الرئيسية / مقالات رأي / انتخابات عراقية سالكة

انتخابات عراقية سالكة

بقلم: يونس السيد – الخليج الإماراتية

الشرق اليوم– حسم تراجع التيار الصدري عن مقاطعة الانتخابات البرلمانية المقررة في العاشر أكتوبر/تشرين الأول المقبل، وإعلان زعيمه الانخراط فيها بقوة، جدل «التأجيل» ورهانات إجرائها في موعدها وفق تحالفات انتخابية جديدة من شأنها التأثير في المرحلة المقبلة في العراق.

منذ إعلان الصدر في منتصف يوليو/تموز الماضي عن انسحاب تياره من المشاركة في الانتخابات، إضافة إلى عدد من القوى والأحزاب، تفاقمت الانقسامات السياسية القائمة أصلاً، وكادت أن توجّه ضربة قوية لجهود حكومة الكاظمي التي أخذت على عاتقها إجراء انتخابات مبكرة، تلبية لأحد مطالب حركة الاحتجاج التي اندلعت في أكتوبر 2019، ولقيت دعماً دولياً وأممياً كبيراً، مشفوعاً بتعديل القوانين الانتخابية وإعادة تشكيل المفوضية العليا للانتخابات؛ إذ كان يصعب إجراء الانتخابات في موعدها مع إعلان حركة الاحتجاج عن مقاطعتها، وغياب أكبر كتلة برلمانية انتخابية، وهي «سائرون» التي يتزعمها الصدر وحصدت 54 مقعداً في البرلمان الحالي من أصل 329 مقعداً. وهناك كثير من القوى السياسية التي دفعت إلى تجاهل المقاطعين، وإجراء الانتخابات في موعدها، سعياً منها إلى استغلال الظروف الناشئة لصالحها والاستفادة منها في حصد مزيد من المقاعد بعد رسم خارطة تحالفات جديدة في البلاد. ولعل الخطوة الأبرز في هذا المجال جاءت عبر محاولة زعيم «حزب الدعوة»، وكتلة «دولة القانون» نوري المالكي، إنشاء تحالف جديد مع القيادات الكردية في إقليم كردستان، وبالتحديد مع زعيم الحزب الديمقراطي مسعود برزاني، وهي الخطوة التي استفزت التيار الصدري، بحسب المراقبين، ودفعته إلى مراجعة موقفه من المقاطعة، ذلك أن التيار الصدري الذي يقيم علاقات جيدة مع الأكراد، كان قد وصل قبيل إعلان الانسحاب بأيام قليلة، إلى حد إعلان تحالف انتخابي من شأنه أن يحدث تغييراً جوهرياً في الساحة العراقية، فيما كانت علاقات المالكي مع قيادات الإقليم يشوبها، ليس الجفاء فقط، وإنما حالة من التوتر والاختلاف طوال سنوات رئاسته للحكومة لدورتين بين سنوات 2006 و2014. 

قد يكون هذا التحرك سرّع من عودة التيار الصدري عن المقاطعة والإعلان عن المشاركة فيها بقوة وحسم، كما جاء في بيان الإعلان، مشفوعاً بالدعوة إلى خوض انتخابات مليونية. لكن ليس هذه الخطوة وحدها، فهناك المرجعية الدينية التي دعمت إجراء الانتخابات في موعدها، وهناك خشية من أن استمرار الانقسامات وتعمقها داخل البيت الواحد ستخلق مخاطر تهدد بإضعاف الجميع، كما أن ترك الساحة للخصوم السياسيين والمنافسين من شأنه تكريس الطبقة السياسية الفاسدة؛ بل تعزيز إنتاج مزيد من الفاسدين، وقد يخلق تحالفات جديدة على مستوى البلاد ككل، من شأنها إحداث تغيير جوهري في الخريطة السياسية، وربما يؤدي إلى إبعاد العراق عن عمقه العربي ويجرِّده من دوره كلاعب محوري في المنطقة والإقليم، بعدما بذل جهوداً جبارة لاستعادة هذا الدور بدعم عربي غير محدود، وبالتالي فالطريق باتت سالكة لترجمة هذا الخيار عبر الاستحقاق الانتخابي المقبل.

شاهد أيضاً

الأمل المستحيل لإسرائيل

بقلم: عاطف الغمري – صحيفة الخليج الشرق اليوم- عندما يطرح مركز بحوث أمريكي مؤيد دائماً …