الرئيسية / مقالات رأي / الجزائر والمغرب والحكمـة المأمولة

الجزائر والمغرب والحكمـة المأمولة

افتتاحية صحيفة “الخليج”

الشرق اليوم – ما إن أعلنت الجزائر قطع علاقاتها الدبلوماسية مع المغرب، حتى توالت الدعوات إلى الحوار والحكمة، وأعربت دولة الإمارات عن أسفها لهذا القرار، وأكد سمو الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان، وزير الخارجية والتعاون الدولي، حرص الإمارات الدائم على متانة وقوة العلاقات العربية الإيجابية وتطويرها بما يخدم مصالح الشعوب الشقيقة، لا سيما في هذا الظرف العربي الذي يتطلب التكاتف والتضامن في وجه التحديات المستجدة.

أسف الإمارات للخلاف الجزائري المغربي ينبع من رؤية تأمل في مرحلة عربية جديدة تقوم على الأخوة والتعاون بين كل الدول الشقيقة، بعيداً عن المعارك السياسية والأزمات التي لا تسهم إلا في تشتيت الصف العربي، وتفتح المجال للتدخلات الأجنبية التي أثارت العداوات والفتن، خصوصاً بعد أن شهدت دول عربية شقيقة، مثل سوريا وليبيا وتونس ولبنان واليمن، أوضاعاً مأساوية كادت أن تذهب بما تبقى من أسس للدولة الوطنية. فبعد كل هذه المحن وما أسفرت عنه لا يجب أن تستمر التوترات لأنها لن تخدم المصلحة العربية على الإطلاق سواء داخل البلد الواحد، أو على المستوى القومي. 

الجزائر والمغرب فاعلان كبيران في منظومة العمل المشترك واستقرارهما وصفاء الأجواء بينهما مصلحة عربية، وكل الأمل أن يتجاوزا سريعاً هذا الخلاف الطارئ ليعود الوضع إلى طبيعته، فقطع العلاقات والتوترات، لاسيما بين شعوب شقيقة، لن يحل المشاكل بل سيزيدها تأزماً وتعقيداً، ومهما كانت الخلافات عميقة فإن الدبلوماسية كفيلة بجسر الهوة بين الجزائر والرباط اللتين يجمعهما تاريخ مشترك في مقاومة الاستعمار ومعركة التحرر، ويربطهما المصير نفسه لتحقيق تطلعات شعبيهما في التنمية والازدهار والرقي. كما يمثلان عماد اتحاد المغرب العربي الذي مازال ينتظر منذ عقود ولادته الحقيقية مع بقية أقطاره تونس وليبيا وموريتانيا. ولو تم حل الخلافات المزمنة بين الجزائر والمغرب، لأمكن تجسيد ذلك الكيان الكبير الذي يعيش حلماً مضيئاً في ذاكرة الأجيال المتعاقبة.

الأزمة الطارئة بين الجزائر والمغرب ستنجلي قريباً، وهذا من حسن الظن في البلدين الشقيقين، وقد أكد رئيس الوزراء المغربي سعد الدين العثماني أن عودة العلاقات مع الجارة الشرقية «قدر محتوم وضروري»، معرباً عن أمله في أن يتم طي هذه الصفحة المؤسفة قريباً. وحتى من الجانب الجزائري، أكد وزير الخارجية رمطان لعمامرة أن «قطع العلاقات الدبلوماسية لا يعني بأي شكل من الأشكال أن يتضرر المواطنون الجزائريون المقيمون بالمغرب والمغاربة المقيمون بالجزائر من هذا القرار»، وهذا دليل آخر على أن هذا القرار السياسي لن يؤثر في الشعبين، كما يفتح الباب للتفاؤل بأن الخلافات، مهما كبرت، لن يحول دون حلها شيء، لا سيما إذا توافرت الإرادة الفاعلة وتمت المعالجة في كنف الصراحة والشفافية، فالملفات الشائكة بين الجزائر والمغرب آن أوان تجاوزها على أسس تراعي مصالح الطرفين، حتى لا تظل عبئاً تتوارثه الأجيال على حساب مستقبل الشعبين الشقيقين ورصيد تاريخهما المشترك.

شاهد أيضاً

لبنان- إسرائيل: لا عودة الى ما قبل “طوفان الأقصى”

بقلم: علي حمادة- النهار العربيالشرق اليوم– تسربت معلومات دبلوماسية غربية الى مسؤولين لبنانيين كبار تشير …