الرئيسية / مقالات رأي / فرنسا بين أوكوس والدور الاستراتيجي

فرنسا بين أوكوس والدور الاستراتيجي

بقلم: د.حازم قشوع – صحيفة الدستور

الشرق اليوم- أوكوس هو تحالف أسترالي بريطاني أمريكي، شرعن أستراليا كقوة استراتيجية تمتلك قوة نووية كما أوقف بشكل ضمني الشراكة العسكرية الفرنسية الأسترالية بعد وقف عطاء تزويد أستراليا بالباراكودا بمقومات الأسلحة الاستراتيجية التى كان الائتلاف الألماني الياباني الفرنسي يريد تقديمها بواقع عطاء تقدر قيمته 56 مليار دولار لكن أوكوس جاء ليحل محلها في إطار تكنولوجيا أمريكية ضمن بموجبها الرئيس بايدن لأستراليا المكانة النووية هو ما اعتبر للصين مبتدا لخبر عنوانه بداية الحرب الباردة.

الغضب الفرنسي الذي وصل الى حد استدعاء السفير الفرنسي من أمريكا للتشاور لم يكن حول صفقة الباراكودا فحسب بل كان حول المكانة الاستراتيجية التي فقدتها فرنسا والتي كانت قاب قوسين لتحقيقها لكن المكالمة الهاتفية بين الرئيس الصيني بينغ والرئيس الامريكي بايدن جعلت من خطوات العمل تبدو متسارعة وسياسات التنفيذ بحاجة الى أدوات إضافية تقوم على تحصين الجبهة الموازية على حدود النفوذ الصيني ومجالاتها السياسية الحيوية.

وبتراجع الدور الفرنسي والتحالف الياباني الألماني من دوائر الاشتباك الساخنة في المساحة الواصلة بين أستراليا والصين تكون فرنسا قد خرجت على حد تعبير أحد السياسيين من مساحة التاثير التي كانت تعول عليها في تثبيت حضورها على الساحة الدولية كقوة استراتيجية مؤثرة على مسرح الأحداث وهذا ما يعلل سبب تراجع ثقل دورها في أسيا الوسطى وضعف نفوذها في أفغانستان وإيران بعد ما تم استبدال دورها بالصين حتى أن دور فرنسا في أبو ظبي قد انتهى استراتيجيا بعدما تقرر وجود قاعدة عسكرية بريطانية تعتبر الأضخم فى المنطقة في الإمارات العربية الى انحسار دورها في سوريا ولم يبق لها حضور ضمني سوى في لبنان التي تدخل هي الأخرى قيد التشكيل وإعادة التأهيل فإن تنظيف الحدائق الخلفية هي من مسؤولية الطرفين الصيني والأمريكي ولعل ذلك من يمكن مشاهدة في عملية استبدال الأدوار وتغيير مساحات حدود النفوذ وعناوينها.

ولم ينحسر الدور الفرنسي في هذه المكان فحسب بل انحسر دورها أيضا أمام التقسيم بالقوة الذي يقوم عليه الأتراك بتقسيم بحر ايجة حسب المعايير التركية وهذا ما يجعل من فرنسا تبحث عن موطىء قدم في شرق المتوسط ربما يكون بابها الوحيد يتمثل بشرعنة وجودها فى العراق عبر تعميق الاتفاقات التجارية التي أقامتها شركة توتال وتحويلها الى استراتيجية مع العراق وهذا ما يجعل من فرنسا تكون أكثر المتضررين جراء هذا التحول الكبير الذي فرضتة المكالمة الهاتفية الصينية الأمريكية.

ولأن إخراج فرنسا بهذه الطريقة سيغير من معادلة الضوابط والموازين وطبيعة أثقالها المركزية كما أن ذلك سيدخل فرنسا وحلفاؤها الألماني والياباني أمام خيارات أخرى لذا كان على الرئيس بايدن العمل وبشكل سريع على احتواء ردة الفعل الفرنسية وتوضيح دورها في مسارات العمل القادمه، فإن فرنسا دولة مركزية بمقدورها أن تضيف للأمن الدولي إضافة نوعية بما يحفظة من الانزلاق الى مغبة الصدام ويحافظ على منظومة الضوابط فيه وهذا ما بحاجة الى توضيح في بعض الجوانب وإيضاح في ميزان المعايير والأسس التي ستقوم عليها استراتيجية العمل القادمة وهذا ما ينتظر أن يكون مدار حديث في أروقة اجتماعات الجمعية العمومية.

شاهد أيضاً

إنصاف «الأونروا»

بقلم: وليد عثمان – صحيفة الخليج الشرق اليوم- لم تكن براءة وكالة الأمم المتحدة لغوث …