الرئيسية / مقالات رأي / واشنطن وبكين..علاقات حافة الهاوية

واشنطن وبكين..علاقات حافة الهاوية

افتتاحية صحيفة “الخليج” 

الشرق اليوم – لا يبدو أن العلاقات بين الولايات المتحدة والصين ستأخذ مساراً إيجابياً في المدى المنظور، فالسياسة الأمريكية التصادمية التي انتهجتها إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب ضد بكين تتواصل في ظل إدارة الرئيس جو بايدن؛ بل تأخذ أشكالاً مختلفة من الصراع السياسي والاقتصادي والتقني والمالي، مع تهديدات بالقوة، لكن من دون الوصول إلى حد الصدام المباشر؛ أي أن الصراع بينهما حده حافة الهاوية؛ لأن تجاوزه يضع العالم أمام كارثة كبرى.

هما تدركان أنهما تخوضان حرباً لتسيّد النظام العالمي. الصين تعمل جهدها للوصول إلى الموقع الذي تستحقه، نتيجة ما حققته من إنجازات اقتصادية وعسكرية هائلة، والولايات المتحدة تعمل على كبحها، كي تبقى على رأس هذا النظام الذي احتلته بعد انهيار الاتحاد السوفييتي في مطلع تسعينات القرن الماضي.

هناك قضايا خلافية كثيرة تدخل في هذا الصراع، منها قضية تايوان وبحر الصين الجنوبي والتجارة والتكنولوجيا والأمن السيبراني، إضافة إلى فيروس «كورونا» الذي لا يزال عاملاً متفجراً يُستخدم كإحدى أدوات الصراع.

عاد فيروس «كورونا» ذريعة للاتهامات بين البلدين، فأمريكا تصر على أن مصدره الصين، في حين ردت الأخيرة باتهام أمريكا بممارسة «الخداع» و«تسييس قضية علمية لتشويه سمعتها»، ودعت منظمة الصحة العالمية لإجراء تحقيقات لتتبع أصول فيروس «كورونا» في قاعدة «فورت ديتريك وجامعة نورث كارولينا». 

كما أن قضية تايوان عادت إلى الواجهة، بعد قرار الولايات المتحدة بيع أسلحة لتايوان بقيمة 750 مليون دولار؛ إذ عدّت بكين هذا القرار انتهاكاً للبيانات الثلاثة المشتركة التي صدرت عام 1982، التي تحدد طبيعة العلاقات مع تايوان والصين والتي تنص على قطع العلاقات العسكرية مع تايوان، ووقف مبيعات الأسلحة إليها.

الخارجية الصينية حذرت من تبعات بيع هذه الأسلحة، وقالت: «لن تستطيع واشنطن مطلقاً أن تغير المسار العام للعلاقات عبر المضيق أو عرقلة إعادة توحيد الصين»، وفي لهجة أكثر صرامة، قالت الخارجية الصينية: «لا ينبغي الاستهانة بالإصرار القوي والقدرات الهائلة للشعب الصيني فيما يخص الدفاع عن سيادة البلاد، ووحدة أراضيها».

ثم جاءت الجولة الأخيرة لنائبة الرئيس الأمريكي كامالا هاريس التي شملت سنغافورة وفيتنام تحت عنوان: «تعزيز العلاقات والتصدي للنفوذ الصيني» لتصب الزيت على النار؛ إذ شنت اتهامات غير مسبوقة على بكين، متهمة إياها بـ«الاستقواء على جيرانها في بحر الصين الجنوبي الغني بالموارد»، مؤكدة أن الولايات المتحدة «ستواصل التصدي لمطالب الصين في المياه الآسيوية المتنازع عليها».

تدرك بكين أن واشنطن تواجه شكوكاً عميقة لدى حلفائها في جنوب شرق آسيا، وهي شكوك تتعلق بمصداقيتها في حماية الحلفاء بالمنطقة على ضوء انسحابها المُذل من أفغانستان؛ لذلك هي وضعت جولة هاريس في إطار السعي لتلميع صورة واشنطن وطمأنة الحلفاء. على الرغم من كل هذه الحرب الكلامية المرتفعة السقف، فإن الصراع بين البلدين سيظل عند حافة الهاوية.

شاهد أيضاً

إسرائيل تختار الصفقة بدلاً من الرد الاستعراضي

بقلم: علي حمادة – صحيفة النهار العربي الشرق اليوم– تجنبت ايران رداً إسرائيلياً استعراضياً يفرغ …