايزال يؤتى ثماره، وصحيح أن هذا الأسلوب الذي لن يتمكن بالتأكيد من الصمود إلى الأبد أمام الاقتصاد الراكد وشيخوخة السكان والاستياء المتزايد، ولكنه يظل ناجحًا في الوقت الحالي.

ترجمة: المصري اليوم

شاهد أيضاً

جامعات أميركا… حقائق وأبعاد

بقلم: إياد أبو شقرا- الشرق الأوسطالشرق اليوم– «الانتفاضة» التي شهدها ويشهدها عدد من الحُرم الجامعية …