الرئيسية / مقالات رأي / العالم بلا زعامة

العالم بلا زعامة

بقلم: د. فايز الشهري – صحيفة “الرياض”

الشرق اليوم – ربما لأول مرة خلال قرن يظهر ما يشبه الفراغ في الزعامة العالميّة لعالمنا اليوم.

كان العالم حتى نهاية الحرب الباردة يعيش حالة من توازن القُوَى وتقاسم المصالح بين قوتين عظميين (الاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة) ولكن هذا الحال لم يدوم.

ومع انحسار التوازن وبقاء الولايات المتحدة على الساحة لم يعد العالم أكثر أمنا ولم تعد المصالح والأيدلوجيا ورقة حاسمة في توازن العلاقات الدوليّة كما كان الوضع في السابق. ويضاف إلى ذلك التأثيرات القادمة للأوضاع المتقلبة في الاقتصاد العالمي ووضع الدين الوطني للولايات المتحدة الذي ارتفع في الربع الرابع من عام 2020 بوتيرة لم يسبق لها مثيل في تاريخ أمريكا بحيث تجاوز الدين الحالي مبلغ 28 تريليون دولار وتشير التقارير إلى أن الدين الأميركي سيقترب من 89 تريليون دولار بحلول عام 2029.

والاقتصاد الأميركي إذا تعثر فستكون الكارثة عالميّة وقد لاحظنا كيف كان بروز القُوَى الإقليميّة والاقتصادات الجديدة التي عاشت مجدها عدة سنوات ثم تبخر الحلم. على سبيل المثال حالة النمور الآسيويّة الأربعة (كوريا الجنوبيّة وتايوان وسنغافورة وهونغ كونغ) التي عصفت بها الأزمة الماليّة الآسيويّة عام 1997 ثم سددت لها الأزمة الاقتصاديّة الأميركيّة بين عامي 2007 و2008 ضربة موجعة.

الاقتصاد يقود السياسية والسياسة توفر المناخ لوضع اقتصادي مريح، ولكن هذه القاعدة البدهيّة في عالم السياسة تتعرض للهزات الكبرى حيث ظهر الازدهار الاقتصادي في دول غير منسجمة مع النظام الأميركي (العالمي) المعتل في إدارة العالم.

وها هي بلدان “الجَنُوب” تمثل الآن أكثر من نصف الناتج المحلي الإجمالي العالمي (الناتج المحلي الإجمالي)، وتقود النمو العالمي بمعدلات نمو مرتفعة. على سبيل المثال نسبة النمو الاقتصادي في الصين 11% والهند تقترب من 10% وبقيّة الدول الآسيويّة تكمل الدائرة وتستهلك أكثر من نصف طاقة العالم.

الولايات المتحدة التي انفردت بقيادة العالم منذ انهيار الاتحاد السوفيتي لم تعد سياسيّا وأمنيّا تقسم العالم إلى قسمين بل أصبحت التكتيكات (ربما الاستراتيجيات) الأميركيّة تقسم “البلد الواحد” إلى حلفاء وخصوم.

وفي العالم الإسلامي كانت هذه السياسات أوضح لأن نتائجها مسلسلات من الصراع والدم نتيجة إصرار المخطّط الأمريكي على عدم التعامل تحت الشمس مفضلا النزول إلى الأقبية السريّة للتعامل مع الأشخاص والجماعات بل وحتى الميليشيات المسلحة. الصين من جهتها مشغولة بحلمها الكبير، وروسيا تعلّمت الدرس وتتّفق الاثنتان على أن النظام الرأسمالي المتحكم به هو ما سينعش الاقتصاد وحين ينتعش الاقتصاد فالميدان الدّولي سيرحب بالناجحين وستتغير التحالفات سياسيّا وعسكريّا إذا اقتضت الحاجة.

شاهد أيضاً

أحلام مقتدى الصّدر وأوهام مناصريه

بقلم: فاروق يوسف- النهار العربيالشرق اليوم– عندما يُشفى العراقيون من عقدة اسمها مقتدى الصدر يكون …