الرئيسية / مقالات رأي / استقرار العراق.. والأمن القومي العربي

استقرار العراق.. والأمن القومي العربي

بقلم: علي بن سالم الكعبي – الاتحاد الإمارتية

الشرق اليوم- دعماً للعراق الذي يسعى جاهداً لاستعادة دوره الإقليمي والاضطلاع بدوره الريادي المتميز في قضايا وأزمات المنطقة؛ شاركت الإمارات بوفد رفيع المستوى في قمة دول الجوار العراقي التي احتضنتها بغداد يوم السبت الماضي 28 أغسطس، وذلك بهدف استعادة العراق دوره الإقليمي بعد عقود من الغياب.

الحضور الإماراتي في هذه القمة يؤكد عمق العلاقات التاريخية التي تربط بين البلدين، ويعكس رغبة الإمارات في مساندة العراق لتحقيق الاستقرار فيه، وبما يصب في صالح استقرار المنطقة. ليس سراً أن العراق يعاني من رغبة بعض الأطراف الإقليمية في مواصلة استغلال ظروفه واستكمال السيطرة على مقدراته والتحكم في سياساته، مباشرة أو عن طريق الوكلاء، فجميعهم يتربصون شراً بالحكومة العراقية، التي تتجه سياستها نحو استقلال القرار العراقي، وبناء الدولة على أساس المواطنة، والمواطنة فقط.

كل شيء بات مستباحاً في العراق، سيادته، استقلال قراره، وحدة شعبه، وكذلك وحدة أراضيه. واليوم قبل الغد لا بد من إخراج العراق من دائرة الاستغلال المرفوض من قبل أغلبية العراقيين الذين بدأوا بالتظاهر منذ عام 2019، وأعلنوا جهاراً نهاراً أن لا مكان للتدخلات الخارجية المغرضة في العراق، وهي التي تغلغلت في مفاصل الدولة العراقية ومؤسساتها فأفسدتها، وجعلت لها أذرعاً طائفية تعمل من أجل تحقيق مصالحها فقط.

وفي كثير من الأحيان نجد أن التدخل في شؤون العراق يتجاوز الحدود والأعراف ويتمادى في محاولات انتهاك سيادة العراق واستباحة أراضيه بتنفيذ عمليات متكررة في الشمال، إلى جانب الضغط عليه من خلال المياه، مع تزايد الأطماع في السيطرة على بعض المناطق الكردية، وبالتالي الهيمنة على النفط بحجة محاصرة الحركات الانفصالية. ما يحصل في أفغانستان حالياً – وهي التي سقطت عام 2002 قبل بغداد بسنة واحدة – فجّر جدلاً واسعاً على مستوى النخب والسياسيين والمراقبين ممن يرسمون السيناريوهات ويضعون كافة الاحتمالات لما يمكن أن يحدث داخل العراق في حال الخروج الأميركي والنهائي منه بالرغم من أن وضعه مختلف تماماً عن وضع أفغانستان، وفي المقابل تسعى حكومته لإجراء الاستحقاق الانتخابي للبرلمان في أكتوبر المقبل، ونأمل أن تعبّر الانتخابات عن كافة أطياف الشارع العراقي، وهو الأمر الذي سيؤكد – إن تم – مواصلة العراق تعافيه في ظل حكومة مصطفى الكاظمي التي تحاول جادة وجاهدة تلبية تطلعات الشعب العراقي، ليس فقط من خلال توفير احتياجاته الأساسية وتوفير فرص العمل، إنما من خلال تحقيق الأمن والأمان، ومواجهة أي تهديد تمارسه الميليشيات المسلحة.

لا شك أن استقرار العراق واستتباب أمنه وتحقيق مصالح شعبه هي أمور تصب مباشرة في صالح الأمن القومي العربي، لكن هذا يتطلب التخطيط من قبل قيادته من جانب، ومن جانب آخر الدعم من قبل الأشقاء والأصدقاء. الواضح والملموس أن العراق يريد قطع أشواط مهمة لتعزيز حضوره العربي والإقليمي بسرعة أكبر وبنتائج أوسع نطاقاً، وهو الذي سبق وخطا خطواتٍ مهمة لإحياء روابطه العربية والاندماج مجدداً في عمقه الاستراتيجي، خصوصاً فيما يتعلق بالتعاون الاقتصادي والتنسيق السياسي مع دول الخليج، ثم عمل على توسيع دائرة التفاهم الإقليمي لتشمل صيغاً من التعاون الاقتصادي والتنموي مع كل من الأردن ومصر.

إن العراق اليوم أحوج ما يكون لدعم ومساندة أشقائه العرب ومحيطه على وجه الخصوص من دول الجوار، ولهذا لم تتأخر الإمارات عن تلبية نداء الواجب، معلنة وقوفها مع العراق كي يسترد عافيته ويتجاوز محنته، وينبذ الخلافات المذهبية والطائفية من أجل عراق موحد.

شاهد أيضاً

“وستڤاليا” معاهدة أنهت الحروب الدينيّة، ولكن..

بقلم: حسن إسميك- النهار العربيالشرق اليوم– بدأتُ هذه السلسلة تحت عنوان عريض هو “هل تجاوزت …