الرئيسية / مقالات رأي / Financial Times: تهديد الجهاديين سيظل قائمًا تحت حكم طالبان في كابول

Financial Times: تهديد الجهاديين سيظل قائمًا تحت حكم طالبان في كابول

BY: Raffaello Pantucci

الشرق اليوم – يشير الهجوم الذي شنه تنظيم «داعش في خراسان» على مطار كابول، الشهر الماضي، إلى نهاية قاتمة لتورط الغرب في أفغانستان، حيث انتهى التدخل الذي بدأ كرد على هجمات 11 سبتمبر 2001 الإرهابية بمذبحة لكل من الأمريكيين والأفغان.
كما يسلط هذا الهجوم الضوء على مدى تعقيد التهديد الإرهابي الموجود في منطقة جنوب آسيا، التي أصبحت الآن تضم مجموعة من الجماعات المختلفة التي تمثل تهديدًا يبدو أنه سيظل مؤثرًا على المستوى الإقليمي فقط على المدى القصير إلى المدى المتوسط، ولكنه حتمًا سيؤدي إلى حالة من عدم الاستقرار ستؤثر على الغرب على المدى الطويل.
وقد كان التهديد الذي يشكله تنظيم القاعدة واضحًا للجميع بشكل كبير، حيث إنه لطالما استخدم أمواله وموارده لدعم حركة طالبان، وهو ما مكنها من تأسيس بنية تحتية إرهابية في كابول استطاعت استخدامها في حربها المقدسة ضد الغرب وأنصاره المرتدين في العالم الإسلامي، في الوقت الذي ركزت فيه الجماعات الأخرى، التي عملت من أراضي أفغانستان، على تهديد خصوم آخرين، لكنها كانت تعمل وفقًا لنفس المبدأ أيضًا.
وهناك الكثير من المخاوف الآن من أن يتم تكرار ما حدث سابقًا مرة أخرى، ولكن سيظل التساؤل عن إمكانية أن تنقلب طالبان على تنظيمات مثل القاعدة التي قاتل رجالها إلى جانبها في صراعها الذى استمر لمدة عقدين ضد الولايات المتحدة مفتوحًا، وحتى لو افترضنا أن الحركة قد تمكنت من احتواء القاعدة، فإن الأخيرة لم تعد تمثل التهديد الوحيد في كابول.
وهناك الآن حالة من الهستيريا حول تنظيم «داعش في خراسان»، وذلك بالنظر لأنه قد أثبت قدرته على الصمود، وبسبب كونه أحد فروع تنظيم «داعش» الذي لا يزال يتمتع بنفوذ كبير بين المجتمع الجهادي العالمي.
وقد لاحظت من خلال متابعة المحادثات المنتشرة عبر الإنترنت أنه من المحتمل أن يغادر المقاتلون بلاد الشام للذهاب إلى كابول التي تبدو الآن بيئة مواتية للجهاد، وهو الأمر الذي قد يدفع «داعش في خراسان» لتخصيص المزيد من الموارد لإنشاء خلافة صغيرة في جزء من أفغانستان، أو نشر العنف في المنطقة لإعادة بناء اسمه المشوه.
ولكن يتعين علينا وضع كافة هذه التهديدات في حجمها الطبيعي، حيث أصبح رجال الأمن في الغرب أفضل بكثير الآن في اكتشاف الأنشطة التي يمكن أن تتحول إلى هجمات على أرضها، وهو ما يعني أن الخطر الأكبر الذي تمثله هذه التنظيمات هو خطر إقليمي، فمن المرجح أن نشهد تفاقم المشاكل الداخلية في باكستان، وذلك بسبب إمكانية محاولة المتطرفين المحليين تحقيق انتصار طالبان في بلادهم، فضلًا عن إمكانية أن تؤدي زيادة انتشار الأسلحة والمسلحين العاطلين عن العمل إلى خلق حالة مفاجئة من العنف في البلاد، وهو الأمر الذي قد يحدث في الهند أيضًا، وهو ما سيؤثر بدوره على إسلام أباد ولكن بشكل غير مباشر.
