الرئيسية / مقالات رأي / حكومة «طالبان» الأولى

حكومة «طالبان» الأولى

افتتاحية صحيفة “الخليج”

الشرق اليوم – وأخيراً، أعلنت حركة طالبان حكومتها، لكنها بتراء غير مكتملة، وما أعلن منها من حقائب وزارية استحوذت عليها الحركة، خصوصاً الوزارات السيادية الوازنة، مثل رئاسة الحكومة ووزارات الخارجية والدفاع والاستخبارات والداخلية والمالية والعدل. ورغم إعلان المتحدث باسم طالبان ذبيح الله مجاهد الذي عيّن وكيلاً لوزارة الإعلام، بأن الحكومة هي «لتصريف الأعمال»، لكن بدا أنها استبعدت القوى السياسية والقبلية الأخرى، واحتكرت الحقائب الأساسية لنفسها، وتركت هامشاً لمشاركة الآخرين في وقت لاحق في وزارات ما زالت شاغرة.

قد يقال إن المنتصر في أي حرب هو الذي يفرض شروطه، ويشكل النظام الذي يريده، أو الحكومة التي يرى أنها تحقق برنامجه، لكن وضع أفغانستان في ظل حكم طالبان، يقتضي مقاربة مختلفة تماماً، إذا كانت الحركة تريد فعلاً أن تكون جزءاً من المجتمع الدولي، وتحظى باعتراف الدول الأخرى.

المنطق يقول، إن على حركة طالبان أن تقوم بمراجعة ذاتية لنهجها السابق، والتخلي عن سياسات لم تعد تصلح لأفغانستان بعد عشرين عاماً من الحروب والنزف البشري، وبعد التحول الذي طرأ على البنى السياسية والاجتماعية والثقافية للشعب الأفغاني، من حيث الحريات، والتعليم، والمجتمع المدني، ودور المرأة.. إلخ.

كان مأمولاً أن تكون طالبان قد أدركت هذا التغيير، وأعادت النظر في منهجها الذي اعتادت عليه، وأدركت أن السلطة بحد ذاتها، من دون مراعاة التغيير الذي طرأ خلال السنوات العشرين الماضية، لن تؤدي إلا إلى مزيد من الفوضى وربما الحرب الأهلية.

لذا، فإن إعلان مثل هكذا حكومة، وفي مثل هذا التوقيت، ومن دون مشاركة القوى الأخرى، رغم الإعلان عن «نقاشات ومحادثات مع مختلف الأطياف والقبائل»، كي تكون جزءاً من الحكومة، يعطي انطباعاً عن التوجهات المقبلة، خصوصاً مع استحواذ الحركة على المناصب الرئيسية، ما يعني أنه يمكن إعطاء الحقائب الثانوية لبقية المكونات السياسية والقبلية.

إذا أرادت حركة طالبان الاندماج في المجتمع الدولي، وتكون عنصراً فاعلاً فيه، فإنه يتعين أن تكون حكومتها حكومة وحدة وطنية شاملة جامعة، تشمل مكونات الشعب بأطيافه المختلفة، لكي تحظى بالاعتراف الدولي، خصوصاً أن معظم دول العالم تراقب الخطوات السياسية للحركة، وطريقة تعاطيها مع الشأن الداخلي من حيث المشاركة السياسية والتزام القانون الدولي وحقوق الإنسان.

دول العالم تتعامل الآن بحذر مع «طالبان» لأنها تدرك صعوبة المرحلة التي يعيشها الشعب الأفغاني، وحاجته الملّحة للدعم والمساعدة، وسط تحذيرات من «كارثة إنسانية» قد يتعرض لها، إذا لم يتم توفير المساعدات الغذائية والصحية العاجلة، وهذا ما يجب أن تدركه طالبان وتعمل على معالجته من خلال الانفتاح الداخلي والخارجي والخروج من قمقم الماضي.

شاهد أيضاً

“وستڤاليا” معاهدة أنهت الحروب الدينيّة، ولكن..

بقلم: حسن إسميك- النهار العربيالشرق اليوم– بدأتُ هذه السلسلة تحت عنوان عريض هو “هل تجاوزت …