وهناك العديد من الأسباب التي تدعو للشعور بالقلق في منطقة آسيا الوسطى، وذلك لأن هذه المنطقة قد شهدت عددًا من الحوادث الإرهابية المرتبطة بالتنظيمات الموجودة في أفغانستان خلال التسعينيات وأوائل العقد الأول من القرن الـ21.
كما تعمل إيران الآن على تعزيز علاقاتها مع طالبان، ولكن حتى الآن لا توجد علاقات ودية بين كابول وطهران، كما أنه صحيح أن كلًا من الصين وروسيا قد تكونان راغبتين في الاستمتاع بإذلال الغرب، لكنهما تدركان أنهما أقرب بكثير إلى التأثر بالتهديدات المحتملة التي قد تنتشر بسبب هذه التنظيمات، ولذلك فإنه من المحتمل أن تحاول التنظيمات التي تستهدف هذه البلدان الاستفادة من فرض طالبان سيطرتها في البلاد لتحظى بشكل من أشكال الوجود في أفغانستان.
ولكن يبدو أن الغرب أقل عرضة للتعرض لخطر هذه التنظيمات، إلا أن هذا لا يعني استبعاد التهديد المحتمل، وذلك لأن المملكة المتحدة، على سبيل المثال، لديها روابط عميقة مع منطقة جنوب آسيا، التي جعلت المملكة معرضة للعنف الإرهابي في الماضي، وهو ما قد يفسر سبب الزيارة الأخيرة لرئيس الـ«إم آي ٦» إلى باكستان، إذ إن هناك تلميحات إلى أن التنظيمات الإرهابية قد باتت تعمل الآن على إعادة بناء قدراتها من جديد، فضلًا عن وجود تقارير تشير إلى أن الجهاديين يتطلعون إلى الانتقال من سوريا إلى أفغانستان، إلا أنه يبدو أنه على المديين، القصير والمتوسط، ستكون التهديدات الأكثر احتمالًا هي تلك التي يقوم بها الذئاب المنفردة دون توجيهٍ من أي تنظيم.
ومن المرجح أن يكون التهديد الأكثر إلحاحًا من أفغانستان الآن محليًا، وذلك سواء من خلال انتشار «داعش في خراسان» على المستوى الإقليمي، أو أن يقوم باستخدم المتطرفين في كابول لشن هجمات في البلدان المجاورة، أو أن تعمل التنظيمات على اتباع مسار حركة طالبان للإطاحة بالحكومات المحلية، وهو ما يفرض مجموعة مختلفة للغاية من التهديدات لقوات الأمن الغربية في وقت يتلاشى فيه الاهتمام بالتهديدات الإرهابية.
وهنا يكمن الدرس الأساسي الذي يتعين علينا تعلمه من الحرب الأمريكية التي استمرت لمدة 20 عامًا في أفغانستان، وهو أنه إذا لم تهتم الحكومات فإن المشاكل ستتفاقم وتظهر بشكل مفاجئ، وهو الأمر الذي حدث في العراق، حيث أدى الانسحاب الأمريكي في أواخر العقد الأول من القرن الحالي إلى خلق بيئة ساعدت في تكوين تنظيم داعش.
وفي حين أنه من غير المحتمل أن تظهر نفس الرواية بالضبط في أفغانستان، إلا أن نفس السياق يبدو موجودًا لظهور تهديدات إرهابية مماثلة، فربما غادرت الولايات المتحدة وحلفاؤها أفغانستان، ولكنهم لا يستطيعون فك ارتباطهم بها.

ترجمة: المصري اليوم

شاهد أيضاً

حدود “خلاف” بايدن ــ نتنياهو… فوق أنقاض رفح

بقلم: إياد أبو شقرا- الشرق الأوسطالشرق اليوم– ما زلتُ حائراً في تقدير قرار الرئيس الأميركي …